طالت تأثيرات تداعيات انهيار سعر صرف الجنيه مقابل الدولار سوق اللحوم ، حيث ترتب على تهاوى العملة الوطنية تراجع فى الكميات المستوردة بنسبة تربو عن 60%، فيما يتوقع خبراء أن تشهد أسعار هذه السلعة الاستراتيجية زيادات كبيرة خلال الأيام القليلة القادمة بسبب ندرة الكميات المتوفرة فى الاسواق من اللحوم المستوردة بالتزامن مع عدم كفاية المنتج المحلي.
قال سامى محمد على، مدير قطاع الفروع بشركة النيل للمجمعات الاستهلاكية ، ان الكميات المطروحة من اللحوم بالمجمعات مهددة بالنفاد خلال 10 أيام، بسبب التراجع الحاد فى عملية الاستيراد.
وتوقع ارتفاع اسعار اللحوم بنسبة تصل إلى 10% خلال الفترة المقبلة بسبب ارتفاع تكاليف الاستيراد وصعوبة الحصول على الدولار وعدم توافره بالبنوك، مؤكدا أن المجمعات قامت بخفض هامش ربحها بنسبة 50%، ليصل إلى 3% بدلا من 6% فى محاولة للمحافظة على مستوى الاسعار وعدم زيادتها.
من جانبه قال أيمن سالم، رئيس الشركة المصرية لتجارة الجملة، ان ما يتوافر لدى المجمعات من لحوم يكفى لمنتصف الشهر المقبل فقط.
فيما طالب منير المصرى، رئيس مجلس شركة مصراوى لاستيراد الحيوانات الحية، بضرورة العمل على خفض عدد اعضاء اللجان المشرفة على الاستيراد من الخارج، التى تصل لنحو 6 اعضاء تحمل المستورد أكثر من 44 ألف دولار تعادل 290 ألف جنيه.
وأوضح أن تكلفة النقل الجوى للحوم ارتفعت بصورة مبالغ فيها، حيث وصلت تكلفة تأجير طائرة لنقل 40 طناً لحوم من السودان لمصر 42 ألف دولار أى نحو 277 ألف جنيه، بما يعنى ان تكلفة نقل الكيلو يصل إلى قرابة 7 جنيهات.
وحذر المصرى من احتمال ارتفاع اسعار اللحوم فى مصر بصورة غير مسبوقة، وأنه قد يصل سعر كيلو اللحوم البلدى إلى نحو 120 جنيهاً خلال الشهرين القادمين، نتيجة توقف المستوردين عن استيراد اللحوم خاصة من السودان وكينيا واثيوبيا، وعدم كفاية الإنتاج المحلي.
من جهته قال محمد بركات، مستورد لحوم هندية، ان حركة الاستيراد تشهد حالة من الركود غير المسبوق، وأصبح المستوردون يعجزون عن توفير كميات اللحوم السابق توفيرها، بسبب المعاناة فى توفير العملات الأجنبية بالاضافة التوقف المتكرر للموانئ، مما أدى إلى تخوف من استيراد اللحوم سواء المجمدة او الحية.
وأوضح حسن حافظ، رئيس رابطة مستوردى اللحوم، أن الشركات المستوردة من أثيوبيا والسودان قامت بالفعل بخفض معدلات استيرادها بنسبة 30% بعد ارتفاع اسعار الدولار ونقص كمياته بصورة كبيرة.
وأشار إلى أن مستوردى اللحوم الحية يعانون من ارتفاع رسوم الاستيراد، الأمر الذى ادى إلى توقف استيراد اللحوم الحية منذ يوليو الماضى حيث تم استيراد 8000 رأس حية لم يتبق منها فى السوق سوى 1000 رأس، وهو ما يعنى ان الشهر المقبل سيشهد شحاً كبيراً فى كميات اللحوم المستوردة وهو ما سيؤثر سلباً على الكميات الموجودة بالمجمعات الاستهلاكية.
فى سياق متصل، قال الدكتور علاء رضوان، رئيس رابطة مستوردى اللحوم والدواجن والاسماك، إن ارتفاع سعر صرف الدولار امام الجنيه جعل المستورد يلجأ للحصول على العملة الصعبة من شركات الصرافة بأسعار أعلى من السعر الرسمى تصل إلى 7.22 جنيه بجانب صعوبة فتح اعتمادات مستندية، للمحافظة على احتياطى النقد الاجنبي.
وأضاف أن التذبذب فى أسعار اللحوم ظهر فى الأسواق على أثر أزمة الدولار، حيث قفز سعر كيلو اللحم البلدي، ليصل إلى 95 جنيهاً والكندوز 70 جنيهاً والضأن 70 جنيهاً فى بعض محلات الجزارة، وأن على الرغم من ارتفاع أسعار اللحوم بالسوق المحلي، إلا أن أسعارها العالمية انخفضت إلى حد كبير، حيث يتراوح سعر طن اللحوم فى الهند بين 3300 و3500 جنيه، نتيجة لعزوف كثير من الدول عن استيراد اللحوم من البرازيل والهند نظرا لانتشار جنون البقر والسركوسيست.
وأكد د. رضوان أن سوق اللحوم يعانى حاليا من انخفاض ملحوظ فى حجم المعروض من كميات اللحوم المستوردة، وأن اللحوم من أكثر السلع تأثرا بتغير سعر صر ف الدولار، نظرا لاعتماد الاسواق على الاستيراد من الخارج سواء لحوم حية أو مجمدة أو حتى مستلزمات إنتاج اللجوم المحلية من أعلاف وخلافه.
وأوضح عبدالحميد حمودة، عضو شعبة القصابين، أن سعر كيلو اللحم مستقر عند 60 جنيها للكيلو فى الأحياء الشعبية مقابل 65 و70 جنيهاً فى الأحياء الراقية، وأن زيادة كمية المعروض من الحيوانات فى السوق عن معدلات الشراء.
ولفت إلى أن ارتفاع سعر صرف الدولار بمعدل 30 قرشاً، أدى إلى ارتفاع سعر العلف الذى نستورد 70% من مكوناته خاصة الذرة وفول الصويا، وأن ارتفاع سعر السولار السبب فى زيادة تكلفة نقل العلف والحيوانات من أماكن تربيتها إلى المجازر، ثم إلى محلات الجزارة.
توقع عضو شعبة القصابين استمرار ارتفاع اسعار اللحوم خلال الفترة القادمة، نتيجة انخفاض حجم الاستيراد، وقلة الإنتاج المحلى بعد تخلص اغلب المربين من حيواناتهم بسبب ارتفاع تكاليف التربية.
واكد يوسف ممدوح شلبي، رئيس الادارة المركزية للحجر الزراعي، أن الكميات الواردة من اللحوم المجمدة تراجعت بنسبة لا تقل عن 60% خلال الشهر الجارى على خلفية احداث بورسعيد اضافة لارتفاع سعر صرف الدولار، وأن ميناء بورسعيد لم يستقبل كيلو واحد من اللحوم المستوردة هذا الشهر.
وأوضح أن الثروة الحيوانية فى تراجع ملحوظ خلال السنوات الخمس الاخيرة، الأمر الذى جعل المستورد يتحكم بشكل كبير فى مستوى الأسعار للاعتماد عليه فى سد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك.
ولفت شلبى إلى أن ارتفاع تكاليف الإنتاج والتربية محليا أدت إلى خروج نحو 50% من صغار المربين من السوق بشكل كامل، الأمر الذى يهدد باستمرار الازمة والفجوة بين الإنتاج والاستهلاك خلال السنوات المقبلة.
كتب – محمد عبدالمنصف وإنعام العدوى ورنا فتحى