بقلم: محللو مجلة فورين أفيرز
بعد سنتين من الربيع العربي الذي اجتاح تونس ومصر، يشعر العديد من المواطنين بالاحباط في كلا البلدين مع بطء وتيرة التغيير، وتثبيط الهمم.
وتبدد التوقعات بالحصول علي المزيد من فرص العمل وزيادة الأجور، فضلا عن القلق إزاء بعض الممارسات السياسية السلطوية. واندلعت في الآونة الأخيرة احتجاجات عنيفة في مصر وتونس، وجري اغتيال شكري بلعيد أحد قادة المعارضة البارزين في تونس، ويسخر المراقبون الدوليون علي نحو متزايد بشأن مستقبل الديمقراطية، ويرون أن الربيع العربي قد تحول إلي شتاء إسلامي.
وقد أسهب محللون مثل توماس فريدمان، دانيال بايبس وفريد زكريا، في شرح الأدلة القولية علي الانقسامات الأساسية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتي تقود الأحداث علي أرض الواقع.
وتركزت معظم المناقشات الزاخرة بالمعلومات في كثير من الأحيان علي نظرة قاصرة حيال قوة ونوايا الاسلاميين.
وتعطي التغطية الإعلامية للمنافسات الشرسة في الشوارع، وفي البرلمان، وعبر صناديق الاقتراع الانطباع بأنه سيتم تحديد نتائج عملية الانتقال من خلال تحديد القوة النسبية للإسلاميين والعلمانيين. لكن أبحاثنا الأخيرة مع ذلك تشير إلي خلاف ذلك.
تلقت الأحزاب الإسلامية تأييدا في كل من البلدان – الانتخابات الأخيرة – ليس فقط بسبب وجود تقارب واسع بين الأيديولوجية الإسلامية وطبيعة السكان ولكن أيضا لأن حملات الأحزاب الإسلامية كانت فعالة.
وقبل الدخول في الانتخابات كانت الأحزاب الإسلامية ببساطة أفضل تنظيما، وكان لديها المزيد من الموارد بالمقارنة بالمنافسين.
في مصر، علي سبيل المثال، كان لديهم أربعة أضعاف من الاعضاء وضعف عدد الأفراد المتطوعين للعمل في الحملة الانتخابية بالمقارنة بالاحزاب غير الإسلامية.
وفقا لاستطلاعات الرأي التي أجراها معهد الحوار المصري الدنماركي ومركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.
وأظهرت دراسة حديثة أن 47% من التونسيين و38% من المصريين يشعرون بأن بلدهم أسوأ حالا مما كان عليه قبل الثورة.
وقد كان أداء تونس أفضل من مصر حتي الآن في المرحلة الانتقالية بعد الربيع العربي، مع قدر أقل من العنف وأقل من المظاهرات، ومزيد من الاستقرار السياسي.
هذا يرجع جزئيا إلي أن التحديات تكون أسهل في بلد لا يتجاوز عدد سكانه 11 مليون نسمة، 98% منهم من المسلمين السنة، مقارنة مع مصر الأكثر تنوعا.
ولكن نجاح تونس هو في المقام الأول نتيجة قوة المؤسسات، والتي توفر قناة للحوار السياسي كما أظهرت أبحاثنا أن المصرييين في الواقع، ليسوا أكثر تدينا من التونسيين والفارق في القوة النسبية لمؤسسات الدولة فالمؤسسات في مصر ضعيفة وقد أضعفت بشكل روتيني من قبل أصحاب المصالح الراسخة.
كما أن الأوضاع الجيوسياسية المختلفة تلعب دورا هنا فتونس لها الحد الأدني من الأهمية الاستراتيجية وهو ما يعني أن الدول الأجنبية لديها أسباب أقل للتدخل. ولكن قرب مصر إلي إسرائيل والأراضي الفلسطينية، ومعاهدة السلام عام 1979 مع إسرائيل، ودورها كوسيط بين إسرائيل وحماس جعل التطورات السياسية لها أهمية لاسرائيل والولايات المتحدة.
وبناء علي ذلك تكون مصر معرضة للتدخل الأجنبي خاصة علي صعيد دعم الجيش ليس لأنه كان دعامة للأنظمة الاستبدادية في مصر فقط ولكنه يملك مصالح تجارية كبيرة أيضا حيث تشير التقديرات إلي سيطرته علي نسبة من 10% إلي 30% من الناتج المحلي الاجمالي في مصر.
أما القضاء المصري فله دور فاعل أقوي من تونس ساهم في بعض الأحيان في تقويض العمليات الديمقراطية.
حيث تتقلد الطبقة المدنية والعلمانية الامور في المحكمة الدستورية العليا التي حلت البرلمان الذي يهيمن عليه الاسلاميون والجمعية التأسيسية المنتخبة بطريقة غير دستورية.
كما ان غياب النقابات العمالية الفعالة ساهم أيضا في المشهد الفوضوي في مصر ورغم رحيل مبارك لا تزال الفئة العمالية غير منظمة.
وهكذا يتم تقويض الديمقراطية المصرية بسبب عدم قدرة المؤسسات علي تلبية طلبات المواطنين ودوافع شخصيات عامة مؤثرة تستغل الفجوة بين الإسلاميين والعلمانيين، وبذلك يكون الدرس هو ضرورة التحرك بالأضواء بعيدا عن الانقسام العلماني والاسلامي نحو تحقيق النمو الاقتصادي وتدعيم المؤسسات ويجب علي الولايات المتحدة دعم المؤسسات بدلا من الأشخاص.
إعداد – ربيع البنا
المصدر فورين آفيرز