كشف ماساكي كودو، مسئول قطاع الكهرباء بهيئة المعونة اليابانية بالقاهرة « جايكا »، أنه جارٍ الانتهاء من دراسات الجدوي الخاصة بإنشاء مشروعات رياح في غرب وادي النيل، وذلك لقياس مدي صلاحيتها من حيث سرعة الرياح.
وقال كودو إن المؤشرات تذهب إلي أن هذه المنطقة سوف تجذب قدراً كبيراً من الاستثمارات في هذا المجال، وإن تكلفة دراسة الجدوي تقدر بنحو 2 مليون دولار، وأنه من المتوقع أن تسهم « جايكا » في تمويل مشروع بقدرة 200 ميجاوات في هذه المنطقة إذا تم اثبات صلاحيتها لإقامة المشروع.
وأضاف أنه فيما يتصل بالطاقة الشمسية، انتهت الهيئة مؤخراً من دراسة جدوي مشروع الطاقة الفوتوفولتية بالغردقة قدرة 20 ميجاوات، وبتكلفة تقدر بحوالي 100 مليون دولار، وأن الهيئة في انتظار طلب الحكومة الرسمي لتمويل المشروع.
وأشار إلي أن «جايكا» كانت قد نفذت مشروع محطتين لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بنظام الدورة المركبة بالكريمات، المحطة الأولي في 2006 بتكلفة 132 مليون دولار، والمحطة الثانية في 2008 بتكلفة 117 مليون دولار، لتكون مصر من أولي الدول في العالم التي اعتمدت علي هذه التكنولوجيا الحديثة، حيث تضم كل محطة مولداً للغاز وآخر للطاقة الشمسية.
وأوضح كودو أن مصر شهدت بعد الثورة تحسناً في قطاع الأعمال والاقتصاد، ولكن مازالت هناك حاجة إلي التجاوب مع الاحتياجات المتزايدة، التي تستهدف مواجهة زيادة الطلب علي الطاقة وزيادة معدلات الاستهلاك، التي زادت بشكل ملحوظ العام الماضي.
ولفت إلي أن الحكومة المصرية تسعي لتغطية هذه الاحتياجات عن طريق استغلال مواردها في توليد الطاقة الجديدة والمتجددة، لتكون بديلا عن الوقود الاحفوري، وأنه من هذا المنطلق عاونت هيئة التعاون اليابانية « جايكا » الحكومة المصرية في تنفيذ الخطة الخمسية 2007 ـ2012، التي تخطط لإقامة عدد من المشروعات، التي تستهدف زيادة مساهمة الطاقة الجديدة والمتجددة إلي 20% من إجمالي توليد الطاقة بحلول 2020، بحيث يكون 12% منها من طاقة الرياح، و8% من مصادر أخري.
ووفقا للتقارير التي حصلت عليها «البورصة» من «جايكا» أنها علي مدار الأربعين عاما الماضية شاركت قطاع الكهرباء و الطاقة في تنفيذ 14 مشروعا من بينها 3 مشروعات قيد الدراسة بقيمة تصل إلي 1.7 مليار دولار.
وقال مسئول ملف الكهرباء بـ« جايكا »، إن هيئة المعونة اليابانية تعمل مع قطاع الطاقة والكهرباء علي ثلاثة محاور، الأول يقوم علي تقديم المعاونة للجانب المصري لزيادة قدرة بنيتها التحتية علي توفير المزيد من الطاقة والتحكم في الشبكات والتحسينات في خطوط نقل الطاقة، وأن إجمالي الطاقة المولدة حاليا في مصر يبلغ 72000 ميجاوات، وأنه من المتوقع أن تزداد وذلك مع تزايد معدلات النمو، وبالتالي الزيادة في الطلب علي الطاقة.
وأضاف أن الهيئة نفذت بالفعل مشروع طاقة الرياح بالزعفرانة بقدرة 120 ميجاوات بتكلفة 167 مليون دولار، وجار تنفيذ مشروع رياح آخر بخليج الزيت بقدرة 220 ميجاوات بتكلفة تصل إلي 480 مليون دولار، وجار الآن الإعداد لإقامة عدد من مشروعات رياح في غرب وادي النيل.
وينطلق المحور الثاني، وفقا لـ«ماساكي كودو» من الجهود، التي تقدمها « جايكا » للجانب المصري في مجال تحسين كفاءة الطاقة، فالحكومة المصرية سبق لها أن طلبت من اليابان قرضاً خاصاً بتحسين كفاءة الطاقة، وأن اليابان أبدت استعدادها لتقديم هذا القرض، الذي يقدر بنحو 300 مليون دولار.
وقال كودو إن المحور الثالث للتعاون الياباني – المصري يقوم علي الجهود التي تقدمها الجايكا للحكومة المصرية لتعزيز التطور الفني وبناء القدرات عند المهندسين المصريين عن طريق البرامج التدريبية، التي تعدها « جايكا » في قطاع الطاقة وبالتعاون مع برنامج «تدريب بلد ثالث»، الذي توفره الهيئة، ويهدف إلي توفير تدريب عالي الجودة للمهندسين العاملين في نقل الطاقة بالاضافة إلي تأكيد فهمهم للمهام التي سيقومون بها.
وأضاف أن « جايكا » تقوم أيضا بالمساعدة، علي تعزيز سبل التعاون بين مصر والبلدان المحيطة بها، وذلك من خلال الدورة، التي تعقدها الهيئة بعنوان «الكهرباء لأفريقيا»، التي يتم من خلالها تدريب مهندسي كهرباء 10 بلدان من حوض النيل علي « نظام سكادا» أي إدارة نقل الكهرباء، وذلك علي يد مدربين مصريين، وأن الهيئة تأمل أن تنجح هذه الدورة التدريبية في تسليط الضوء علي التحديات التي تواجه البلدان الأفريقية في مجال الطاقة ومشروعات البنية التحتية.
وأكد كودو أن الاستثمار الياباني في مصر زاد بمعدل ملحوظ بعد ثورة 25 يناير، وأن رجال الأعمال بصفة عامة وليس اليابانيون فقط عندما يبحثون علي بلد ليستثمروا فيه أموالهم يهتمون بالاستقرار الاقتصادي والتشريعي والسياسي في هذا البلد، لذلك فإن المستثمر الأجنبي يتابع الآن تطورات الأوضاع الداخلية في مصر، وأن محور تركيزه يكون علي الطبقة المتوسطة، لأنها الأكثر نمواً واستهلاكاً.
وأشار إلي أنه من الضروري أن تسارع الحكومة المصرية وتعلن عن تقديمها جميع الضمانات القانونية للمستثمرين، وذلك لإعادة بناء الثقة بين الدولة والمستثمر الأجنبي، وأنه علي الرغم من الظروف التي تمر بها مصر إلا أن النظام القانوني في مصر لا يزال مستقرا، وهذه ميزة كبيرة يمكن أن يتم البناء عليها لجذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية.
وأوضح مسئول ملف الكهرباء بـ« جايكا » أنه لا يوجد أي مشاكل قابلت الهيئة في تنفيذ المشروعات، وأنه وفقا للتقارير الدولية، فإن مصر تعد من بين 185 دولة تتمتع بنظام قانوني جيد، وأن « جايكا » سعيدة لزيادة دعمها لمشاريع الطاقة في مصر، وأن زيادة الاستثمارات في مصر مرهونة الآن بحدوث الاستقرار السياسي.
ولفت إلي أن الاستثمار في مجال الطاقة لم يتأثر بالأحداث السياسية، وأن حجم الاستثمارات في قطاع الطاقة المصري لم تشهد أي انتكاسات في أعقاب الثورة، لأن المتعارف عليه أن مصر في حاجة إلي المزيد من المشروعات في هذا القطاع، وذلك لمواجهة معدلات النمو المتزايدة في الاستهلاك، لذلك فإنه من المتوقع زيادة الاستثمارات اليابانية في هذا القطاع.
وأكد كودو أن هيئات التعاون الدولي مثل « جايكا » لا تكترث بالوضع الاقتصادي للبلاد علي المدي القصير، بل تضع المدي البعيد في عين الاعتبار، وتعمل من منظور المديين الطويل والمتوسط، وبالتالي عندما ننظر إلي مصر نراها من أهم الدول الصاعدة خلال العشرة أعوام القادمة.
ووصف مساعي الحكومة المصرية الرامية لزيادة مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ محطات الكهرباء بنظام حق الانتفاع «اي بي بي» بأنها خطوة حكيمة ومطلوبة، لأن هذا النظام يسمح للقطاع الخاص بالاستثمار في الطاقة، وأنه فيما يخص تنفيذ المشروعات يتم اختيار الاستشاري طبقا لشروط « جايكا »، ثم يتم طرحها في مناقصات عالمية وجميع المشروعات التي تم تنفيذها كانت جيدة.
وأشاد كودو بالدور الكبير، الذي يلعبه مرفق تنظيم الكهرباء في دعم وزارة الكهرباء والطاقة، فضلا عن قيامه بوضع قواعد محددة تكفل بدورها تنظيم سوق الطاقة في مصر، و فتح المجال أمام القطاع الخاص للاستثمار.
وقال كودو، إن المؤتمر الذي عقد مؤخراً بين وزارة التخطيط والتعاون الدولي وهيئة التعاون اليابانية «جايكا» يعد بمثابة خطوة أولي لتبادل الخبرات بين مصر واليابان وتركيا واندونيسيا في مجال التخطيط والتعاون الدولي، وأن هناك العديد من الدول، التي كافحت من أجل الوصول إلي اقتصاد مستقر، وبالتالي علي مصر أن تستفيد من تجارب هذه الدول.
وأضاف أن الحياة لن تصبح أفضل في وقت قصير بعد الثورة، وأن اندونيسيا احتاجت إلي 6 سنوات حتي استعاد اقتصادها تماسكه، وذلك بعد سقوط الديكتاتور سوهارتو في عام 1998، ولقد عانوا كثيراً، و تحلوا بالصبر، وها هي إندونيسيا واحدة من أقوي الاقتصاديات الناشئة في آسيا.
ولفت إلي أن الاستثمار الأجنبي يسهم إسهاماً عميقاً في الخطة الرئيسية للتنمية الاقتصادية، فقد كان إحدي القوي الدافعة للتنمية في تركيا، وأنه في وقت من الأوقات قامت الحكومة التركية بدعوة كل المستثمرين، وناقشت معهم احتياجاتهم ومطالبهم ليزيدوا من استثماراتهم، ومن هذا المنطلق أصبحت تركيا من أكثر البلدان جذباً للاستثمار.
كتبت – نوران محمد