الحديث عن ضرورة توجيه استثمارات مصرية الي القارة السمراء لا يزال يجري علي ألسنة خبراء الاقتصاد والحكومة علي حد سواء، لأنها حسب قولهم، ستعيد تنشيط الدور السياسي والاقتصادي لمصر في أفريقيا ، الذي تراجع علي مدار عقود ثلاثة مضت هي فترة حكم الرئيس السابق حسني مبارك.
في هذا الشأن وصف محمد البهنيهي، رئيس لجنة الطرق والنقل بجمعية مستثمري أسوان، الوجود المصري في أفريقيا بأنه غائبا حتي إشعار آخر، وقال في حواره مع “البورصة” إن التواجد المصري علي المستويات السياسية والاقتصادية ضعيف جدا، ولا يرقي أبدا إلي مستوي الشركات الصينية والهندية، التي تتوغل بشكل غير مسبوق في كل البلدان الأفريقية.
ويشغل البهنيهي عضوية مجلس ادارة مجموعة شتات للاستثمار احدي الشركات الاستثمارية التي تعمل بالسوق الافريقية منذ عام 2010 وتتخصص المجموعة في مشروعات الطرق والزراعة وتجهيز المنشآت الطبية.
وأضاف أن مجموعة “شتات” تنتظر نتيجة مناقصة افريقية، وذلك لتنفيذ طريق كينيا – تنزانيا الدولي، الذي تتنافس عليه مع 48 شركة عالمية لم يكن من بينها أي شركات مصرية، وذلك علي الرغم من أن مصر بها شركات رائدة في مجال انشاء الطرق.
وأوضح البهنيهي أن عوائد الاستثمار في أفريقيا في الغالب أعلي مقارنة بعوائد الاستثمارات المحلية، لأن المستثمر يحسب جيدا حساب المخاطرة، وعلي الرغم من ارتفاع عوائد الاستثمار يندر وجود شركات مصرية في بلدان أفريقيا، لأنها علي حد قوله تخشي المخاطرة.
وأشار إلي أن “الفتح للمقاولات” إحدي الشركات التابعة لمجموعة “شتات” توشك علي الانتهاء من طريق “دنقلة – ارقين” الحدودي بين مصر والسودان، وهو عبارة عن وصلة بطول 362 كم هي المتبقية من الطريق البري، الذي يصل القاهرة بالخرطوم من خلال الجانب السوداني بتكلفة استثمارية تبلغ 140 مليون دولار.
وأكد رئيس لجنة الطرق بجمعية مستثمري أسوان ان فرص الاستثمار في الدول الافريقية كثيرة جدا خاصة في ليبيا وجنوب السودان وأثيوبيا، وأن الأخيرة تطلب شركات لتنفيذ الطريق الذي يربط شمال أفريقيا بجنوبها، كما تحتاج دولة تشاد شركات جادة لتنفيذ 5 طرق رئيسية بها، فضلا عن أن دولة أوغندا طرحت مؤخرا مناقصة لتنفيذ عدد من الطرق المهمة بها، وعدد من مشروعات البنية التحتية في مورشيوس، وكلها مرسل بها خطابات إلي الخارجية المصرية.
وكشف البهنيهي أن جنوب السودان دعت “الفتح للمقاولات” لبحث انشاء مطار “كواجوك” بولاية وراب جنوب السودان، وذلك بالتعاون مع شركة محلية بدولة جنوب السودان وهي “ميليبرون كول”، وذلك بتكلفة استثمارية قدرها نحو 300 مليون دولار.
وكشف أن “شتات” تساهم بنحو 10 % في تأسيس شركة “اجروجيت”، التي أعطتها الحكومة السودانية امتياز لزراعة 2 مليون فدان شمال السودان، وأن المجموعة تقوم الآن علي تأسيس شركة “أرقين”، التي تهدف إلي استصلاح 10 آلاف فدان جنوب الحدود المصرية السودانية من ضمن الأرض، التي منحتها الحكومة السودانية لشركة “أجروجيت”.
وقال عضو مجلس ادارة جمعية مستثمري اسوان إن الانفلات الامني أصبح أحد أهم العقبات امام مستثمري الصعيد، وأن اصحاب المزارع الحيوانية في الصعيد يخشون نقل الماشية إلي القاهرة بسبب الاوضاع الامنية المنفلتة، وأن انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار، وعدم الاستقرار السياسي صار مبعث قلق لدي المستثمرين الراغبين في العمل في السوق المصرية.
وأضاف أن الاستثمار الزراعي في مصر يحتاج جهوداً حقيقية من جانب الحكومة لتذليل العقبات أمام المستثمرين في هذا المجال، لاسيما أن المساحة المزروعة في مصر لا تتعدي 8.7 مليون فدان، وأنها لا تكفي لسد الفجوة الغذائية، التي تعانيها مصر، وأن سد هذه الفجوة يستوجب رزاعة نحو 1.25 مليون إضافية.
ولفت البهنيهي إلي أن بعض الدراسات تذهب إلي وجود مناطق كثيرة يمكن زراعتها لسد هذه الفجوة الغذائية مثل توشكي، وجنوب منخفض القطارة، ومنطقة الفرافرة في الوادي الجديد، وأخيرا، منطقة وسط سيناء، لكن العقبة، التي تقف أمام زيادة الاستثمارات الزراعية تتمثل في عدم وجود نظام واضح لتمليك الأراضي الجديدة للمستثمرين، وأن تمسك الحكومة بطرح أراضي الاستصلاح بنظام حق الانتفاع يعطل مسيرة التنمية الزراعية.
وأوضح أن المستثمرين رفضوا عروض حق الانتفاع سواء 25 سنة او 49 سنة، لذلك تتجه الحكومة إلي إقرار نظام حق الانتفاع الذي ينتهي بالتملك، وهي عروض لا تزال في مرحلة المناقشة بمجلس الوزراء.
وأكد البهنيهي أن شركة “الفتح” للانتاج الزراعي التابعة لمجموعة “شتات” تنتج أنواعاً عديدة من العنب عديمة البذور، التي تخصص للتصدير إلي انجلترا وروسيا وبلجيكا، والتي منها العنب السوبيريور والفيليم، وذلك في مزارعها الكائنة في محافظات الوجه القبلي في صعيد مصر، وأن الشركة تنتج 1200 طن من العنب سنويا، وتستهدف انتاج 2000 طن هذا العام.
وتشارك “شتات” في النشاط الطبي من خلال مصنع e-mid لانتاج الاجزاء الخاصة بجراحات العمود الفقري من شرائح ومسامير والاجزاء، التي يتم زراعتها داخل جسم الانسان بحجم استثمارات 12 مليون جنيه.
قال عضو مجلس إدارة مجموعة “شتات” إن المجموعة حصلت في 1985 علي توكيل شركة smith and nephew، وذلك لتوريد مستلزمات جراحات العظام والاجزاء، التي تزرع داخل جسم الانسان، وأنه تم تأسيس مصنع “e –mid ” في 2003 علي اثر تحرير سعر الدولار لتصنيع هذه الاجزاء محليا، وانه حصل بعدها علي شهادة ce mark، التي تسمح بتصدير منتجاته.
وأضاف أن “شتات” تقوم الآن علي تنفيذ مستشفي “عصفور التخصصي” بشبرا الخيمة بتكلفة 100 مليون دولار شاملة تكاليف الانشاءات والتجهيزات الطبية، وأن المستشفي تقام علي مساحة 30 ألف متر مربع، حيث تشغل المباني 25% من هذه المساحة، بينما تخصص باقي المساحة لاقامة مناطق خضراء.
وأوضح أن مستشفي “عصفور التخصصي” يعد أكبر المشروعات الطبية في مصر خلال السنوات الأخيرة، فالمستشفي تقام بسعة 500 سرير و13 غرفة عمليات، و29 عيادة خارجية ووحدات استقبال، فضلا عن أنه سيلحق بها أكبر مستشفي في العالم لعلاج الحروق بسعة 80 سريراً مخصصة لعلاج الحروق، لتتخطي بذلك مستشفي هيوستن بأمريكا، التي كانت تعد أكبر مشفي في العالم لعلاج الحروق بسعة 40 سريراً.
وذكر البهنيهي أن “شتات” ستقوم قريبا بعد الانتهاء من أعمال المستشفي، بتسليمه إلي مؤسسة عصفور الخيرية مالك المستشفي، لتبدأ الإجراءات الخاصة بالافتتاح والتشغيل، علما بأن المستشفي سيقدم جميع خدماته بالمجان.
كتب – أحمد العادلي