تعاني أمريكا اللاتينية من انتشار جماعات العنف والشباب من مثيري الشغب نتيجة إرث طويل من الفقر والجهل خلفته الحقبة الاستعمارية، لكن التعليم وبرامج التاهيل المجتمعي والمهني كانت كفيلة بالحد من تلك الظاهرة والمساهمة في جهود السيطرة عليها خاصة في ظل انتشار جماعات الاتجار في المخدرات والبشر.
وفي المدن الواقعة فوق التلال وفي أحضان الجبال قد تكون ميزة وجود الشباب اليافع الذكي خطراً علي البلاد، حيث يكونون ضحايا الاهمال من الدولة ويقعون في براثن العنف المسلح في الغابات والجبال ويعيشون بدون مأوي أو وظيفة أو أي أمل في الحياة ليكون مصيرهم في النهاية إلي جماعات العنف وتهريب المخدرات حيث الفقر في أعلي مستوياته.
فكثير من هؤلاء الشباب في كولومبيا بحسب تقرير لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية يكونون رأسمال شبكات الخطف والقتل وتهريب المخدرات.
وفي كولومبيا التي يعرفها العالم بالمصدر الرئيسي لتجارة الكوكايين، كان هناك تحول كبير في «ميلادين» ثان أكبر مدنها والمعروفة بهذا النوع من التجارة وأعمال العنف المتكررة نتيجة الصراع بين عصابات التهريب.
يعود الفضل في هذا التغيير إلي سيرجو فيجارادو محافظ ولاية انتيكيا والعمدة السابق لهذه المدينة وهو شخصية بارزة درست في الرياضيات في الولايات المتحدة وعمل علي زيادة الانفاق علي التعليم حيث اعتقد في أن الاستثمار في الشباب الصغار سيؤدي إلي تنمية مهاراتهم عبر المدارس والجامعات وبرامج الأندماج أو اعادة الاندماج في المجتمع مع الاخذ في الاعتبار البعد البدني والتعليم الاجتماعي والتدريب المهني.
وكان من– بين هذه البرامج حملة تحمل عنوان «كي تحصل علي راتب جيد» والذي تم تنفيذه مع مؤسسة الشباب الدولية «أي واي إف» واستفاد منها الكثيرون بداية من عام 2008.
ومثلت هذه البرامج المحدودة نسبياً قاعدة انطلاق لمزيد من الخطط الاقليمة في امريكا اللاتينية والتي كانت أكثر طموحا، وقد شجعت هذه التجارب الناجحة بنك التنمية في امريكا علي التعاون مع مؤسسة الشباب الدولية وشركات أخري في المنطقة من اجل اطلاق مشروع لفرص التوظيف في ابريل 2012 خلال اجتماع لدول الامريكتين في مدينة كارتجينا.
وأسفر هذا البرنامج عن بناء شراكة قوية بين حكومات المنطقة ومنظمات المجتمع المدني وشركات قدمت خدمات التدريب وايجاد فرص العمل حيث كان الدور الاكبر يقع علي القوي المدنية أكثر من الحكومية بهدف خلق مليون فرصة عمل للشباب من سن 16 إلي 29 خلال العقد المقبل في امريكا اللاتينية والكاريبي حيث تم التركيز علي الشباب الأصغر البالغ عددهم نحو 32 مليون نسمة في المنطقة كلها حيث يعاني واحد من كل خمسة منهم من التسرب منم التعليم وعدم القدرة علي الحصول علي وظيفة حيث تكون البطالة بينهم 13% بالمقارنة بمتسوط عام 5% للقوي العاملة بينما نسبة الوظائف في القطاع الاقتصادي غير الرسمي حوالي 50% من طاقة العمل في دول المنطقة.
كما يهدف البرنامج إلي خلق فرص عمل لـ 50% من الحاصلين علي تعليم جامعي بالإضافة إلي زيادة عدد المشاركين في تقديم خدمات التدريب إلي 200 مدرب وخبير مهني ليعملوا في البرازيل وتشيلي وكولومبيا وجمهورية الدومنيك والمكسيك وبنما وبيرو وأرورجواي.