جذب الدولار أنظار المهتمين بالتغيرات في اتجاهات الاسواق في عام 2013 حيث بدأ يغير من طبيعة علاقته مع أسواق المال التي كانت دائما ما تسير في عكس الاتجاه، حيث أكد الخبراء أن العملة الأمريكية بدأت اتجاها صاعدا سيمتد لسنوات لينتهي عصر الدولار الرخيص ويسجل مستويات تاريخية.
ويري تقرير لصحيفة «فاينانشيال تايمز» أن الآمال في الانتعاش في الولايات المتحدة أدت إلي تحول كبير في الطريقة التي تتحرك بها العملة الأمريكية يمكن أن تعيد تشكيل سوق تداول العملات الأجنبية.
وارتفع الدولار منذ بداية هذا العام بالتوازي مع الأسهم الأمريكية، في تناقض حاد مع معظم الفترة الماضية منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية في 2007.
ويشير تقرير الصحيفة إلي أن الفترة التي أعقبت انهيار بنك ليمان سجلت مساراً معاكساً للدولار في مقابل الأسهم الأمريكية في ظل مخاوف المستثمرين بشأن النمو في منطقة اليورو والصين، والولايات المتحدة نفسها حيث اتجهوا للأصول الأكثر أمنا ومنها سندات الخزانة الأمريكية وانسحبوا من سوق الأسهم، بما في ذلك ستاندرد آند بورز 500 وقد استفاد الدولار من هذا التحول وصعد في الاتجاه المعاكس للأسهم.
ومع عودة الشهية للمخاطرة مرة أخري في العام الماضي ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 7% في أول شهرين من العام ولكن الدولار تراجع مع اقبال المستثمرين علي استخدامها لتمويل صفقات تحتمل المخاطرة في مكان آخر.
هذا العام ورغم صعود كليهما فقد اكتسب مؤشر سعر صرف الدولار أكثر من 2%، في حين أن ستاندرد آند بورز حقق أكثر من 6%.
وكشفت احصاءات صادرة عن بنك HSBC أن المسار العكسي بين الدولار والاسهم الامريكية تخطي أدني مستوي له منذ مايو 2011.
ويعتقد المحللون والمستثمرون أن السبب في هذا الاتجاه الجديد للعلاقة بين الدولار والاسهم يعود إلي مزيج من فروق أسعار الفائدة، وارتفاع الين الياباني بدلا من الدولار الأمريكي كعملة تمويل دولية، وأن المستثمرين الأمريكيين فضلوا البقاء في للمضاربة في سوق بلادهم.
أوضح أيان ستانارد محلل العملات في بنك مورجان ستانلي، أن بيانات من وزارة الخزانة الأمريكية تشير إلي أن اقبال المستثمرين الأمريكيين علي شراء أصول في الخارج بلغ أدني مستوي يمكن توقعه في اوقات الرغبة في المخاطرة كما هو الحال الآن.
وسجل صافي المبيعات في الخارج في ديسمبر الماضي 12.3 مليار دولار فقط، وتبين أن المستثمرين المقيمين في الولايات المتحدة اشتروا بنسبة تقل 50% من الأوراق المالية الأجنبية بالمقارنة بأكتوبر المنقضي، و10% من مشترياتهم بالمقارنة بديسمبر 2011.
ويري ستانارد أن المستثمرين ترجموا سياسات بنك الاحتياطي الفيدرالي الداعمة للأصول الأمريكية في السوق المحلي إلي مزيد من الرغبة في المخاطرة علي نطاق أوسع، وهو الأمر الذي أدي إلي تدفق الأموال إلي محفظة الولايات المتحدة.
واضاف انه يتوقع من الدولار أن يحقق مزيدا من الارتفاع كما حدث مع الأسهم الأمريكية المتجهة إلي أعلي وهو ما يعني أن الولايات المتحدة يمكن أن تصبح وجهة استثمارية صريحة، متوقعا استمرار الأداء المتفوق للدولار في ظل بيئة المخاطر.
يعتقد بنك دويتشه أن الدولار خرج لتوه من الاتجاه طويل الأجل علي طريق الانخفاض والذي امتد من 2002 حتي 2011 وهو يستعد الآن لتعزيز موقعه خلال السنوات المقبلة مع اقبال المستثمرين علي شراء الأسهم الامريكية الأجنبية بدرجة أقل ونهاية فترة تخفيف السياسة النقدية الأمريكية، مشيرا إلي أنه يتوقع أن ينخفض اليورو إلي 1.20 دولار في العام المقبل وتراجع الجنيه الاسترليني إلي 1.41 دولار أيضاً.
إعداد: ربيع البنا