من طرائف الأزمة المالية أن دول الخليج التي سجلت ارتفاعات قياسية في عائدات البترول سجلت نمواً كبيراً في الاقتراض، حيث سعت البنوك الكبري لتقديم تسهيلات ضخمة للدول الغنية بالمنطقة باعتبارها زبوناً مضموناً يتمتع بمركز مالي قوي.
واستغلت دول الخليج خاصة قطر هذه الرغبة في تمويل صفقات خارجية كبري حيث شجعتها البنوك علي تنفيذ استحواذات مع ضمان توفير تمويل لعملية الشراء أيضا دون ادني مساهمة من خزانة الحكومة.
في حين أنه يبدو أمرا غير متوقع أن تقترض واحدة من اغني الدول في العالم لتمويل صفقاتها الدولية، فإن هذا يعود إلي ثروتها الهائلة التي تمكنها من الاقتراض دون تقديم أي ضمانات.
وقال أحد المصرفيين الذين قضوا سنوات في خدمة العملاء في الخليج إن الحصول علي موعد مع القطريين يتطلب إعداد حزمة تمويل قبل الذهاب إليهم.
ونطاق الإنفاق الحكومي الدولي معروف، فمنذ 2006، راكمت الدولة حصصا في شركات مثل «فولكس فاجن» و«بورش» وحتي بنوك مثل «كريدي سوسيتيه» و«باركليز»، لكن هياكل تمويل تلك الصفقات نادرا ما كان يعلن عنها.
وسُلط الضوء علي طبيعة ومدي اقتراض قطر بعد الأنباء بشأن مواجهة بنك «باركليز» تحقيقا بريطانيا بشأن الدعاوي في إقراضه أموالاً لها في ذروة الأزمة المالية العالمية في 2008 عندما لجأ البنك أيضا مرتين إلي الدولة الغنية بالبترول لجمع حوالي 6.1 مليار جنيه استرليني.
وتقدر وكالة ستاندرد آند بورز التي تعطي قطر تصنيفا ائتمانيا عاليا “AA” صافي الدين الحكومي بنسبة 50% من الناتج المحلي الإجمالي، ومع ذلك يري تريفور كالينام، محلل التصفيات الائتمانية، أن نقص الشفافية بشأن أموال الدولة نقطة ضعف لديها.
وفي السنوات الأخيرة ظهرت شركة “قطر هولدينج” كواحدة من صناديق الثروة السيادية الأكثر نشاطا في العالم، واشترت أصولا قيمة مثل “هارودز”، أحد أشهر المحلات الضخمة في لندن، كما لعبت دورا كبيرا في عملية الاندماج بين “اكستراتا” و”جلينكور” مؤخرا.
وقال المصرفيون المتابعون لأعمال “قطر هولدينج” إن الصندوق الحكومي نادرا ما يقوم بأي صفقة دون قرض يدفع ثمن عملية الاستحواذ.
وأضاف المصرفيون المطلعون علي صفقتي “هارودز” و”بورش” ان الصندوق اقترض مبلغا كبيرا لشرائهما.
وصرح شخص علي اطلاع بعمليات الصندوق لجريدة الفاينانشيال تايمز بأن انتشار هذه الصفقات يعني أن الصندوق يكافح أحيانا لتحقيق أهدافه الاستثمارية، وانه بإمكانه الحصول علي تمويل بسهولة وبأسعار منخفضة وبالتالي يفضل الاستدانة عن استخدام جبل إيرادات الغاز لتمويل استثماراته.
ولا تعتبر استراتيجية قطر فريدة في الخليج الغني بالبترول، فالمؤسسات الاستثمارية الحكومية مثل “آبار” و”ايبيك” في أبوظبي المجاورة استغلت ثقة المصرفيين في ثروات حكومتهم لتمويل استحواذات عالمية.
وقال أحد المتابعين للمؤسسات المالية في المنطقة إن النقدية هي الملك نظرا للأوضاع الاقتصادية العالمية، وأن المستثمرين الأقوياء في الخليج يعلمون أن بإمكانهم إملاء الشروط وسوف تأتي البنوك لهم سعيا.
وأوضح أن قطر بارعة في محاولاتها للحصول علي ما تريد مقابل لا شيء.
ويكره مستثمرو الخليج الدفع مقابل الحصول علي الاستشارات الاستثمارية لذا فهم يتبعون هياكل معقدة من المشتقات تحمي استثماراتهم من المخاطر.