الأمور تحولت إلي حرب شوارع.. كل ضربة ضدنا نردها بضربة أقوى ضدهم”، كانت تلك كلمات الشاب المعارض فريد سيد خلال تظاهرة أمام المقر الرئيسي للإخوان المسلمين بالمقطم، مشيرًا بذلك إلى تحول النزاع السياسي في مصر إلي ثأر شخصي يشعل حرب عصابات الشوارع.
وخلال الأشهر الخمسة الماضية، جرت صدامات عنيفة بين الإخوان المسلمين، ومعارضي الرئيس محمد مرسي المقبل، من هذه الجماعة تارة، وبين هؤلاء المتظاهرين والشرطة تارة أخرى أسفرت عن سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى في مختلف المدن.
وقال فريد (24 عامًا) بمرارة لوكالة الأنباء الفرنسية أن “الأمر بدأ بالدفاع عن أفكارنا السياسية والفكرية ثم فشل الإخوان في إسكاتنا فحاولوا قتلنا”، وتابع “هناك شعور بالثأر الشخصي يحرك الجميع”.
من جهته، قال عبد الله سليمان (18 عامًا- طالب بالحقوق) بضيق بالغ “حتى إذا رحل الإخوان عن الحكم، سيظل صراعنا معهم قائمًا لأنه أصبح صراعًا شخصيًا يحركه العناد، فالأمور خرجت عن إطار السياسة تمامًا.. والغضب أصبح شخصيًا ضد الإخوان الذين ينكلون بنا”.
وأكد سليمان الذي أصيب زملاء له بجروح بالغة قبل أيام على أيدي شباب الإخوان “أصبحت معركة شباب لا علاقة لها بالسياسة”.
والرأي نفسه عبر عنه أحمد سعيد (17 عاما) المنتمي لجماعة الإخوان، وقال إن “القصة تحولت لمشاحنات شخصية رغم أننا جميعًا أصدقاء في المقام الأول”.
وأضاف الشاب الذي رفض طلبًا بالنزول لحماية مقر جماعته خشية الاشتباك مع أصدقائه “هم في المعارضة استفزازيون، ويرفعون شعارات ويوجهون كلامًا مهينا على المستوى الشخصي بعيدًا عن السياسة، أنه أمر يستفز الغضب فينا”.
وخلاف الثأر الشخصي مع الإخوان، تعكس الأعلام التي يرفعها المتظاهرون وتحمل صور قتلى أحداث العنف استمرار مسألة الثأر بين المعارضين والشرطة بسبب زملائهم القتلى، وهو ثأر شخصي يتجدد باستمرار سقوط قتلى من الطرفين، ويشارك في الصدامات عشرات من مثيري الشغب، ضد الشرطة في عمل انتقامي منها لا علاقة له بحسابات السياسة على الإطلاق، وقال أحدهم لوكالة الأنباء الفرنسية أثناء الاشتباكات مع الشرطة في مدينة بورسعيد وهو يمسك بزجاجة مولوتوف “الشرطة قتلت زملاء لنا ولابد أن تدفع الثمن غاليًا”.
وهذا الأمر يتكرر بشكل شبه يومي في مختلف التظاهرات وأمام أقسام الشرطة حين ينخرط أشخاص لتصفية حساباتهم مع الشرطة.
وعلى مدرعة شرطة معطوبة في بورسعيد، علقت لائحة بأسماء ضحايا ضباط الشرطة في احداث الثورة، وقال ضباط شرطة لوكالة الأنباء الفرنسية أن زملاءهم لهم يقتلون أيضا ما يزيد شعورهم بالغضب والاحباط.
من جهته، يقول ياسر محرز المتحدث باسم الاخوان “الثوار الحقيقيين اختفوا من المشهد الذي يتصدره الان مجموعة من البلطجية وأصحاب الثأر مع الشرطة، والأمور خرجت من نطاق السياسة إلي شكل من أشكال الاحتقان الشعبي الشديد”.
لكن هبة ياسين وهي متحدثة إعلامية باسم التيار الشعبي احد مكونات جبهة الانقاذ الوطني المعارض قالت بغضب “العنف يمارسه الإخوان ضد المتظاهرين، وميليشيات الإخوان تستهدف النشطاء وتقتلهم، وأي عنف مقابل هو رد فعل لغياب دولة المؤسسات والقانون ما يجعل المقهورون يأخذون حقوقهم بأيديهم”.
ورأى استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة احمد عبد ربه أن “الأزمة سببها أن الحاكم والمحكوم يلجآن إلى الشارع لتصفية خلافهم السياسي”.
أما الدكتور نهى بكر أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية فتقول “الازمة الحالية سببها الرئيسي هو عقيدة شيطنة الآخر وشيوع سفك الدم وعناد مؤسسات الدولة، واستمرار حالة حرب الشوارع سيؤدي إلي تحول مصر لدولة فاشلة تفقد فيها الدولة السيطرة على المواطنين بشكل نهائي”