انخفاض حركة السفر يتسبب في اندماجات وتصفية شركات والاتجاه لرحلات الحج والعمرة
« مصر للطيران » تواجه الأزمة بإعادة هيكلة خطوطها لترشيد النفقات
خفض الرسوم بمطارات الأقصر وأسوان يرفع حركة « الشارتر » ويضاعف الإشغالات الفندقية
اعتبر عاملون بقطاعي السياحة والطيران العامين الماضيين الأشد قسوة عليهما في ظل انخفاض حركة السفر الوافدة لمصر عقب ثورة 25 يناير مقارنة بارتفاع أعداد السائحين خلال 2010 والذي حققت فيه مصر 14.7 مليون سائح.
وأكدوا أن وزارتي السياحة والطيران وقعتا العديد من اتفاقيات التعاون عقب الثورة لتخطي الأزمة، لكن تحقيق نتائج ايجابية من هذه الاتفاقيات يتوقف علي عودة الاستقرار الأمني في الشارع.
قال حسام هزاع، مدير عام شركة «ايجيبشيان ترافل ميكرز»، إن عام 2011 حقق 90% تراجعاً في الايرادات قبل أن تنخفض وتيرة تراجع الايرادات إلي 75% العام الماضي، ما اضطر بعض الشركات في الفترة الأخيرة إلي الاندماج مع أخري لتعويض خسائرها في ظل الأزمة الاقتصادية التي يمر بها القطاع السياحي، فيما لجأ البعض الآخر للتصفية.
و أوضح أن كل شركة سياحية تحصل علي عدد معين من تأشيرات الحج سنوياً حسب القرعة وحجم كل شركة وتاريخها في السوق، لذا لجأت بعض الشركات الصغيرة أو الحديثة مؤخراً إلي الاندماج مع أخري أكبر منها لتعويض جزء من الخسارة الناجمة عن الأزمة المالية في قطاع السياحة.
وفقا لهزاع، فإن قطاع السياحة الدينية لم تتأثر كثيرا مقارنة بالسياحة الخارجية، ما أشعل المنافسة بين الشركات علي تنظيم رحلات الحج والعمرة سعيا منها لتعويض خسائرها بقطاع السياحة الخارجية.
وذكر أن عدد الشركات التي تعمل بالسياحة الخارجية في مصر لا يتعدي 300 شركة من أصل 2500 ألف شركة.
وقال مجدي عبد السلام، الخبير السياحي، إن هناك عدداً كبيراً من شركات السياحة اتجهت لتغيير نشاطها في الفترة الأخيرة أو الاندماج مع شركات أخري للحصول علي حصة أكبر من أعداد الحجاج سنوياً، حتي تتمكن من تعويض خسائرها، في ظل عدم وجود أنماط أخري سياحية تحقق عائداً لتلك الشركات كالسياحة الخارجية أو الداخلية أو النقل السياحي.
وتنقسم شركات السياحة إلي 4 مستويات «أ» مخصص لها تنظيم رحلات حج لعدد من 23 إلي 55 فرد سنوياً، والشركات فئة «ب» حصتها من 12 إلي 17 حاجاً، وفئة «ج» من 7 إلي 9 حجيج، أما شركات الفئة «د» فتقتصر علي فردين فقط.
وأشار إلي أن بعض الشركات فئة «د» لجأ ملاكها إلي بيعها أو دمجها مع شركات أكبر منها في فئتي «ب» أو «أ» لزيادة حصتها من موسم الحج، وبلغت قيمة الشركات حاليا ما لا يزيد علي 800 ألف جنيه بدون خطاب الضمان.
وأضاف عبد السلام أن الأزمة المالية التي يمر بها قطاع السياحة خلفت وراءها تسريح العمالة بالشركات وانخفاض الرواتب إلي نحو 50%، ويتراوح متوسط العاملين بين 5 و55 فرداً، وذلك حسب نشاط كل شركة واحتياجها من العمال.
من جانبه، قال محمد سنجر، مدير قسم السياحة الدينية بشركة ” وعد العالمية للسياحة» إن الشركات التي تعتمد علي دخلها من تنظيم رحلات العمرة والحج، أصبحت لا تحقق أرباحاً تذكر، مقارنة بفترة ما قبل الثورة، خاصة أن الإقبال علي السياحة الدينية إنخفض إلي 50% العام الحالي بسبب الظروف الاقتصادية.
وأضاف أن ارتفاع سعر صرف الريال السعودي إلي 1.98 قرش مقابل 1.62 قرش منذ أشهر قليلة، وزيادة اسعار البرامج 35% يعدان السبب الرئيسي في انخفاض الطلب علي رحلات الحج والعمرة.
وأشار إلي أن كل شركة من شركات السياحة الدينية تحتاج لتغيير نحو مليون ريال أسبوعياً من البنوك والصرافات لتغطية حجوزات الفنادق والانتقالات بالسعودية، وفي أغلب الأحيان تلجأ الشركة لتغيير العملة من السوق السوداء بسعر أعلي لعدم توافرها.
وأوضح أن شركته اضطرت إلي إلغاء الرحلات الداخلية ورحلات العمرة البرية، نتيجة عدم توافر السولار الذي تستخدمه أتوبيسات النقل السياحي في الفترة الأخيرة.
وأكد خبراء وعاملون بقطاع الطيران أن أداء قطاع الطيران يرتبط طردياً بما يمر به قطاع السياحة فكلما شهد الثاني نموا حقق الطيران ارتفاعاً في الركاب الوافدين علي خطوط الشركات الوطنية أو الخاصة أو حتي في عمليات نقل الركاب عبر تسيير الخطوط الداخلية بالمناطق السياحية المختلفة.
كان اللواء وائل المعداوي، وزير الطيران قد أكد أن النصف الثاني من العام الماضي حقق 28% نمواً في حركة الطائرات بالمطارات المصرية، وأن قطاع الطيران يعمل علي تجاوز انخفاض حركة التوافد علي خطوطه عبر مجموعة من القرارات المتعلقة بخفض رسوم الهبوط والاقلاع بالمطارات السياحية المختلفة.
وأوضح يسري جمال الدين، الرئيس السابق للشركة المصرية للمطارات أن السياحة والطيران حلقة واحدة لا يمكن فصلهما.
وتوقع أن تساعد القرارات التحفيزية التي اتخذتها وزارة الطيران من تخفيض أسعار التذاكر للوجهات السياحية مثل الأقصر وأسوان، في حالة استقرار الأمن، في زيادة الحركة الجوية وأعداد الركاب.
وأشار إلي أن قطاع الطيران واجه صعابا عديدة بعد الثورة، بعد إعلان عدد من الدول منع رعاياها الذهاب إلي مصر وارتفاع أسعار صرف الدولار وإضراب المضيفين.
وأوضح جمال الدين أن حادث البالون الأخير سيؤثر بالسلب علي قطاعي السياحة والطيران، ولابد من اتخاذ بعض القرارات حتي تعود الثقة للسائح في المقصد المصري في الفترة الحالية.
وأكد أن الاهتمام برحلات الطيران العارض « الشارتر » سيزيد من إنعاش الحركة الجوية، خاصة في مدينتي الأقصر وأسوان، فيما تعد مدينتا شرم الشيخ والغردقة من أكثر المدن استقرارا من الناحية السياحية نتيجة استقرار الوضع الأمني وبعدها عن مناطق المظاهرات والاشتباكات.
وقالت أن الشركة المصرية للمطارات أن العام الماضي شهد نمواً 8% في الحركة الجوية بالمطارات المصرية عن عام الثورة، ولكنها انخفضت 30% عن عام 2010.
وقال مسئول بارز بشركة «مصر للطيران» إن الشركة شهدت العديد من الصعوبات والمعوقات منذ الثورة، من بينها انخفاض حاد في عدد الركاب والرحلات، بعد أن كانت الحركة الجوية لشركة مصر للطيران والمطارات المصرية تمثل أهم بنود الدخل القومي لمصر، مما دفع الشركة لتقليص عدد رحلاتها وتعليق العدد الآخر لبعض الدول.
وأوضح أن «مصر للطيران» ألغت بعض الرحلات نتيجة انكماش الحركة وتأجيل تشغيل بعض النقاط، التي كان مقررا تسييرها في صيف 2011 مثل واشنطن وتورنتو، وكذلك إيقاف رحلات طوكيو وأوزاكا.
وأعادت الشركة فتح خطوط أوزاكا وطوكيو ديسمبر الماضي بعد رفع اليابان حظر السفر إلي مصر، وزيادة عدد الرحلات إلي بكين الصينية إلي 4 رحلات أسبوعياً.
من جهته، قال شاكر قلادة، خبير بقطاع الطيران إن قلة حركة الركاب الوافدين علي المطارات المصرية أثرت بالسلب علي حركة السياحة.
وأضاف أن أكثر المشكلات التي تواجه قطاع الطيران في مصر هي المشكلات الاقتصادية من إلتزامات مالية شهرية علي الشركة الوطنية «مصر للطيران» ومعاناة الشركات الخاصة الانخفاض الحاد في التشغيل مع دفع رسوم الإيواء وقيمة الطائرات المؤجرة مع إرتفاع سعر الدولار.
وأوضح أن الانفلات الأمني يعد أهم الصعوبات التي تواجه قطاعي السياحة والطيران، وتسبب في انخفاض السياحة العربية وسياحة رجال الأعمال.
يذكر أن وزارة الطيران المدني كانت قد قررت تشغيل شبكة طيران داخلي بدأت عملها في 20 من شهر ديسمبر الماضي بأسعار مخفضة في متناول الجميع، بالإضافة إلي تقديم مجموعة من التسهيلات لأول مرة في قطاع الطيران.
وفي بداية العام الجاري أعفت وزارة الطيران المدني شركات الطيران التي تهبط بمطارات الأقصر وأسوان من رسوم الهبوط والإيواء، علي أن تتحمل وزارة الطيران 75% من التكليف مقابل 25% تتحملها وزارة السياحة.
كتب – بسمة رجب وأحمد سعد