عمق قرار البنك المركزى ، نهاية الإسبوع الماضى ، برفع أسعار الفائدة بمقدار 0.5 % ، ليصل سعر الإقراض إلى 10.75 % و الإيداع 9.75 % ، و ذلك لليلة واحدة فى البنك المركزى ، و تخفيض التصنيف الإئتمانى وفق مؤسسة موديز العالمية إلى CAA1 ، بدلا من B3 ، من جراح يعانيها مناخ الإستثمار المحلى فى ظل التوترات السياسية و الإقتصادية التى لا يبدو لها حلا فى الأفق القريب .
و أبدى مستثمرون و مستوردون مخاوفهم من زيادة مرتقبة فى تكلفة الإقتراض مع زيادة المخاطر التى يتعرض لها الإقتصاد المصرى و عدم قدرة الدولة على سداد إلتزاماتها مع إستمرار نزيف الإحتياطى الإجنبى و الذى إنخفض إلى 13.6 مليار دولار فى نهاية يناير الماضى .
و يستهدف البنك المركزى حصار التضخم الذى إرتفاع فى المدن و الحضر إلى 8.2 % على أساس سنوى ، و جذب السيولة اللازمة لتمكين البنوك من مواصلة دعم موازنة الدولة عبر شراء الأذون و السندات الحكومية .
و توقع الخبراء إستمرار تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار وسط المؤشرات الإقتصادية المتدهورة بما يعزز من التوقعات الخاصة بمزيد من الإرتفاع فى تكلفة إستيراد السلع .
وفقد الجنيه 9 بالمئة من قيمته أمام الدولار منذ أواخر العام الماضي و ذلك وفق الأسعار الرسمية ، بينما بلغ سعر الدولار فى السوق السوداء إلى نحو 7.35 قرش .
و يضطر مستوردو السلع و الخامات و مستلزمات الإنتاج دفع مستحقات الشركات الأجنبية فورا وسط مخاوف من تعثرات و عدم قدرة على السدد و هو ما يرفع تكلفة الإستيراد و يهدد بنقص فى عدد كبير من السلع و خاصة فى قطاع الأدوية .
و قال د. عوض جبر ، رئيس المجلس التصديري للصناعات الدوائية ، ان خفض التصنيف الائتماني لمصر و رفع سعر الفائدة يساهم فى ارتفاع سعر الخامات و مدخلات الانتاج بنسبة 30% .
و أضاف ان قطاع الادوية يعتمد كليا علي استيراد خاماته و تجهيزات المعامل و قطع غيار ماكينات المصانع من الخارج ، مؤكدا ان ضبابية الرؤية الاقتصادية للبلاد تنذر بمواصلة خفض وكالات التصنيف الدولية ” موديز – ستاندارد اند بورز ” تصنيفها لمصر ، و هو ما يهدد استيراد الخامات من الخارج .
و توقع جبر تفاقم أزمة نقص الأدوية من السوق المحلي عقب تخفيض موديز لتصنيف مصر لدرجة قريبة من التعثر ، و هو ما ينذر بتوقف البنوك عن فتح الاعتمادات المستندية للمصانع المحلية .
أشار إلى أن الفترة الماضية شهدت وفرة فى المنتجات و الأدوية بسبب المخزون لدي شركات الادوية و أصحاب الصيدليات ، مؤكدا انه لم يعد هناك مخزون في الوقت الراهن ، و هو يعنى إختفاء بعض أنواع الادوية ، خاصة أدوية الأمراض المزمنة .
و طالب د. محمد البهي ، عضو مجلس ادارة اتحاد الصناعات ، بضرورة تبني الحكومة رؤية و سياسات واضحة للخروج بالاقتصاد القومي من أزمتة الراهنة .
و أضاف أن التخفيض الأخير للتصنيف يؤكد علي عدم وجود رؤية سياسية و اقتصادية واضحة تهدف الي الاستفادة من موارد الدولة و القضاء علي مشكلات التهرب الضريبي ، بجانب الاهتمام بالصناعات الصغيرة و المتوسطة بإعتبارها قاطرة التنمية .
و قال دكتور عادل رحومة ، رئيس المكتب الإقليمى للمدن الصناعية العربية بمصر ، إن التخفيض المتوالى لتصنيف الإئتمان من شأنه التأثير المباشر على استيراد كافة السلع وخاصة الغذاء ، و يدفع الشركات الموردة للمطالبة بالحصول على قيمة منتجاتها فورا و هو الأمر الصعب حاليا بسبب عدم وجود سيولة دولارية كافية لتغطية فاتورة الإستيراد .
و أكد السفير جمال بيومى أمين عام اتحاد المستثمرين العرب إن الإقتصاد المصرى دخل نفق مظلم بسبب تدنى معدلات الإستثمار الأجنبى ، مشيرا إلى مشكلات بيروقراطية و صعوبات فى توفير الطاقة و التشريعات المتضاربة من شأنها الوقوف دون جذب إستثمارات جديدة .
وأشار الى أن قرار رفع الفائدة سيكون له تأثير سلبى على تمويل التوسعات فى المصانع لأن الإستثمارات الجديدة لن تأتى فى ظل هذا التخبط .
قال د. محمد سامي الحمبولي ، رئيس شعبة المستلزمات الطبية بغرفة الصناعات الهندسية ، ان تخفيض التصنيف الإئتمانى ينذر بتوقف الموردين عن الدفع الآجل ، و المطالبة بالدفع المباشر و ذلك لفقدانهم الثقة في السوق المحلي .
اشار إلى أن توقف البنوك عن فتح الاعتمادات المستندية يعيق عملية استيراد الخامات من الخارج ، مؤكدا ان معظم مدخلات انتاج قطاع المستلزمات الطبية مستوردة من الخارج .
شدد مصطفي البيلي ، عضو شعبة الالات و المعدات بغرفة الصناعات الهندسية ، علي ضرورة قيام الحكومة بوقف استيراد السلع الاستفزازية ، و السلع مثيلة الصنع بالمنتج المحلي
و اكد البيلي ، ان فاتورة استيراد السلع الاستفزازية بلغت 8 مليار دولار خلال 2012 ، بالرغم من الازمة الاقتصادية التي شهدتها البلاد و تراجع حجم الاحتياطي النقدي .
قال احمد عبد الحميد ، رئيس شعبة الرخام بغرفة مواد البناء ، ان قطاع المواد الغذائية و الأدوية من أكثر القطاعات تأثرا بسبب استراد معظم مستلزمات الانتاج من الخارج ، مؤكدا ان التأثير محدود علي صناعة الرخام بسبب وفرة الخامة .
قال محمد السيد رئيس لجنة الطاقة بإتحاد المستثمرين إن خفض تصنيف مصر الإئتماني له تأثير سلبي على الإستيراد والتصدير و التوسعات للمصانع وعلى الإستثمارات الجديدة مشيرا إلى أن ذلك الخفض تسبب في تعنت البنوك في إتخاذ الضمانات وإرتفاع أسعار قطع الغيار للمصانع الأمر الذي يؤثر على الإنتاج المحلي.
وأشار إلى أن العديد من الصناعات المصرية يدخل في تكوينها مكونات مستوردة من الخارج وبالتالي سيؤدي ذلك إلى إرتفاع سعر المنتج النهائي على المواطن وزيادة الأعباء التصنيعية على أصحاب المصانع.
وأكد محمد السيد على أن الأمر سيزداد سوءا إذا لم يتم إتخاذ قرارات جادة للخروج من هذه الأزمة مرجعا سبب تلك الأزمة إلى تخبط قرارات الحكومة وتضارب التصريحات الأمر الذي يؤثر على المناخ الإستثماري ولا يشجع أي إستثمارات جديدة على الدخول للسوق المصرية.
وفي السياق ذاته قال محسن الجبالي رئيس جمعية مستثمري بني سويف إن خفض التصنيف الإئتماني صعب كثيرا عملية الإستيراد حيث أصبح على المستورد دفع قيمة الخامات المستوردة كاملة مشيرا إلى أنه لم يعد هناك أي مصدر يقوم بعمل تسهيلات للمستوردين المصريين .
وأضاف أن الإستيراد قل بنسبة 50% تقريبا بسبب تلك المعوقات الامر الذي أثر على الإنتاج وسيؤثر تباعا على سعر المنتج النهائي الذي سيزيد سعره حوال 15% مما سيزيد من حالة الركود التي تعاني منها الأسواق المصرية.
وقال الجبالي أن هذا الخفض إنعكس أيضا على تعنت البنوك في الضمانات وكذلك رفع سعر الفوائد على القروض لتصل قيمتها إلى 18% الأمر الذي ادى إلى توقف حوالي 25% من مصانع منطقة بني سويف الصناعية وعدم وجود أي مشاريع لدخول إستثمارات جديدة في المنطقة الصناعية .
وقال عبد الغني الأباصيري رئيس جمعية مستثمري مدينة 15 مايو أن الإستيراد يعاني بعد الخفض الإئتماني من عدم وجود تمويل وإمتناع العديد من البنوك من فتح إعتمادات مستندية للمستوردين الأمر الذي يهدد الصناعات التي يدخل في تكوينها نسبة كبيرة من الخامات المستوردة مشيرا إلى أن صناعة مثل صناعة الغزل والنسيج يدخل في تكوينها حوالي 50% مكون مستورد وفي ظل ما يعانيه الإستيراد تسبب ذلك في رفع قيمة المنتج النهائي بحوالي 25% وكذلك عدم قدرة المصانع على الإلتزام مع الشركات بالكميات المطلوبة منها.
كتب – نهال منير و أحمد سلامة و مروة مفرح