أوضحت أحدث المؤشرات والعلامات الاقتصادية أن الاقتصاد الصيني شهد تقدما تدريجيا متواصلا من حيث تحويل أسلوب نموه المتميز باتجاه واضح ومستدام نحو ” النمو المتوازن”، سواء في هيكلة الاقتصاد الداخلية أو أدائه الخارجي.
الجدير بالذكر أن العام الجاري يعد العام الأول للقيادة الصينية الجديدة لتنفيذ إستراتيجيتها , وهو أيضا عاما هاما لتنفيذ الخطة الخمسية الثانية عشرة ( 2011 – 2015 ) .
هذا وقد حددت الصين تحويل نمط التنمية الاقتصادية كهدف رئيسي للخطة الخمسية الثانية عشرة وأيضا إستراتيجية طويلة الأمد لتنمية الاقتصاد الصيني بطريقة سليمة ومستمرة. فستزيد التدابير الجديدة من دفع عملية ” التوازن ” بالنسبة لاقتصادها , وتواصل خفض اعتمادها على الخارج , بل تعزيز طاقتها لنمو الذاتي.
وفقا للحسابات الأولية ، تجاوز اجمالى الناتج المحلى الصيني حاجز 50 تريلون يوان ( الدولار الامريكى الواحد يساوى حوالي 6.2 يوان ) لأول مرة في عام 2012 ليصل إلى 51.93 تريليون يوان بزيادة 7.8 بالمئة عما كان في عام 2011 . ولكن الأهم من ذلك هو التحسين المستمر لهيكلة الاقتصاد الصيني .
أشار احدث تقرير بشأن تحليل صناديق الثروة السيادية في العالم أصدرته موديز , احد اكبر هيئات التصنيف الدولية، أشار إلى أن الاستهلاك في عام 2012 كانت مساهماته في زيادة اجمالى الناتج المحلى الصيني قد تجاوزت ما قدمه الاستثمار بحجم قليل , ويبدو أن ذلك إشارة مبكرة للاقتصاد الصيني نحو “النمو الاقتصادي المتوازن”.
شهدت هيكلة الاقتصاد الصيني التي كانت تسودها حالة فقدان التوازن لمدة طويلة، شهدت ” منعطفا ” للتحسين في عام 2011 حيث بدأ النمو الاقتصادي يتجه إلى التحفيز المنسق للاستهلاك والاستثمار والتصدير, ويعد ذلك بداية جيدة لتنفيذ الخطة الخمسية الثانية عشرة .
على سبيل المثال توقفت نسبة الاستهلاك لكل وحدة من اجمالى الناتج المحلى عن انخفاضها الذي استمر إحدى عشر عاما متتابعا في عام 2011 بينما انخفضت النسبة بين فائض الحسابات الجارية واجمالى الناتج المحلى من أعلى نسبة لها 12 بالمئة إلى حوالي 2.8 بالمئة , وانخفضت النسبة بين الفائض التجاري واجمالى الناتج المحلى من 7.5 بالمئة إلى 2.1 بالمئة , وكانت جميعها أدنى من المعيار الذي تستخدمه منظمة صندوق النقد الدولي في قياس فقدان التوازن الخارجي لاقتصاد دولة .
في عام 2012 شهدت أحوال الإيرادات والمصروفات الدولية الصينية تحسنا مستمرا باستثناء كون مساهمة الاستهلاك في اجمالى الناتج المحلى أعلى من الاستثمار , وانخفضت النسبة بين فائض الحسابات الجارية الصينية واجمالى الناتج المحلى إلى حولي 2.6 بالمئة , وحافظت النسبة بين الفائض التجاري واجمالى الناتج المحلى على مستوى مناسب , وانخفض مستوى الاعتماد على التجارة الخارجية إلى ما يتراوح بين 47 وما يقل عن 50 بالمئة .
وفى نفس الوقت حققت حساب رأس المال والحسابات المالية الصينية 117.3 مليار دولار امريكى من العجز التجاري مما غير نمط ” الفائض المزدوج ” الهائل للحسابات الجارية والرأسمالية الذي استمر منذ حوالي 20 سنة , وشكل وضعا متوازنا مستقلا يتمثل في ” فائض الحسابات الجارية وعجز الحسابات الرأسمالية والمالية” .
بلغت معلومات مؤشر أسعار المستهلكين الصينية 2.6 بالمئة في العام الماضي , فقد عادت إلى نطاق ” مناسب ” كما لم تؤدى 7.8 بالمئة من ادنى سرعة لزيادة اجمالى الناتج المحلى منذ عام 1999 إلى حدوث مشكلة البطالة .
أظهرت المعلومات الرسمية أن القيمة المضافة من الصناعة الثالثة بلغت 23.1626 تريليون يوان في عام 2012 بزيادة 8.1 بالمئة عما كان في عام 2011 مع بلوغ نسبة القيمة المضافة 44.6 بالمئة . وبالإضافة إلى ذلك كانت زيادة عدد العاملين في صناعة الخدمات الصينية أسرع مما في القطاع الصناعي في عام 2012 .
وصرح كبير الاقتصاديين من مؤسسة ينخه للسندات المالية بان شيانغ دونغ ” ان ذلك أداء كلى لاتجاه الاقتصاد الصيني نحو النمو الاقتصادي المتوازن .
كما شهدت مزايا التكاليف النسبية الصينية انخفاضا في حين يتحقق التقدم في تحويل النمط الاقتصادي الصيني أو تجاوز نمط الاقتصاد والتجارة الدولي المتمثل في ” الإيداع الصيني والاستهلاك الامريكى ” منذ زمن بعيد مع انخفاض اتجاه الطلب الاجنبى .
أضاف كبير الاقتصاديين المذكور آنفا إن التأثيرات المستمرة الناجمة عن الأزمة المالية العالمية جعلت الكيانات الاقتصادية الكبرى العالمية التي تضم الصين تحتاج إلى إعادة تقويم وتنسيق تشكيل توازن جديد داخلها وخارجها .
توقع المحللون أن تستمر الصين في اتجاه إصلاحها نحو السوقية سواء في قيادة التنمية الصناعية أو في قيادة الإصلاح السعري , وسواء في الإصلاح الكلى أو في الإصلاح المصغر .
على وجه التحديد ستقوم الحكومة الصينية في هذا العام بتعميق الترشيد النظامي لأسواق العقارات والهيكل الاستثماري والاستهلاكي من اجل أن تصبح إعادة التوازن الاقتصادي اختيارا مستقلا في الأسواق .
وذكر عضو أكاديمية العلوم الاجتماعية الصينية يوى يونغ دينغ ” ستبذل الصين أقصى جهودها لتجنب إعادة ظهور ( زيادة اجمالى الناتج المحلى المصطنعة ) السابقة في فترة دورية سياسية جديدة , وتحسين حالة فقدان التوازن الاقتصادي الصيني بلا انقطاع , وجعل اتجاه إعادة التوازن لا يمكن تغيره بصورة انعكاسية