اودعت المحكمة التاديبية لرئاسة الجمهورية الإثنين حيثيات حكمها الصادر بتاييد قرار حظر رجال الشرطة من اطلاق اللحية حيث قضت المحكمة بتاييد قرار مساعد وزير الداخلية للحراسات الخاصة بوقف امين شرطة عن العمل لمدة شهر بعد ان اطلق لحيته,في حين الغت قراراته المتتالية بوقف الطاعن عن العمل لمدة 7 اشهرلعدم اجراء تحقيق معه بشان ذلك,مع مايترتب على ذلك من اثار اخصها صرف نصف الاجر الموقوف خلال مدد الوقف,ورفض طلب التعويض الذي تقدم به امين الشرطة ضد الداخلية.
وقالت المحكمة في حيثياتها ان الطاعن امين شرطة بالادارة العامة لشرطة الحراسات الخاصة بالقاهرة لاينكر ان الوسط الشرطي والعرف الذي درج عليه مرفق الامن منذ انشاءه يحظر على عضو الشرطة اعفاء لحيته ويعتبره مظهرا مخالفا للانضباط اللازم ان يكون عليه رجل الشرطة,لكنه اطلق لحيته محتجا في ذلك بانه تمسك باحد المظاهر المميزة لدينه الذي ينتمي اليه, ولما كان الطاعن مسندا اليه اعمال تتعلق بامن المواطنين وكان ظهوره متسما باحد المظاهر التي راى انها تميز دينه,امر لا تتقبله موجبات الحياد التي تفرضها طبيعة مرفق الامن , اذ يؤثر ذلك بالسلب على ثقة المواطنين وفيهم ولا شك من لا يتدين بذات دين الطاعن, فضلا عن اخلاله بالطبيعة النظامية التي تقتضي توحيد المظهر لاعضاء الشرطة, الامر الذي يكون سلوك الطاعن فيه اخلال بالطبيعة النظامية لهيئة الشرطة وماتقتضيه الحيادية من موجبات تتعاظم اثارها في العمل الشرطي بوجه خاص.
وأكدت المحكمة أن ما يجعل هاتين الفكرتين (النظامية وموجبات الحيادية) من العناصر المميزة لهيئة الشرطة واللتين يتعين على الدولة بسلطاتها والمجتمع باسره الحرص عليهما والدفاع عنهما حتى يظلا عنوانا لمرفق الامن ومكتسبا اصيلا لثورة الشعب الذي يعمل المرفق في خدمته واضافت المحكمة انه اذا رات السلطة المحققة ان اصرار الطاعن على اطلاق لحيته بمقر عمله رغم اسداء النصح اليه يعد مخالفة للتعليمات الخاصة بالمظهر الانضباطي وقواعد الضبط والربط العسكري ومن ثم فان مسلكها يتفق وصحيح حكم القانون ويكون والحال كذلك قد ثبت في حق الطاعن الخروج على مقتنضى الواجب الوظيفي والطابع النظامي لمرفق الامن.
واكدت المحكمة انه لا ينال من ذلك مادفع به الطاعن من ان قانون الشرطة خلى من أينص يمنع فرد الشرطة من اطلاق لحيته ,كما لايوجد قرار من وزير الداخلية بذلك,فذلك مردود عليه بان المستقر عليه في قضاء وافتاء مجلس الدولة ان المخالفة الادارية تقع في كل مرة ياتي الموظف فيها بفعل يمثل خروجا على ماتقتضيه منه واجبات الوظيفة حتى ولو لم يرد نص صريح بان هذا الفعل من المخالفات الادارية ,واذا تقدم بيان ان ظهور فرد الشرطة بمظهر قد يفقد المواطن الثقة في حياده وهو امر يتعارض مع النظام الوطيفي الحاكم لمرفق هيئة الشرطة يوجب المسئولية ولو لم يرد نص صريح بذلك.
كما لايجوز الاحتجاج بان الزام افراد الشرطة بعدم اطلاق اللحية يعد اعتداء على الحرية الشخصية ,وفي هذا الاعتداء مخالفة للدستور لان ذلك مردود عليه بان المستقر عليه في قضاء المحكمة الدستورية العليا ان الحرية الشخصية ليست مطلقة بلا ضابط وانه يجوز من الناحية الدستورية ان يوضع قيد على على الحرية الشخصية طالما كان وضع هذا القيد امر تتطليه حاجات او ضرورات يفرضها واجب تحقيق مصلحة اعلى من مصلحة الفرد.
واكدت المحكمة على ان عضو هيئة الشرطة حال انخراطه في مرفق الامن النظامي كان يعلم يقينا طبيعة هذا النظام وما قد تفرضه من قيود بطبيعة الحال تقيد بل وتعارض حريته الشخصية .
وخلاصة ذلك يجوز للقائمين على المرافق النظامية فرض قيود عامة على حريات العاملين فيها ويجوز فرض قيود خاصة على ممارسة حرياتهم وفقا لما تجريه من موازنة بين كفالة ممارسة العاملين بالمرفق لحرياتهم في حدودها القصوى واعتبارات المصلحة العليا للمجتمع.
ونوهت المحكمة انه لاينال من ذلك ايضا مادفع به الطاعن ان ذلك العرف الذي يحظر اطلاق اللحية على الضباط مخالف للمادة الثانية من الدستور الحالي ,واشارت المحكمة الى ان اهل العلم قديما وحديثا قد اختلفوا حول حكم اطلاق اللحية فمنهم من ذهب الى انها من سنن الفطرة ومنهم من ذهب الى انها عادة وليست عبادة ومنهم من ذهب الى انها سنة مؤكدة وقد صدرت العديد من الفتاوي في هذا السياق.
وقالت المحكمة ان الدستور اقر في مادتيه (2) و (3) على ان الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع وان شرائع المصريين من المسيحيين واليهود هي المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لشئونهم الدينينة ولو ترك الامر لكل من يرى ان دينه وعقيدته تامره ان يتخذ شكلا معينا او تصرف معين وهو يمارس عمله الشرطي المقدس لافرغت فكرة التنظيم من مضمونها ولصار الجهاز القائم على الامن شيعا ومذاهب وتاثرت بلا شك حياديته ,لذا فعلى السلطة القائمةعلى ادارة المرفق ان تحتاط وتمنع ذلك,وتوفر مامن شانه اشعار المواطنين بالطمانينة.
وبالتالى فمجازاة الطاعن بالوقف عن العمل لمدة شهر اعتبار من 24 مارس 2012 الى 23 ابريل من ذات العام صدر متفق مع القانون ويكون الطعن عليه في غير محله,في حين اشارت المحكمة الى بالنسبة للقرارات التالية على ذلك بمجازاته بالوقف عن العمل لعدة اشهر فانه وفقا لقانون الشرطة فانه لا يجوز توقيع أيجزاء على الموظف العام قبل التحقيق معه وتلك ضمانة جوهرية يترتب عدم اغفالها وعدم اتخاذها يبطل القرار ولما كان مانسب للطاعن مخالفة تاديبية,واذا صدرت قرارات بمجازاة الطاعن بالوقف عن العمل ,فان القرارات الصادرة بشانها تعد جزاءات تاديبية قائمة بذاتها يلزم التحقيق في كل منها على استقلال ,الا ان الاوراق خلت من أيتحقيقات اجريت مع الطاعن قبل توقيع قرارات الجزاءات,مما يستوجب الغاءها.
في حين رفضت المحكمة طلب التعويض الذي تقدم به الطاعن استنادا انه ثبت في حقه الخروج على مقتضيات وظيفته وارتكاب المخالفة التاديبية فمن ثم يكون ساهم بخطئه في اصدار جهة الادارة للقرارات التاديبية .
كان امين شرطة بالادارة العامة لشرطة الحراسات الخاصة بالقاهرة قد اقام طعنا برقم 149 لسنة 46 ق ضد وزير الداخلية ومساعد وزير الداخلية مدير الادارة العامة لشرطة الحراسات الخاصة مطالبا بالغاء قرار بوقفه عن العمل,بسبب اطلاق لحيته.
صدر الحكم برئاسة المستشار عادل فاروق وبعضوية المستشارين اشرف محمد وشريف محمد وبسكرتارية عماد عبد الحميد.