هل لديك علاقات نسائية؟!
كان ذلك أحد الأسئلة التي تعيَّن علىَّ إجابتها بعد منتصف الليل قبل عدة سنوات في مبني أمن الدولة بلاظوغلي، لأنني طلبت ترخيصاً لإصدار جريدة اقتصادية اسمها «البورصة»، فكان سبباً لخضوعي لوابل من الأسئلة سابقة التجهيز، من عينة: «هل تصلي الفجر في المسجد، وهل زوجتك محجبة» ورغم ضيقي من أسئلة الضابط إلا أنني أشفقت عليه لما انفرجت أساريره بعد أن أجبته متعجباً: وهل يستطيع أي منا أن يعيش بدون العلاقات النسائية؟!.
تذكرت تلك الواقعة عندما قرأت تصريحات رئيس هيئة الرقابة المالية د. أشرف الشرقاوي لزميلنا إيهاب فاروق، محرر «رويترز» عن سؤال حول الاتصالات التي توجه للهيئة لمحاربة تعطيل اندماج هيرميس مع كيو انفست القطرية والتي اكتفي فيها رئيس الهيئة بقوله «الأوراق غير مستوفاة» وأرسلوا الأوراق منذ شهر تقريباً ولكنها غير مكتملة وابلغناهم بذلك.
رد الشرقاوي يفتح تساؤلات عديدة عن قواعد الافصاح التي يجب ان تلتزم بها الهيئة قبل أن تكون هي الجهة المشرفة علي إلزام أطراف السوق المختلفة بالافصاح فالاجابة بأن الأوراق غير مستوفاة تصلح كحل نموذجي يرد به المسئول اذا أراد ألا يقول شيئاً رغم أهمية التساؤل وتعلقه بمصير صفقة لأكبر بنك استثمار بالسوق للمستثمرين الذين ينتظرون تنفيذ الصفقة والمشترين الذين يتابعون كل يوم تصريحات السيد رئيس الحكومة عن عدم نومهم من أجل تشجيع الاستثمار وتسهيل إجراءاته.
وتستطيع الهيئة ان تستمر في مطالبة الشركة بالأوراق غير المستوفاة لسنوات ان ارادت طالما أنها لا تفصح عن تلك المستندات المطلوبة خاصة أنها سبق وأعادت الجمعية العمومية للشركة وطلبت أموراً محددة تم عرضها علي الجمعية العمومية الثانية، كما أن الشركة يمكنها أن تؤكد التزامها بما طلب منها من إجراءات ومستندات طالما استمرت المستندات المطلوبة سراً دون الافصاح عنها رغم أنها تتعلق بصفقة الافصاح ركن اساسي لاتمامها.
واذا كان هناك اتهامات بالسوق بأن هناك عرقلة لاتمام الصفقة أليس من الضروري ان تفصح الهيئة عن المستندات التي تؤخر تنفيذ نقل الملكية حتي اذا ما التزمت بها الشركة يتم تنفيذ العملية أو تتاح الفرصة للمتعاملين بالرجوع علي الهيئة لأنها تؤخر اصدار موافقة عدم الممانعة لأسباب غير واضحة في هذه الحالة.
وأضيف إلي سؤال زميلي إيهاب فاروق سؤالاً واضحاً أرجو أن تجيب عليه «البورصة» و«الهيئة» بشكل واضح.. هل هناك خطاب صادر من مكتب رئيس جهاز الكسب غير المشروع منذ عدة أشهر بعدم تنفيذ الصفقة في الوقت الجاري بدون إخطار الجهاز لحين الانتهاء من التحريات حول علاقة جمال وعلاء مبارك بالشركة؟!
وهل بالفعل تلقت الهيئة مثل هذا الخطاب وقامت بإرساله لـ«البورصة» للعلم؟ ولماذا لم يتم الافصاح عنه اذا كان ذلك صحيحاً؟.
وأرجو ان تقوم السيدة هبة الصيرفي، المسئول عن الافصاح صباح اليوم بتوجيه سؤال واضح لرئيسها د. محمد عمران ورئيس الهيئة د. أشرف الشرقاوي هل يوجد لديكم علم بهذا الخطاب أم انه شائعة؟ باعتبارها المسئولة الأولي عن الافصاح وإلا فإننا أمام مؤسسات تلزم الآخرين بالافصاح ولا تلزم نفسها بذلك.
وتستدعي الشفافية وجود نموذج واضح للمستندات المطلوبة لنقل ملكية الشركات واصدار عدم الممانعة بالنسبة لشركات الأوراق المالية من جانب هيئة الرقابة المالية لأن التعامل حالة بحالة يفتح الباب لتفسيرات عديدة وأن يتم توحيد الجهة التي تتعامل مع الشركات فلماذا يتم تقديم طلب عدم الممانعة لـ«البورصة» لترسله بدورها للهيئة لتخاطب الأخيرة الشركات بطلباتها بعد ان تكون «البورصة» طلبت هي الأخري مستنداتها الخاصة بنقل الملكية.
ولن يكون من المفاجئ أن تطلب الهيئة تفسيراً حول تمويل الصفقة خاصة أن رأسمال الشركة المستحوذة هيرميس ـ قطر أقل من قيمة الصفقة وذلك بدلاً من أن تطلب الزام المشتري بايداع قيمة الصفقة بأحد البنوك المصرية وكأن رأس المال هو المصدر الوحيد للتمويل!
وأيضاً لن تكون مفاجأة أن تكتشف الهيئة أن هيرميس ـ قطر شركة لا تملك الخبرة في صناعة الأوراق المالية لأنها لم تمارس النشاط بصورة كبيرة منذ تأسيسها وبالتالي فهي غير مؤهلة للشراء.
وما دامت المستندات المطلوبة غير معلنة وواضحة ونهائية فإننا أمام طريقة رمادية للتعامل مع الصفقات والعمليات هذه يتم تمريرها وتلك يتم «مط» إجراءاتها وأخري يتم السؤال فيها عن أسئلة من عينة ضابط أمن الدولة الذي أشرت إليه في البداية.
لا أحد يعترض علي الدور الرقابي للهيئة ولا أحد فوق القانون ولا يعني تسهيل الإجراءات تجاوز القواعد ولكن ما ينقصنا هو الوضوح وعدم إدخال السوق في مزيد من الأنفاق المظلمة بعد أن تهاوت الثقة في الاقتصاد والاستثمار وتراجع حجم التعاملات لمستويات تهدد بإفلاس مؤسسات السوق الذي كاد يصبح «ذكري» بفضل إدارتنا الرشيدة.