أكد المصرفيون أن قرارات البنك المركزي الأخيرة بشأن ربط ودائع البنوك وإيقاف إجراء عمليات إعادة الشراء بالريبو سترفع من أعباء وزارة المالية في مواجهة سد عجز الموازنة بعد ارتفاع تكلفة الاقراض من القطاع المصرفي.
وقالت داليا وهبي، نائب رئيس قطاع الخزانة المصرفية ببنك الاستثمار العربي إن قرارات البنك المركزي الهدف منها هو كبح زمام التضخم بعد وصوله لمعدلات يخشي السيطرة عليها.
وأضافت وهبي أن كل هذه القرارات ستزيد من أعباء المالية في سد عجز الموازنة مقابل تعظيم استثمار البنوك في أذون الخزانة والسندات وتوظيف ما لديها من سيولة بعد رفع العائد علي الشهادات والأوعية الادخارية لاسيما أن الطلب علي الائتمان ضعيف في ظل الظروف الراهنة.
أوضحت أنه علي وزارة المالية أن ترضخ لزيادة العائد علي أدوات الدين الحكومي خلال الفترة القادمة الذي سيرتفع حتما في ظل القرارات المتلاحقة، وعليها أيضا الاستجابة لشروط القطاع المصرفي في الاقراض، واصفة الاقتراض من البنوك بأنه سيكون اتجاها اجباريا أمامها لعدم وجود بدائل أخري.
وأشارت إلي أن هناك تعارضاً دائماً بين السياسات النقدية والمالية بسبب اتجاهات وزارة المالية ومناداتها بضرورة خفض العائد علي أدوات الدين مقابل اتجاه البنك المركزي في محاربة التضخم.
قالت إن البنك المركزي يعمل علي ايجاد مخرج للتوازن بين السياستين بمالا يضر الصالح العام ويرضي جميع الأطراف.
وكان البنك لمركزي قد أعلن عن بدء عمليات ربط ودائع للبنوك لديه للاستفادة من فائض السيولة لدي الجهاز المصرفي اعتبارا من اليوم ولمدة 7 أيام بعائد ثابت 25.10%.
وذكر أنه سيبدأ في تلقي الطلبات، وسيتم الإعلان عن مبالغ العملية والنتائج علي موقع البنك عبر موقعه الالكتروني كما سيتم إيقاف إجراء عمليات إعادة الشراء الريبو إذا استدعي الموقف ذلك.
وقال أحمد الخولي مدير قطاع الخزانة المصرفية ببنك التعمير والاسكان إن السياسة النقدية في قبضة البنك المركزي وليست المالية، مشيرا إلي أن المركزي هو الذي يحدد هذه السياسات.
أضاف أن المالية لابد أن تركب الصعاب لاحتياجها إلي تمويلات من قبل القطاع المصرفي بالفائدة التي يحددها أيا كان ارتفاعها في ظل تراجع الائتمان وتمويل الشركات لارتفاع مخاطر التمويل بسبب توقف معظم المشروعات وعدم استمراريتها، ما يهدد أموال البنوك التي تضطر إلي الاستثمار في أذون الخزانة والسندات علي اعتبار أنها آمنة.
وأوضح أن الظروف الراهنة تبدو عصيبة للغاية وسط ارتفاع معدلات التضخم التي تدعو الجميع إلي مقاومته، معتبرا قضية التضخم من أهم القضايا التي يعني بها المركزي في إدارة الأمور.
أشار الخولي إلي أن أسعار الفائدة بمختلف أنواعها لابد أن تتشابك وتترابط مع بعضها البعض في اتجاه واحد.
قال إنه ليس أمام وزارة المالية خيار آخر لتمويل عجز الموازنة سوي الاقتراض من البنوك بعائد مرتفع.
وكانت مصادر بوزارة المالية قد كشفت خلال الأيام القليلة الماضية عن اجتماعات ستعقد مع قيادات البنك المركزي خلال الفترة القادمة للتنسيق بين صناع السياسة النقدية والمالية فيما يتعلق بسعر الفائدة الذي يشهد جدلا بين الطرفين، فالبنك المركزي يرفع الفائدة لتحجيم التضخم، والمالية ترغب في خفضها للحصول علي تمويل رخيص لسد عجز الموازنة.
واعتبر الخولي أن مطالب وزارة المالية بضرورة ايجاد عائد معتدل بها تقديم لمصلحة طرف واحد دون نظر لمصالح الأطراف الأخري التي تؤثر في الاقتصاد بصفة عامة.
أضاف أن البنوك لجأت الفترة الأخيرة لرفع العائد علي الشهادات والأوعية الادخارية تزامنا مع قرار المركزي رفع العائد عليها حيث تلجأ البنوك لتوظيف أموال المودعين في الاستثمار في أذون الخزانة والسندات لضعف توظيفها في الائتمان.
وفي سياق متصل، قال تامر يوسف، رئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك الأجنبية إن آلية ربط الودائع التي أعاد تفعيلها البنك المركزي يستهدف منها خلق نوع من التوازن بين جميع أسعار الفائدة وممارسة سياسة الضغط المباشر علي وزارة المالية لرفع العائد علي ادوات الدين الحكومي.
ودعا يوسف وزارة المالية إلي ضرورة ترشيد الانفاق الحكومي لتتمكن من تقليل المصروفات وزيادة الإيرادات.
وقال يوسف انه ليس هناك بدائل أمام الوزارة سوي الاقتراض من البنوك لتمويل عجز الموازنة، لافتاً إلي أنها تقترض بموجب أموال المودعين في البنوك.
أوضح أنه يجب التنسيق بين المركزي والمالية للصالح العام الذي تحتاجه البلاد لأن السياسة النقدية هي التي تتحكم في أسعار الفائدة، بينما تتحكم السياسة المالية في المصروفات والإيرادات ومن ثم وجب خلق سياسة توازنية بين الطرفين بما لا يتعارض مع بعضهما البعض.