قراره رفع « الكوريدور » يوسع الهوة بين السياسات المالية والنقدية
سندات وأذون الخزانة الحكومية تسجل أعلي عائد لها منذ سبعة أشهر
وسع قرار البنك المركزي الاخير رفع أسعار العائد علي « الكوريدور » 0.50% من الهوة بين السياسات النقدية والمالية، ووصل سعر العائد علي الإيداع 9.75% و10.75% للإقراض، وتسبب القرار الهادف إلي السيطرة علي ارتفاعات الأسعار والمحافظة علي قيمة العملة المحلية امام الدولار الامريكي في رفع تكلفة الدين العام علي الحكومة.
وسجل العائد علي أذون الخزانة في اول مزاد بعد قرار المركزي ارتفاعا 0.5% ليصل إلي أعلي معدلاته في أربعة أشهر، بينما قفز العائد علي سندات الخزانة بمعدل 1% لتقترب من حاجز 17% مسجلاً أعلي معدلاته في سبعة أشهر.
ولم يلتفت البنك المركزي للتأثيرات السلبية والتكلفة التي تتحملها المالية عقب قرار رفع العائد، وحاولت المالية أن تصمد امام قرار لجنة السياسة النقدية لتلغي مزاد الاثنين الماضي علي سندات الخزانة بقيمة 5 مليارات جنيه نتيجة ارتفاع الأسعار كما قبلت ملياراً واحداً فقط من عطاء الأذون الذي طرحته الأحد الماضي بقيمة 2.5 مليار جنيه لأجل 91 يوماً نتيجة ارتفاع العائد علي عروض اكتتابات البنوك.
وأخيراً أعاد البنك المركزي تفعيل آلية الودائع المربوطة بداية الاسبوع الماضي بسعر عائد بلغ 10.25% سنويا، كوسيلة للحد من مستويات السيولة في السوق وكبح التضخم، وفي المقابل أوقف عمليات اعادة الشراء «الريبو» والتي كانت تستهدف ضخ سيولة في السوق.
قال أحمد الخولي، رئيس قطاع الخزانة ببنك التعمير والإسكان إن البنك المركزي يقع علي عاتقه عدد من المسئوليات أبرزها ضبط السوق ومستويات الأسعار وكذلك محاولة الحفاظ علي قيمة الجنيه، مشيرا إلي أن ذلك يتم من خلال مجموعة من الآليات ابرزها سعر العائد “ الكوريدور ”.
أضاف أن المركزي واصل سياسة تثبيت أسعار العائد خلال العام والنصف الماضيين لعدم وجود ما يستدعي ذلك وتخفيفا من أعباء الحكومة بشكل غير مباشر والتي تتحملها في سد عجز الموازنة العامة، مشيرا إلي ان السياسة النقدية يقع علي عاتقها مهام مباشرة لا يمكن تجاهلها.
في المقابل، تجاهد الحكومة في الحصول علي تمويل للعجز المتفاقم في الموازنة العامة للدولة، والذي يتوق أن يتجاوز 185 مليار جنيه.
ومن المنتظر أن تطرح وزارة المالية أذوناً وسندات خزانة في الربع الحالي والأخير في السنة المالية بقيمة 170 مليار جنيه، ومن شأن زيادة الفائدة علي هذه الاصدارات أن يفاقم مخصصات الفوائد في الموازنة العامة للعام المالي الجديد التي يتوقع أن تستحوذ علي ربع الانفاق علي الأقل.
ومن جانبه، قال أسامة المنيلاوي ، رئيس قطاع الخزانة ببنك الشركة المصرفية ان هناك فجوة واضحة بين السياسة النقدية والمالية، لافتا إلي أن البنك المركزي دائما ما يحاول التقريب من تلك السياسات والتضافر مع الحكومة في تطبيق الأهداف العامة لدفع الاقتصاد ولكن هناك مسئوليات مباشرة تقع علي كاهله ولابد ان يتخذ فيها الإجراءات اللازمة كرفع العائد لكبح زمام التضخم أو تخفيضه في حالة استقرار وانخفاض الأسعار.
أضاف أنه في بعض الاحيان القرارات التي يتخذها كل من الطرفين لتحقيق أهداف بعينها تأتي بتأثيرات سلبية علي الطرف الآخر وهو ما حدث بالفعل عندما اتخذ البنك المركزي قرار رفع العائد علي الكوريدور وتسبب في رفع العائد في الاسبوع التالي علي عطاءات أدوات الدين الحكومي من أذون وسندات خزانة.
وأشار المنيلاوي إلي ضرورة وضع سياسات متكاملة بين البنك المركزي ووزارة المالية لعدم الإضرار بسياسات كل منهما، لافتا إلي أن البنك المركزي صمد كثيرا أمام الأوضاع الاقتصادية محاولة منه لدعم الحكومة ولكن ارتفاعات الأسعار تتحدي قدرته علي الثبات امام ذلك التحدي.
قال محمد البيك، رئيس قطاع الخزانة بالبنك العقاري العربي إن رفع المركزي العائد علي الكوريدور ينتظره رد فعل طبيعي لارتفاع العائد علي أدوات الدين الحكومي، مشيرا إلي ان المركزي يستهدف التضخم من خلال الآليات المختلفة دون النظر للآثار السلبية التي تقع علي الدين العام في ارتفاع في التكلفة.
اضاف ان عجز الموازنة العامة لأي دولة هو حدث عرضي لابد من تخفيف آثاره، مشيرا إلي أن المركزي ليس عليه مسئولية كاملة في الحفاظ علي تكلفة سداد الدين بقدر مسئولياته في إدارة السياسة النقدية والتخلص من معدلات التضخم المرتفعة.