يسعي المضاربون إلي تحقيق الأرباح من الفارق الناجم عن تقلبات أسعار صرف العملات وسط تجدد التكهنات حول استمرار الحكومات في عمليات طبع النقود لتحفيز الاقتصاد المتعثر في الدول المتقدمة والناشئة.
وتضاعفت احجام التداول في أسواق العملات مرتين خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث تنشط المؤسسات للاستثمار في الرهان علي تقلب العملات المختلفة بين الزبائن الذين يأملون في تحقيق الربح من خلال جولة الحرب الجديدة في سوق العملات بين حكومات العالم لدفع اقتصادها المتراجع ودعم صادراتها في السوق الدولية.
وتسبب القلق إزاء الاقتصاد العالمي وتدخلات الحكومات عبر برامج التحفيز لانعاش الطاقات الانتاجية في خلق تحركات حادة للدولار واليورو والاسترليني والين في غضون الأشهر القليلة المنقضية.
ومن أهم علامات هذه الجولة من معارك العملات النشاط القوي للمؤسسات التي تراهن علي شراء اليورو وبيع الين مع تنامي الاقبال علي العملة الأوروبية الموحدة بطريقة غير مسبوقة منذ يوليو 2011.
قالت كاثلين بروكس، خبيرة موقع فروكس دوت كوم، إن تجاهل الدول العشرين الكبري لمصطلح حرب العملات لا يعني أنها غير موجودة.
وأضافت أنه في ظل الظروف الراهنة يعتبر امتلاك عملة ضعيفة ميزة اقتصادية، حيث تتآكل نسبة النمو الاقتصادي جراء سعر الصرف القوي للعملة المحلية. لكن حرب العملات لا تزال تدار خلسة في كواليس البنوك المركزية بدلاً من الدخول في معارك علنية.
ويري بعض الخبراء أنه من الضروري معرفة اللاعبين الكبار في سوق العملات وفي إدارة جولات معركة اسعار الصرف ومتابعة تحركاتهم لتحقيق أفضل الارباح.
قال شيي هافيتز مدير انترتريدر أونلاين لتداول العملات عبر الانترنت إن الدول التي بدأت عمليات خفض العملات هي تلك المثقلة بالديون خاصة الولايات المتحدة وأوروبا واليابان مقابل الدول الدائنة مثل الصين وروسيا والبرازيل التي تسعي لزيادة صادراتها في الخارج فضلا عن خفض قيمة ديونها.
وتوقع الخبراء أن تستمر لعبة القط والفأر بين البنوك المركزية في حلقة من الصعود والهبوط لليورو امام الدولار والاسترليني أمام الدولار والدولار نفسه أمام الين وكذلك اليورو أمام الين.
لكن تبقي هناك فرص افضل لاصحاب القلوب القوية التي تستهويها المخاطر العالية وتنتظر حدوث تغيرات دراماتيكية سريعة في فارق التداول بين عملتين مثل الدولار أو اليورو أمام الين والين أمام الريال البرازيلي والرينميمبي الصيني أمام الروبل الروسي.
حذر هافتيز من أن المثال الاقرب لهذه المخاطرة يأتي من التحركات السريعة في عملات تسببت فيها تدخلات حكومية في فنزويلا التي تسعي لحماية اقتصادها عبر خفض عملة بوليفار المحلية بنحو 46% في ليلة واحدة وهي خطوة غالبا ما تحدث ليلا أو في آخر يوم من اسبوع التداول.
ويعتبر هذ النوع من المخاطر رمادي النتائج حيث لا يمكن توقع متي واين يأتي أي من هذه الخطوات ومدي تأثيرها لكن في السوق من يدرك أن هذه الخطوة قد تحدث في لحظة ما.
وأكد هافتيز أنه رغم عدم استقرار الاسواق فإنه من غير المتوقع أن تخرج حرب العملات عن السيطرة بفضل جهود المنتديات الدولية حيث يقوم قادة الدول بتنسيق القرارات، مشيرا إلي أن هذه الحرب ستبقي تحت السيطرة مع استمرار التقلبات بدلا من الحرب العلنية الشاملة التي يتجنبها الجميع والتي ستدمر الاقتصاد العالمي الذي يعاني هشاشة النمو بالفعل.
وتسببت الاضطرابات المالية العالمية في تغير ثنائيات المضاربة علي العملة حيث ظهر بعض المستثمرين الذين يفضلون المضاربة علي سعر الدولار الاسترالي أمام اليورو منذ 2008 بحسب ميشيل هيوسن محلل الأسواق في سي إم سي.
وارتفع سعر صرف الدولار الاسترالي بحدة أمام اليورو وكان مصدراً كبيراً للربح ويمكن الاستمرار في الاحتفاظ بمخزونات العملتين لفترات طويلة نسبياً لاستقرار مؤشر فارق السعر نسبيا بينهما حالياً.