اختتم صندوق النقد الدولي ، الأسبوع الماضي، مباحثاته حول الشروط مع الحكومة التونسية علي قرض بالغ الأهمية، أما في أكبر بلد في شمال أفريقيا فإنه لا يوجد شيء سوي الكلام المشجع.
وفي مصر، علي الرغم من مواصلة المحادثات في واشنطن علي هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، فإن عدم وجود أي خبر يعتبر أمراً مقلقاً.
تشمل الصفقة مع تونس إتاحة 1.75 مليار دولار ولمدة 24 شهراً كاتفاقية استعداد ائتماني « standby-arrangement ». والتالي جزء من نص بيان الصندوق عن تونس:
«إن تنفيذ مزيج من السياسات الملائمة والتي ستساعد علي خلق الاستقرار علي مستوي الاقتصاد الكلي، بالاضافة إلي الاستخدام الأمثل للنفقات العامة، ستساعد علي استعادة الحيز المالي لتحديد الاولوية لرأس المال والانفاق الاجتماعي.
بينما تستهدف السياسة النقدية السليمة احتواء التضخم والحفاظ علي استقرار الجهاز المصرفي. كلما زادت مرونة سعر الصرف، بالاضافة إلي الاصلاحات الهيكلية لتحسين القدرة التنافسية في الاقتصاد، كان هذا الوضع مساعداً علي تحسين موقف تونس الخارجي وإعادة بناء مخزون احتياطي للعملات الاجنبية».
ويقصد بهذا المزيج السياسات والتدابير المالية لصندوق النقد الدولي، ولكن بدون تحديد التفاصيل، غير أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لن يسر الجميع، كما كتب « بوروزو دراغي » في الفاينانشيال تايمز:
«التمويل من الصندوق يكون بمثابة احتياطي، وستقوم تونس بالسحب منه حال البدء في نفاد النقدية.
خلال الأسابيع الماضية، قامت الحكومة برفع أسعار الوقود بما يقرب من 7%، وزيادة الضرائب علي الكحول وتقليص الدعم علي اللبن الذي تنتجه الدولة. كما قامت الدولة بفرض 1% ضريبة علي الاجور والمرتبات التي تزيد علي ألف دولار شهريا».
و تابع: «الزيادة في المستوي العام للأسعار أدت إلي دعوات لاضرابات واحتجاجات والتي من شأنها إضعاف الاقتصاد التونسي والذي يعتمد اعتماداً كبيراً علي السياحة والاستثمارات الأوروبية».
وكتب «وليام جاكسون»، وهو صاحب فكر رأسمالي: ان القرض بالنسبة للبعض الآخر هو مصدر لارتياح كبير، مشيراً إلي انه يعمل علي مساعدة تونس علي تجنب الوقوع في ازمة عجز في ميزان المدفوعات، حيث ان البيئة الخارجية الضعيفة والاضطرابات السياسية تسببتا في زيادة العجز في الحساب الجاري إلي 8% من الناتج المحلي الإجمالي. وعموما فاننا نقدر ان إجمالي متطلبات التمويل الأجنبي لتونس أي خلال العام المقبل (هو مجموع الحساب الجاري والدين الخارجي صغير الأجل) يبلغ 9 مليارات يورو.
لذلك فإن حزمة التمويل من صندوق النقد الدولي هي اصغر من إجمالي متطلبات التمويل الأجنبي، إذا فان قرض الصندوق بمفرده لا يستطيع حل مشاكل التمويل الأجنبي لتونس، ولكن يعتير مرساة للإصلاح الاقتصادي والذي سيؤدي إلي عودة رأس المال مرة اخري.
انخفض مؤشر البورصة الرئيسي لتونس بـ34.08 نقطة ليصل إلي 4،559.22 وبنسبة انخفاض 0.74%.
وفي الوقت نفسه، فإن المأزق بين مصر وصندوق النقد الدولي قوبل بتشجيع معتدل من قبل بيان آخر من الصندوق، وهذه المرة قال:
«أحرز موظفو صندوق النقد الدولي والسلطات المصرية مزيداً من التقدم في مناقشتهم في واشنطن هذا الأسبوع، وتعهدت السلطات المصرية بالالتزام في مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية بهدف استعادة النمو المستدام والمتوازن اجتماعيا، وانها تتخذ بالفعل الاجراءات في هذا الاتجاه. وسوف يستمر العمل للتوصل إلي اتفاق بشأن صندوق النقد الدولي لدعم البرنامج الاقتصادي الوطني في الاسابيع المقبلة».
الاتفاق سيحسم بحلول مايو بعد ذلك، كما اظهرت المفاوضات السابقة.
ولكن رأي معظم المحللين انه قد يمتد لفترة اطول، مع بعض الشك في انهاء الاتفاق قبل عام 2014، حيث كتب «سايمون كيتشن» و«محمد ابو باشا» من المجموعة المالية هيرميس، في مذكرة ان الربع الرابع من عام 2013 كان الاقرب لانهاء الاتفاق من وجهة نظرهم:
«نواصل تحديد احتمال ضعيف للوصول إلي اتفاق مع صندوق النقد في الاشهر القليلة المقبلة ونحتفظ بتوقعاتنا ان الصفقة ستنتهي في الربع الرابع من عام 2013. ان التطورات السياسية علي مدي الاسابيع القليلة الماضية تسببت في ارجاع البلاد مرة اخري إلي نقطة البداية، حيث ان الحكومة تواجه مرحلة تحتاج فيها إلي اتخاذ قرارات اقتصادية صعبة ولا تحظي بشعبية قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة. وهذه هي نفس الظروف التي مرت بها مصر مسبقا في ديسمبر 2012 عندما تأجل توقيع الاتفاق النهائي، وذلك بعد الاتفاق المبدئي علي مستوي الموظفين بسبب الوضع الاقتصادي المتدهور».
«ونحن نعترف، مع ذلك، أن الصفقة لا تزال علي الأرجح قابلة للموافقة عليها، وذلك لأن مصر اكبر من ان تفشل، ولكن فقط الاضطرابات تكون بسبب الضغط من المجتمع الدولي، وخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية، ومن المقرر استكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي الأسبوع المقبل في واشنطن والتي تتبعها زيارة أخري من بعثة الصندوق إلي القاهرة، حتي لا تكون هناك إمكانية ضئيلة لاتفاق علي مستوي الموظفين يجري التوقيع عليها في أواخر مايو».