لا أعتقد أن جماعة الإخوان ستترك انتخابات اتحاد الصناعات تمر دون أن يكون لها يد فيها.. فالاتحاد باعتباره أكبر منظمة لأصحاب الأعمال سيظل مطمعاً لكل من يحكم في أن تكون هذه المنظمة تابعة له.. وكان الأمر كذلك في عهد النظام السابق إذ كان لقيادات الحزب الوطني المنحل دور كبير في اختيار قيادات الاتحاد والغرف ومجالس الإدارات خاصة أن القانون الحالي يمنح الحكومة تعيين رئيس الاتحاد والوكيلين وعدد من أعضاء مجلس إدارة الاتحاد بجانب 5 أعضاء في مجلس إدارة كل غرفة.
إذن الأخونة ستصل لاتحاد الصناعات والانتخابات ستدار من جمعية ابدأ سواء أنكر ذلك من أنكر، ولكن تلك هي الحقيقة، ولكن هذه المرة أمام أعضاء اتحاد الصناعات فرصة تاريخية في أن يخرجوا عن صمتهم والحديث داخل الغرف المغلقة والذي كان دائراً لسنوات طويلة خوفاً من بطش النظام السابق ورجاله الآن يمكن أن يعود الاتحاد كمنظمة لها دور في صناعة القرار الاقتصادي ولها صوت مسموع لدي الحكومة حتي ولو كان الاتحاد تابعاً لها إدارياً.. إن الاتحاد يستطيع أن يكون جماعة ضغط إذا أراد الآن أكثر من أي وقت مضي.
هل يكون صفوان ثابت الرئيس القادم؟
مع قرب الانتخابات داخل اتحاد الصناعات بدأت بورصة الترشيحات تطرح أبرز المرشحين لرئاسة الاتحاد وانحصرت الترشيحات في كل من رجل الأعمال صفوان ثابت وأحمد أبوهشيمة ومحمد السويدي، وكيل الاتحاد الحالي..
وبالتأكيد فإن من يتابع نشاط الاتحاد علي مدي السنوات الماضية سيحصر الترشيحات بين صفوان ثابت ومحمد السويدي باعتبار أن كليهما عمل وتفاعل داخل الاتحاد وغرفه لسنوات.. إلا أن ذلك أيضاً قد يكون لصالح صفوان ثابت باعتباره الأقدم في عضوية الاتحاد وكرئيس سابق لغرفة الصناعات الغذائية وكعضو فعال ونشط لدورات كثيرة بالاتحاد حيث يتمتع بشعبية كبيرة وبعلاقات واسعة مع أعضاء الاتحاد كبيرهم وصغيرهم.. وله مواقف كثيرة مع النظام السابق كانت سبباً في مضايقات حكومية له ولشركاته ولم يكن عضواً بالحزب الوطني وكان يفضل أن يكون علي مسافة واحدة من كل التيارات السياسية.. وهو ما جعل البعض يصنفه كإخواني، لأنه قد يشارك في لقاء للإخوان ثم تجده في لقاء مع الناصريين وهكذا.. وأري إن أراد الإخوان التدخل في هذه الانتخابات فقد يكون في اختيارهم لربان ماهر لاتحاد الصناعات فرصة لهم لتصحيح صورتهم لدي الصناع وللتأكيد علي تقديرهم لهذه المنظمة العريقة.
ذكريات خميس وسعودي والثعلب الصغير
بمناسبة انتخابات اتحاد الصناعات أذكر أن أفضل وأنشط الدورات حينما تولي رجل الأعمال محمد فريد خميس في منتصف التسعينيات رئاسة الاتحاد واستطاع أن يجعل من هذا الاتحاد من إدارة تابعة لوزارة الصناعة إلي منظمة وبيت للصناع بحق.. فقد تحول الاتحاد لخلية نحل اجتماعات بصفة مستمرة.. وزراء ومسئولون يتواجدون باستمرار في الاتحاد قضايا سياسية واقتصادية تناقش بجرأة.
كان الاتحاد لا يترك اتفاقية أو قرارا إلا ويقوم بدراسته وكان يستعين بأهل الخبرة من المستشارين والخبراء في أعواد الدراسات والبحوث، ولكن ما إن ظهر رجال الفكر الجديد واعتلوا كراسي الحكم في الحزب الوطني.. تغير الحال وظهر الثعلب الصغير أحمد عز ودخل الاتحاد وكيلاً للراحل القدير د. عبدالمنعم سعودي وشتان بين الاثنين فكان سعودي صاحب مواقف وطنية يميل لصغار الصناع ولكن كان عز يريد أن يحول الاتحاد لناد لكبار الصناع فقط، وفكر ودرس وخطط لذلك ولكن وقف له أعضاء الاتحاد في ذلك الوقت.
أما الرئيس الحالي للاتحاد جلال الزوربا، فهو رجل أعمال ناجح برجماتي كأغلب رجال الأعمال.. جاء الاتحاد لهدف نجح في تحقيقه بتطبيق اتفاقية الكويز، وكما ذكرنا فهو كبرجماتي لا يشتغل كثيراً بالمواقف السياسية المصاحبة للكويز وانفعالات الرأي العام أو حتي هدف الكيان الصهيوني من هذه الاتفاقية.. ولذلك كان يدير الاتحاد برؤية رجل واحد.. يفضل أن يكون الاتحاد بعيداً عن القضايا العامة سياسية أو اقتصادية بدليل أنه حتي الآن لم يكن للاتحاد موقف، مما يحدث بالبلاد منذ ثورة 25 يناير لا تعرف هل الاتحاد مع الثورة أو ضدها!
الاستقلال الممنوع
أطرف ما في انتخابات اتحاد الصناعات أنه مع بداية كل دورة ينفعل الجميع، مطالبين بضرورة تعديل قانون اتحاد الصناعات حتي يكون الاتحاد مستقلاً عن الحكومة.. وأذكر أنني عاصرت أكثر من 5 مشروعات قوانين لتعديل قانون الاتحاد، ويحاول المشروع للحكومة فتضعه في الأدراج وتعد قيادات الاتحاد بأنه سيحال للبرلمان قريباً.. وبسذاجة كان يقتنع أعضاء الاتحاد بذلك بأن الحكومة في عهد النظام السابق بسهولة ستتخلي عن سلطتها في تعيين رئيس الاتحاد والوكيلين وعدد كبير من أعضاء مجلس إدارة الاتحاد والغرف وتترك الاتحاد لأعضائه.
الآن فقط يمكن للاتحاد في دورته الجديدة أن يضغط لتحقيق ذلك في أن يكون منظمة مستقلة وألا يقع فريسة لوعود حكومية تكرس للسيطرة والتبعية.