لفت الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي أنان النظر إلي العقود الظالمة التي وقعتها الكونغو الديمقراطية لاستخراج المواد الخام من أراضيها أثناء كلمة ألقاها أمام لجنة تنمية أفريقيا .
وشهدت عمليات التنقيب خلال السنوات الأخيرة طفرة هائلة بدافع من الأسعار القياسية لأسعار السلع الاساسية وهو ما اطلق العنان لأنشطة المناجم التي كانت محدوة منذ سنوات قليلة.
وتستفيد دول أفريقية كثيرة من نشطة التنقيب حيث ينتشر النحاس في الكونغو الديمقراطية وزامبيا والبترول في كينيا واوغندا والغاز في موزمبيق وتنزانيا والحديد في غينيا وسيراليون.
ورغم أن عمليات التنقيب وفرت لأفريقيا مصدرا لتمويل خطط التنمية فيها إلا أنها قد تمثل فرصة ضائعة بالنسبة لمستقبلها أيضاً وجهود تطوير اقتصادها.
ويتطلب تسخير ثروة الموارد الطبيعية لمصلحة الدول الأفريقية سلسلة مستمرة من القرارات الصحيحة التي تعتبر أساسية من اجل ضمان وصول عائدات هذه السلع الاساسية للمجتمع وفقاً لتقرير نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز.
وقال أنان في تقرير نشرته الصحيفة الاسبوع الماضي إن عقودا لاستخراج الخامات في الكونغو مثلها في غينيا سمحت للدول الفقيرة بالحصول علي حصة ضئيلة جدا من عائدات ثرواتها الطبيعية علي مدار عقد من العمل في المناجم الافريقية عبر عقود اتفاق فاسدة.
وتصطدم أي محاولة للحصول علي القيمة العادلة لثروات الشعوب بعمل الحكومات الأفريقية تحت أعباء تشل حركتها في مقدمتها أن المعلومات المتوفرة للسلطات الأفريقية تختلف عن المتوفرة لدي الشركات بشدة وهو ما يضعف موقف المفاوضين الأفارقة.
الأسوأ من ذلك، هو أن المفاوضين في كثير من الأحيان لا يمكن أن يكونوا تحت إشراف فعال، وهي دعوة مفتوحة لرشوة الحكومات المسئولة، والشركات المسئولة، وهذه أعباء لا تطاق.
ويمكن تخفيض الاختلالات من خلال تدريب فرق التفاوض، وتوفير معلومات دقيقة من خلال الاعتماد علي المناقصات والمزادات وبالتالي يكشف كل عرض فني عيب العروض الاخري، كما يمكن محاربة الرشوة بإلزام الشركت بمزيد من قواعد الشفافية.
وكشف تقرير أنان عن أن أحد العقود الحديثة التي شملت بيع حقوق التنقيب في الكونغو الديمقراطية أدت إلي اهدار ما لا يقل عن 725 مليون دولار كانت كفيلة بانعاش دولة تعد من المصنفة بين الشعوب الافقر في العالم.
ويعتبر العمل في المناطق الحدودية نشاطاً مرتفع المخاطر لكن لابد من وجود تناسب بين هذه المخاطر وطبيعة الاستثمار والعائدات المرجوة منه مع مرعاة ارتفاع قيمة الاصول الموجودة علي الأرض.
ومن أهم الدروس المستفادة من تقرير كوفي أنان أنه يجب الابتعاد عن التعاون مع شركات لا يمكن اخضاعها لفحص دقيق فالشركات مثل بعض الشركات الخاصة والشركات المسجلة في بورصات ضعيفة الرقابة حيث غالبا تكون غير مؤتمنة علي أصول الموارد الطبيعية.
وطالبت الصحيفة البريطانية الدول الكبري جميعها بتقديم قائمة بما لديها من الشركات الغامضة التي يمكنها القيام بأي ممارسات ضارة بمصالح الشعوب الافريقية.
وتشير الصحيفة إلي أن عقود التنقيب عن الخام غير المعقولة تمت في سرية شديدة حيث دفعت الشركات أموالاً للشركات العامة والمسئولين لتمريرها كما أن أموال هذه التعاقدات يتم تحويلها بعيداً عن الرقابة تجنبا لدفع ضرائب للدول الأم للشركات المستثمرة، وتمثل العقود السرية مسارا لعملية غسيل أموال الرشا.