تعديلات قواعد القيد في 2008 جففت الاكتتابات العامه ومطالب بتنقيحها لجذب الشركات
اسهمت قواعد القيد الجديدة التي صدرت عام 2008 في القضاء علي آلية تأسيس الشركات عن طريق الاكتتاب العام بعدما اشترطت صدور قوائم مالية للشركة الراغبة في القيد لعامان سابقين لتاريخ القيد لا تقل نسبة الربحية عن 5% من رأس المال, بالاضافة الي بعض المعوقات الاقتصادية الاخري.
واتجهت أنظار الاحزاب الاسلامية والحكومة والمجلس التشريعي الحالي بالبحث عن ادوات جديدة تساعد في بناء المشروعات وضخ استثمارات من مدخرات الافراد, والمستثمرين العرب والاجانب, ليختاروا صكوك التمويل الاسلامية من ماليزيا و التي تمثل أكبر الدول المصدرة للصكوك في العالم,
ورغم حصة ماليزيا من الصكوك الا ان عدد الشركات التي طرحت للاكتتاب العام خلال الاشهر الخمسة الاولي من 2013 بلغ 5 شركات باجمالي 555.185 مليون رينجت ماليزي ما يعادل 182.655 مليون دولار, في حين تم قيد 17 شركة جديدة في نهاية 2012 و 28 شركة في 2011.
و شهدت البورصة التركية 7 اكتتابات خلال الشهور الخمسة الاولي من العام الحالي , و16 اكتتاب في 2012 بإجمالي 300.7 مليون دولار تم تغطيتها بنسب تجاوزت 200% بمعدل 1.5 شركة شهرياً يتم قيدها .
أثرت قواعد القيد الجديدة والخاصة بنسب الربحية للشركات في ظل تتابع الازمات علي الاقتصاد العالمي بشكل عام بدءً من الازمة المالية العالمية في 2008 وانتهاءً بثورات الربيع العربي وعدم استقرار الظروف الامنية والاقتصادية والسياسية لمصر بشكل خاص , ما أثر علي عدد كبير من القطاعات والشركات , مع ضعف تقييم مراكز البحوث آخذه في الاعتبار الظروف المحيطة , و إلغاء الاعفاء الضريبي علي الشركات المقيدة في البورصة في 2005 والذي ادي لخروج 90% من الشركات المقيدة خلال تلك الفترة .
وقال محسن عادل نائب رئيس الجمعيه المصرية لدراسات التمويل والاستثمار انه بعد خروج عددا كبيرا من الشركات من البورصة المصرية منذ ازالة الاعفاء الضريبي للشركات المقيدة, ثم تطبيق قواعد القيد الجديدة خسرت البورصة المصرية فرصا ذهبية في اجتذاب طروحات قوية , حيث لم تشهد خلال الاعوام الخمس الاخيرة الا اقل من 15 طرحا بالبورصة المصرية بحيث تحول الدور الي تمويل اكتتابات زيادة راس المال للشركات المقيدة و هو امر لازال موضع جدل كبير لدي المتابعين في ظل عدم استخدام عدد من الشركات التي قامت بزيادة رؤوس اموالها لهذه الزيادة في عمليات توسعية تخدم نشاط الشركة الاساسي و هو ما فعل مقترحا بوضع ضوابط جديدة اكثر تشددا بالنسبة لاستخدامات زيادة رؤوس اموال الشركات .
وجدير بالذكر ان الشركات المقيدة في البورصة قبل عام 2005 كانت تتمتع بأعفاء ضريبي بواقع 10% من رأس المال المصدر قبل اصدار قانون رقم 91 لسنة 2005 بإلغاء هذا الاعفاء , ما ترتب عليه خروج أكثر من 792 شركة معظمهم شركات عائلية ليصل اجمالي عدد الشركات المقيدة في السوق في 2008 نحو 322 شركة من اصل 1150 شركة مقيدة في 2002 , انخفض الي 306 شركة في 2009 ثم 212 شركة في 2010 باجمالي رأسمال سوقي 488 مليار جنيه .
و أضحت فكرة تأسيس شركات جديدة عن طريق الاكتتاب العام يتم قيدها في البورصة من أول يوم للتأسيس فكرة منسية أو صعبة التحقيق في ظل الاجواء المرتبكة التي يعيشها الاقتصاد المصري علي الرغم من الحلول التي تقدمها تلك الآلية من خلق فرص عمل لم تكن موجوده وخلق بدائل استثمارية وسد عجز أو اقتناص فرصاً متاحة في صناعات, وتنشط للاستثمار الداخلي وزيادة معدلات النمو.
أضاف عادل ان البورصة المصرية افتقدت خلال الاعوام الماضية قوة دافعة رئيسية موجودة في الاساس المالي لكل الاسواق العالمية و هي الطروحات الجديدة و التي تعد القوة الدافعة المستمرة لاجتذاب السيولة لسوق الاوراق المالية في كل دول العالم .
وقد شهدت الفترة الاخيرة خروج كيانات اقتصادية كبيرة ابرزها “فودافون” و “أوليمبك جروب” بعد استحواذ الكترولكس عليها , و ” موبينيل” بعد استحواذ أورانج علي حصة نجيب ساويرس في عرض شراء اجباري , و “البنك الاهلي سوسيتيه جنرال” بعد استحواذ بنك “قطر الوطني ” عليه في مارس الماضي , وتم قيد 4 شركات جديدة خلال نفس الفترة ابرزهم “القلعة للاستشارات المالية” ليصل عدد الشركات المقيدة الي 211 شركة في 2013 باجمالي رأس مال 363.3 مليار جنيه علي الرغم من تراجع المؤشر بنسبة 23.7% من مستوي 7076 نقطه في نهاية 2010 الي مستوي 5400 نقطه في نهاية تعاملات أمس بالمقارنة بـ 25.6% تراجعاً في رأس المال السوقي من مستوي 488.2 مليار جنيه الي 363.3 مليار جنيه .
وأشار عادل إلى ان هناك عنصرهام اخر يجب النظر الية وهو ان الفترة الماضية غابت عن السوق ايجاد سوق موازي او سوق اولي بالنسبة للشركات التي ترغب في طرح اسهمها للاكتتاب عند التأسيس و هو امر يستلزم وضع ضوابط مشددة بهذا الخصوص مع توفير الفرصة للشركات لتمويل استثماراتها من خلال سوق المال المصرية في وقت تتشدد فيه البنوك في منح هذا التمويل مما لا يخدم عنصر النمو الاستثماري المطلوب في هذه المرحلة .
وتوقع أن تسهم هذه الطروحات الجديدة في انعاش السوق وعودة المستثمرين الأفراد الذين خرج بعضهم خلال المرحلة الماضية نظرا لما تمثله هذه الطروحات من جاذبية وإغراء لصغار المستثمرين الذين يرون في البورصة نوعا من الاستثمار المربح كما ان شمول الطروحات الجديدة المتوقعة لقطاعات جديدة سيمثل عنصر جذب اضافي .
وقال إن الطروحات الجديدة من شأنها أن تبعث برسالة الى المستثمرين العرب والأجانب عن البورصة المصرية ومضمونها أن السوق المصرية لا تزال تحتفظ بحيويتها وديناميكيتها وكذلك رسالة حول الاستقرار الذي تتمتع به سوق المال، وأن أية عوامل خارجية أخرى لا تؤثر كثيراً في مسار السوق وتوجهاته المستقبلية نحو مزيد من النضج وكبر الحجم والتأثير على بنية الاقتصاد الكلي.
يري ايمن ابوهند مدير الاستثمار المباشر بشركة “كارتال كابيتال” أن الاوضاع الاقتصادية الحالية تعد حاجزاً أخر أمام اي فرص لطرح اكتتابات جديدة أو الاستثمار, نظراً لعدم توفر رؤية واضحة للاستثمار, أو وضوح الاجندة الاقتصادية للحكومة, بالاضافة الي التضارب التشريعي واللجوء الي فرض ضرائب لحل المشاكل بالنسبة للحكومة .
واستطرد ابوهند إن تكلفة الاكتتابات أصبحت مرتفعه جداً مقارنة بالإقتراض من البنوك حسب معدل الفائدة المعلن من البنك المركزي حيث يتحمل المصدر مصاريف الترويج والتغطية والاعلان ومصروفات القيد , مما يدفع الشركات أو المستثمرين الراغبين في الاستثمار للجوء لوسائل التمويل الاخري وخاصة القروض أو المضاربة في العملات و الذهب كأستثمارات أكثر أمناً والابتعاد عن تعريض استثماراته لقرارات حكومية غريبة وغير مدروسة.
أكد فاروق مصطفي العضو المنتدب لشركة مصر بني سويف للاسمنت ان فكرة تأسيس شركات عن طريق الاكتتاب العام من انجح الافكار الاقتصادية في مجال التمويل والاستثمار في حالة تقديم دراسات جدوي اقتصادية قوية للمشروع مع وجود مستثمرين رئيسين أقوياء كما حدث في تأسيس شركة “مصر بني سويف للاسمنت” في عام 1997 ودخول بنك مصر كشريك مؤسس بحصة 20% في رأسمال الشركة بقيمة اسمية 10 جنيه مضافاً اليها 2 جنيه مصاريف اصدار , ثم قام البنك ببيع حصته في 2007 بقيمة 120 جنيه للسهم بمعدل عائد 1000% في أقل من 10 سنوات , وهو مالا يتحقق في أي استثمار آخر بالاضافة الي تحقيق المساهمين المكتتبين لارباح بالتبعيه , مضمونه بدخول مؤسسات قوية في الشراكه معهم , مع توفير فرص عمل جديدة وأستغلال الموارد المتاحة في الدولة .
ونفى نيته إعادة تجربة شركة مصر بنى سويف للأسمنت مرة أخرى لتغير الظروف الاقتصادية ومناخ الاستثمار فى مصر عن فترة أواخر التسعينيات
اعتبر ياسر الملواني الرئيس التنفيذي للمجموعة “المالية هيرمس القابضة” أن أحد دعائم الاستثمار المباشر وجود سوق نشط وقوى وسوق الإصدار أداة أساسية للمشروعات الجديدة وهناك قصص نجاح حدثت وشركات جذبت استثمارات مثل طرح “عامر جروب” مشيراً إلى أن خروج “الأهلى سوسيتيه” ومانشر عن “أوراسكوم تليكوم” و “أوراسكوم للإنشاء” سيجعل السوق يخلو من البضاعة الجيدة .
وقال محمد ماهر رئيس مجلس ادارة شركة برايم ان قواعد القيد الجديدة التي صدرت في 2008 كان لها الاثر السلبي الكبير علي تأسيس الشركات عن طريق الاكتتاب العام في البورصة وتداولها بمجرد غلق باب الاكتتاب .
وأشار ماهر إلى أن البورصة بصدد إصدار قواعد جديدة للقيد تسمح بقيد الشركات التي تؤسس من خلال الاكتتاب العام في البورصة كما كان في وقت سابق كخطوة لإعادة تنشيط سوق الاصدار ولدفع مياه جديدة للسوق .
وكشف ماهر عن تأسيس شركة جديدة تعمل في مجال التعدين باسم “القابضة للتعدين” برأسمال مصدر ومدفوع 500 مليون جنيه , عن طريق اكتتاب مغلق وجزء آخر في شكل اكتتاب عام سيتم دفع 25% من قيمة الاسهم والباقي علي اقساط حسب الاحتياجات التمويلية , وساهمت “جمعيه النهضة والتعدين ” بدراسة حول المشروع ومن المتوقع ان تطرح للاكتتاب في خلال 3 شهور .
وتوقع ماهر ان يشهد سوق الاصدار الاولي نجاحاً كبيراً في البورصة نظراً لتعطش السوق لاكتتابات جديدة , وتوفر السيولة الكبيرة في المجتمع والبحث عن استثمارات أكثر أمناً من الفوركس .
وتواجه معظم الشركات المتداولة بالسوق عدد من الصعوبات خاصة خلال العامين الماضيين مع تدني الاوضاع الاقتصادية وتحقيق معظم الشركات لخسائر بالاضافة الي تدني القيمة السوقية لعدد كبير من الشركات عن القيمة الاسمية , مما ينهي علي آمالها بتوفير تمويل عن طريق سوق المال واللجوء بشكل حتمي للقروض لتمويل مشروعاتها المستقبلية.
قال حسين الصوالحي العضو المنتدب لشركة الجزيرة لتداول الاوراق المالية أن تأسيس الشركات عن طريق الاكتتاب العام يواجه العديد من المشكلات, اهمها وجود مناخ استثماري جيد ووضوح التشريعات, و الاطار الهيكلي والتنظيمي للدولة, بحيث يتم بناء دراسات الجدوي للمشروعات علي اسسس واضحة وغير متغيرة تعصف بالاساس المالي الذي بني عليه المشروع .
أضاف أن طبيعة الاكتتابات الاولية تحتاج مستثمرين استراتيجين واعيين بالصناعة التي سيقومون بالاستثمار فيها , بالاضافة الي دراسات جدوي واضحة , ومستثمرين طويلي الاجل علي عكس طبيعة المستثمرين الحاليين المتواجدين بالسوق المصري ، مؤكداً علي ان فكرة تحمل المخاطر لمشروعات تأخذ وقت طويل حتي بداية تحقيق الايرادات غير جاذبة للمستثمرين في مصر في الفترة الحالية وخاصة في حالة الثورة التي تعيشها مصر الان .
كانت أخر تجارب التأسيس من خلال الطرح الاولي قد بائت بالفشل وتخص شركة “موبكو” والتي تم تأسيسها للاستثمار في مجال البترول وانتهى بها الحال الي اعادة شراء اسهم المكتتبين وتغيير الشركة لنشاطها مما ترك انطباعاً سيئاً , بالاضافة الي احدى شركات محمد فريد خميس والتي فشل اكتتابها لعدم تقديم دراسة جدوي جيدة وواضحة .
وقال حمدي رشاد رئيس مجلس ادارة ريدج كابيتال لادارة صناديق الاستثمار أنه لإنجاح الاكتتابات يجب حماية المكتتبين عن طريق الرقابة التشريعية الجيدة علي الطروحات ودراسات الجدوي المقدمة من المستثمرين الرئيسين .
ويري رشاد أن أغلب الاستثمارات المصرية العائلية ومدخرات الافراد بدأت تتحول باتجاه الاستثمار العقاري نتيجة عدم وجود بديل استثماري آمن ويحفظ قيمة المدخرات بالشكل الامثل , مما سيخلق أزمة في المستقبل القريب نتيجة عدم التوازن بين القطاعات الاقتصادية المختلفة في توجيه الاستثمارات والذي سيدفع في النهاية اسعار العقارات للهبوط بقوة نتيجة زيادة حجم المعروض أو علي الاقل ركود في الاسواق العقارية بعد ظهور حالة من التشبع .
شهد العام الحالي ارتفاع معدلات التضخم لمستوي 8.5% نتيجة زيادة حجم السيولة في المجتمع لدي الافراد مما دفع معدلات الفائد لمستويات عالية جداً بلغت 13% , وارتفاع نسبة البطالة واعداد غير الراغبين في العمل لعدم وجود فرصاً جيدة بمرتبات مجزية , كما تراجعت احجام الاستثمارات الاجنبية بعد الثورة وتخارجت العديد من الشركات مما اوجب معه دخول الدولة بخطط تعيد بها تشجيع الاستثمارات المحلية والتي بدورها ستجذب مستثمرين عرب واجانب وتعيد دورة الصناعة مرة أخري وترفع معدلات النمو وتخلق فرص عمل حقيقية .
و أظهرت الموازنة العامة لعام 2013/2014 اعتماد الدولة في ايراداتها علي الضرائب لتمثل 75% من الايرادات مما سيؤثر بالتبيعه علي معدلات النمو نظراً لعدم وجود قيمة مضافة من الخارج , و تستهدف وزارة الاستثمار جذب 3 مليار دولار فقط استثمارات مباشرة لا تكفي لدفع عجلة النمو خطوة واحدة للامام .