مجموعة البركة المصرفية تدرس التوسع في أسواق آسيا وأفريقيا
تهيئة المناخ أمام القطاع المصرفي المصري يدعم التنمية ويعزز الاقتصاد
فرض ضرائب علي المخصصات يدفع المصارف إلي القروض قليلة المخاطر
أتوقع صدور تشريعات دولية جديدة تمس مصالح البنوك والاقتصادات العربية
الاقتصادات العربية مرشحة لنمو أفضل في 2013 يتراوح بين 5 و6%
الدول العربية مطالبة بالتفكير في تطبيق تشريعات مماثلة لـ « الفاتكا » لحماية مصالحها وملاحقة المتهربين من الضرائب
قال عدنان يوسف، رئيس اتحاد المصارف العربية السابق، الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية ، إن المجموعة ستواصل خلال العام الحالي استراتيجيتها النشطة في التوسع الجغرافي لشبكة فروعها التي بلغت نهاية العام الماضي 425 فرعاً، مقارنة بـ 399 فرعاً في نهاية عام 2011.
واضاف لـ«بنوك وتمويل» أن المجموعة تسعي لتعزيز تواجدها في أسواق آسيا وأفريقيا، واستحوذت العام الماضي علي 60% من الأسهم الصادرة لمجموعة التوفيق المالية وهي بنك استثمار مقره المملكة العربية السعودية تم تغيير اسمه لاحقاً إلي شركة «اتقان كابيتال»، وهي الخطوة التي من المتوقع أن توفر لمجموعة البركة فرصة الدخول إلي السوق السعودية الكبيرة والواعدة.
وأكد انه مع ظهور إشارات لتحسن الأوضاع في ليبيا، فقد قامت المجموعة بإكمال الترتيبات الخاصة بتشغيل المكتب التمثيلي لها هناك بما في ذلك تزويده بالكوادر المصرفية الضرورية مع استمرار في إجراء الدراسات عن مدي ملاءمة أسواق أخري في أفريقيا وآسيا لتوسيع تواجد مجموعة البركة في تلك القارات.
فيما يتعلق ببنك البركة مصر قال إن نتائج البنك كانت جيدة للغاية خلال العام الماضي وارتفع صافي الربح بنسبة 32% وفي العام 2012 أضاف بنك البركة – مصر فرعاً جديداً في الأزهر، وبذلك يصبح مجموع الفروع 27 فرعاً ومكتب عملة.
وطرح البنك منتج ادخار جديداً يتم بموجبه دفع العائد علي أساس يومي، وفي نهاية السنة الماضية تم إصدار صكوك البركة الإسلامية بالدولار الأمريكي علي غرار منتج صكوك البركة الإسلامية بالجنيه المصري لمدة 10 سنوات الذي تم طرحه في عام 2011 وشهد نجاحا كبيرا.
ووقع البنك قبل نهاية العام الماضي اتفاقاً مع واحدة من كبري شركات السياحة الدينية، لتقديم تسهيلات لتمويل رحلات الحج والعمرة ويتم سداد التمويل علي أقساط عقب إتمام الرحلة، وهو أول منتج من نوعه في مصر وتلي ذلك طرح منتج جديد متوافق مع أحكام الشريعة لتمويل تأجير المشاركة بالوقت (تايم شير)، وذلك بالتعاون مع أكبر شركة عقارات في هذا القطاع.
وفي اطار دعمه للمشروعات الصغيرة قام البركة مصر بتوقيع عقد مشاركة إسلامية مع الصندوق الاجتماعي للتنمية من خلال البنك الدولي بقيمة 200 مليون جنيه لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ويخطط البنك لفتح 4 فروع جديدة في عام 2013 ليصبح العدد الإجمالي للشبكة 31 فرعاً.
وأشار إلي أنه وفقاً لخطة التوسع الخمسية، يتوقع التوسع في شبكة الفروع بمعدل 3 أفرع جديدة سنوياً ليصل مجموعها إلي 44 فرعاً بحلول عام 2017 وفي الوقت نفسه شارفت استعدادات البنك لإطلاق الخدمات المصرفية عن طريق الإنترنت والهاتف المحمول علي الانتهاء، بالإضافة إلي أنه سيتم في عام 2013 طرح بطاقة ائتمان إسلامية في ثلاث فئات: الذهبية والفضية والبرونزية بعد إتمام التنفيذ الكامل للمرحلة الثانية من النظام الجديد للعمليات المصرفية الرئيسية.
فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي المصري، قال انه يمر بمرحلة تحول وفي العام الماضي، اتسعت الفجوة بين إيرادات ومصروفات الدولة بشكل ملحوظ، ما أدي إلي زيادة عجز الموازنة لتصل إلي ما يقارب 140 مليار جنيه في العام المالي 2011-2012. وبالنظر إلي إيرادات الموازنة فقد توقفت عند ما يقارب 360 مليار جنيه بينما زادت مصروفات الموازنة إلي ما يقارب 500 مليار جنيه في العام المالي 2011-2012.
اوضح انه بالنظر إلي توزيع مصروفات الدولة يظهر أن خدمة الدين والدعم أكبر عاملين في الموازنة ويشكل هذان العاملان أكثر من 50% من المصروفات، حيث وصل إجمالي خدمة الدين إلي 114 مليار جنيه في العام المالي 2011-2012، بينما وصل إجمالي الدعم إلي 158 مليار جنيه في العام المالي 2011-2012.
وبما أن هذين العاملين هما الأكبر في المصروفات، فيعتبران الأهم في زيادة المصروفات، وبالتالي عجز الموازنة.
قال ان السبب الرئيسي في ارتفاع خدمة الدين يكمن في زيادة سعر الفائدة علي أذونات الخزانة المصرية، التي أدت إلي ارتفاع حجم خدمة الدين بشكل كبير.
والسبب وراء ارتفاع أسعار الفائدة هو عدم الاستقرار السياسي في البلاد، الذي أدي إلي ازدياد المخاطرة في الاستثمار في أذون الخزانة المصرية حتي وصلت إلي ما يقارب 17% في الربع الأول من عام 2012.
أما عن ارتفاع حجم الدعم، فعلي الرغم من عدم تأثره بالوضع السياسي، لكنه مرتبط بأسعار السلع المدعومة التي شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في الفترة الماضية، ولعل من أهمها ارتفاع أسعار البترول والسلع الغذائية الأساسية.
قال ان الاقتصاد المصري مر بفترات مماثلة في العقود السابقة من حيث نسبة إجمالي عجز الموازنة إلي إجمالي الناتج القومي أو نسبة إجمالي الدين العام إلي إجمالي الناتج القومي ولذلك فإن هذا يعتبر مؤشراً إيجابياً ودليلاً علي قدرة الاقتصاد المصري علي الخروج من الأزمة إذا تم اتخاذ حزمة من الإجراءات الإصلاحية مثل ترشيد الدعم والنفقات وإعادة هيكلتها، كذلك إعادة هيكلة الدين العام وغيرها من الإجراءات.
والأهم من ذلك الوصول إلي حالة من الاستقرار السياسي التي تسمح باتخاذ مثل هذه الإجراءات والقرارات الاستراتيجية لتصحيح مسار الاقتصاد المصري في الفترة المقبلة.
فيما يتعلق بالقطاع المصرفي المصري قال انه يتمتع بمؤشرات سلامة أداء مالي قوي سواء بتحقيق معيار كفاية رأسمال بنسبة تصل إلي 15.9%، أو بشريحة أولي تصل إلي 13.2%. كما أن البنوك المصرية لم تشهد أزمة سيولة قبل قيام الثورة.
فعلي الرغم من أن واحداً من أصل عشرة أفراد في مصر لديهم حساب بنكي (وفقاً لتقديرات خبراء القطاع المصرفي) فإن إجمالي الودائع البنكية كان يساوي الناتج المحلي الإجمالي وهي نسبة مرتفعة جدًا قياسًا علي المعدلات العالمية.
وأظهرت بيانات البنك المركزي المصري ومؤشرات البنك الدولي أن نسبة القروض إلي الودائع في مصر لم تتجاوز 54% وهي أقل كثيرًا من المعدلات العالمية (86%) ومعدلات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (71%).
وطالب يوسف بضرورة تهيئة المناخ أمام القطاع المصرفي المصري لدعم التنمية وتقوية الاقتصاد من خلال برامج وأفكار جديدة بعيدة عن النمط المعتاد، خاصة أن هذا القطاع ساهم في إدارة المدخرات والحفاظ علي أموال المودعين رغم الظروف المضطربة التي مرت بها البلاد.
وقال إن البنوك لا تستطيع العمل وحدها دون وجود مناخ يسمح بذلك كما أن البنوك لها وظائف محددة ولكي تؤدي دورها في التنمية لابد من النظر إلي الوضع الاقتصادي في البلاد ووجود خطة ورؤية واضحة للدولة حول الإمكانيات والموارد ودور القطاع المصرفي في عملية التمويل والاستثمار سواء كانت حكومية أو من شركات القطاع الخاص أو للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
واثني رئيس اتحاد المصارف العربية السابق علي قوة القطاع المصرفي العربي ففي حين أن عدد المؤسسات المالية المنهارة والمفلسة في الولايات المتحدة بسبب الأزمة العالمية ناهز 300 مؤسسة مالية من بينها مؤسسات مالية كبيرة لها تاريخها، لم نشهد انهيار أي مصرف عربي.
صحيح أن البنوك العربية تأثرت بالأزمة وخاصة في جوانب انخفاض السيولة لديها بسبب قطع أو تخفيض حدود تمويل والودائع ما بين البنوك ولا سيما في الأزمة العالمية، كما تأثرت أيضا بتباطؤ النشاط الاقتصادي وانعكس سلبا علي مستويات ربحيتها، لكنها بصورة عامة قاومت جميع هذه التداعيات وعادت للنمو خاصة خلال السنتين الماضيتين، ويعود السبب الرئيسي في ذلك أن معظم موجودات واستثمارات هذه البنوك هي في بلدانها.
وهذا يجعلنا نؤكد أنه كلما كانت موجودات واستثمارات البنوك في أصول حقيقية ترتبط ببرامج التنمية في بلدانها حصنها ذلك من الانهيارات العالمية.
وأكد تفاؤله بأداء البنوك العربية عام 2013 ونظرتنا هذه مبنية علي عدة مؤشرات مصرفية واقتصادية عربية وعالمية وبالنسبة للبنوك العربية نفسها، نحن نتوقع أنها حققت نمواً في الربحية والأصول بنسبة لا تقل عن 10% خلال العام 2012، بالرغم من أن العام الماضي كان مليئا بالتحديات الاقتصادية سواء عدم الاستقرار الاقتصادي الذي تشهده بلدان الربيع العربي أو شبه الركود الذي مر به الاقتصاد العالمي.
أما خلال العام 2013، فنحن نتوقع أيضا نمو أفضل للاقتصادات العربية يتراوح ما بين 5 و6% مدعوما باستمرار بقاء أسعار النفط عند مستويات مرتفعة وتنامي طلب الدول الآسيوية الرئيسية مثل الصين والهند علي صادرات الدول العربية، كذلك عودة تنامي الاستثمارات الأجنبية القادمة لدول المنطقة مع بروز علامات علي توجه عدد من البلدان العربية المضطربة نحو الاستقرار السياسي.
أما عالمياً،فتشير التوقعات الراهنة إلي أن النصف الثاني من العام الجاري قد يكون بداية لعودة الاقتصاد العالمي علي المسار السليم، وهذا بدوره سيكون له انعكاساته الإيجابية الكبيرة علي بقية الاقتصادات الناشئة، بما في ذلك الاقتصادات العربية.
واشار إلي أن البنوك العربية بما تمتلك من أصول مالية كبيرة تقدر بنحو 3 تريليونات دولار قادرة علي الاستفادة من جميع هذه التطورات في تقوية دورها التنموي الاقتصادي من جهة، وتعزيز نمو أصولها وربحيتها من جهة أخري.
فيما يتعلق بقانون الضرائب الأمريكي الفاتكا قال أن المصارف العربية، كغيرها من البنوك في العالم، معنية مباشرة بهذا القانون كونه يفرض عليها الكثير من الآثار والأعباء التي تترتب علي عدم المشاركة في الامتثال للقانون.
كما أننا سبق أن طالبنا بألا تترك المؤسسات المالية العربية للامتثال للقانون منفردة، بل يجب أن تبادر دولها بالتفاوض مع الولايات المتحدة لتوقيع اتفاقيات ثنائية معها للتعاون بشأن القانون، ففي هذه الحالة سوف تتعامل المؤسسات المالية العربية مع القانون من خلال الجهات الرقابية المعنية في بلدانها، وسوف تقدم المعلومات لهذه الجهات وفقا للتشريعات المالية والمصرفية المحلية.
والآن، ومع توسع تطبيق القانون ليصبح قانوناً دولياً تدريجياً، فإن أهمية تحرك الحكومات العربية لحماية مصارفها العربية باتت أكثر إلحاحا، حيث إن الامتثال للقانون ينطوي علي كلفة تشغيلية كثيرة ناجمة عن تعديل إجراءات فتح الحسابات الجديدة ومتابعتها ومراقبتها والتدقيق عليها، وأنظمة معالجة المعاملات وإجراءات التعرف إلي العميل التي تستخدمها البنوك الأجنبية، وتكاليف التوعية وإنشاء وحدة خاصة بالامتثال للقانون يعمل فيها موظفون أكفاء وذوو خبرة، هذا خلاف مخاطر السمعة وغيرها.
وما يلفت نظرنا بصورة أكبر أن مثل هذا القانون وغيره من التشريعات الدولية التي صدرت أو المعتزم صدورها، والتي تؤثر مباشرة علي المصارف والمؤسسات المالية العربية، يتم التداول فيها وإقرارها دون مشاركة حقيقية من قبل الدول العربية سواء علي مستوي الحكومات أو الأجهزة المعنية.
والأكثر من ذلك، أن هذه الأجهزة لا تبادر بوضع هذه القوانين والتشريعات ضمن أجنداتها بغرض اتخاذ المواقف الجماعية الموحدة إزاءها.
كما يفترض أن تبادر أجهزة الاختصاص والإعلام والمتخصصون بإثارة هذه التشريعات والقوانين عبر وسائل الإعلام والمنتديات والاجتماعات لجعلها قضية رأي عام (علي الأقل في أوساط القطاع المصرفي والمالي العربي) لكي يكون هناك موقف مشترك منها، خاصة أننا نتوقع أن يكون هناك المزيد من التشريعات والقوانين الدولية التي تمس مصالح البنوك والاقتصادات العربية.
ومن ثم يجب أن تبادر الدول العربية بالتفكير في تطبيق تشريعات مماثلة من أجل حماية مصالحها وملاحقة المتهربين من الضرائب في بلدانها، وأن تعمل علي طرح مثل هذه المشروعات ضمن اجتماعات الأجهزة واللجان المختصة لديها.
فيما يتعلق بإلغاء اعفاء المخصصات من الضرائب قال يوسف ان هناك شبه إجماع في أوساط المصارف المصرية علي رفض الضريبة علي مخصصات البنوك، لأنها لا تتوافق مع معايير المحاسبة الدولية، كما عبر عن ذلك اتحاد بنوك مصر.
اضاف هناك تحركات مكثفة من قيادات مصرفية لإلغاء الضريبة التي فرضها مجلس الشوري بصورة مفاجئة علي مخصصات البنوك دون الرجوع للبنك المركزي أو اتحاد المصارف.
وهذه الضريبة تم الحديث عنها قبل سنوات، وكانت هناك توجهات لإقرارها، ولكن أوضاع البنوك لم تسمح بذلك، خاصة في أواخر التسعينيات من القرن الماضي، حيث كان القطاع المصرفي في أوضاع متردية، وأغلب البنوك ابتعدت عن المخصصات تماماً، ما أسهم في تفاقم أوضاعها.
لكن القطاع المصرفي حالياً يعتبر أفضل القطاعات الاقتصادية في مصر بعد الثورة، علي الرغم من كل الأحداث التي واجهها الاقتصاد المصري خلال الفترة الماضية.
كما أن هذه الخطوة ستدفع المصارف إلي القروض قليلة المخاطر، وسيقتصر الاقتراض علي التعاملات التي تجنب المخاطر فقط، وستبتعد عن المشروعات الجديدة، خاصة الصغيرة والمتوسطة، وسيقتصر الأمر علي العملاء الممتازين فقط.