محدودية المنتجات وقنوات التوظيف الشرعية وارتفاع تكلفة الأموال أبرز الأسباب
%51 من دخل « أبو ظبي الإسلامي » من عوائد استثمارات أدوات الدين الحكومي و50% ببنك فيصل
في مفارقة غريبة، شكلت عوائد استثمارات البنوك الإسلامية في الأدوات المالية التقليدية، ثابتة العائد، حصصاً كبيرة من إجمالي دخولها، وصلت في بعض البنوك إلي 50% من عوائدها.
واستحوذ العائد علي استثمارات أذون الخزانة ببنك أبو ظبي الإسلامي علي 51% من إجمالي دخل البنك، أي أن أكثر من نصف عوائد البنك ناتجة عن الاستثمار في أذون وسندات خزانه، وذلك بعد أن بلغ إجمالي استثمارات البنك في الأذون 538.7 مليون جنيه.
ويتوقع أن يواجه بنك أبوظبي الإسلامي بعض الصعوبات العام المقبل في البحث عن بدائل لتوظيف أمواله في أدوات الدين الحكومي، بعد صدور رأي الجنة الشرعية بالبنك التي أكدت عدم شرعية الاستثمار في تلك الأدوات، وطالبت إدارة البنك بالتوقف عن الاستثمار بها واستبدالها بقنوات توظيف متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
في بنك فيصل الإسلامي.. مثل العائد من استثمارات أذون وسندات الخزانة من إجمالي الدخل من العائد، لتبلغ قيمة العوائد 473.3 مليون جنيه.
وتصدر بنك فيصل الإسلامي قائمة البنوك الأكثر نموا في عوائد الأذون بمعدل 413%.
كما استحوذت عوائد استثمارات الأذون والسندات الحكومية علي 34% من إجمالي الدخل من العائد ببنك « البركة »، بقيمة بلغت 200 مليون جنيه.
وبرر مصرفيون اعتماد البنوك الإسلامية التي تعمل وفقا لأحكام الشريعة بشكل كبير علي الاستثمار في أدوات الدين الحكومي، التي توصف بأنها ربوية، بسوء الأوضاع الاقتصادية وحالة الركود التي عانت منها جميع القطاعات الاقتصادية وتراجع طلبات التمويل، مما دفع البنوك الإسلامية للتوسع في إكتتابات أدوات الدين الحكومي لتخفيض تكلفة الأموال لديها وتوظيف فوائض السيولة وتحقيق معدلات ربحية مناسبه.
وطالب المتعاملون بالقطاع بضرورة ايجاد بدائل شرعية لأدوات الدين الحكومي لاستيعاب فوائض السيولة بالبنوك الإسلامية.
من جانبه، قال محمد البلتاجي رئيس الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي إن معدلات السيولة بالبنوك الإسلامية ارتفعت بشكل كبير لاسيما خلال الثلاثة أعوام الماضية، في مقابل محدودية الطلب علي المرابحات وغيرها من منتجات التمويل الإسلامية الأخري، مما يضع البنوك الإسلامية أمام تحد كبير وهو توظيف محافظ السيولة لديها وتحقيق معدلات ربحية مرتفعة، مما يدفعها للتوسع في استثمارات الأذون وسندات الخزانه.
أشار إلي أن البنوك الإسلامية تعاني من عدم وجود قنوات توظيف بديلة لأدوات الدين وبنفس المقومات التي تسهل عليها عملية تسييل المحافظ وقت الحاجة لذلك.
وتوقع البلتاجي أن يؤدي صدور اللائحة التنفيذية لقانون الصكوك وبدء طرح الاصدارات إلي فتح قناة استثمارية جديدة أمام البنوك الإسلامية، وخفض استثماراتها في أذون الخزانة والسندات.
قال مسئول ببنك فيصل أن البنوك الإسلامية تواجه ضغوطاً شديدة في توظيف أكبر معدلات من السيولة لديها في آليات ومنتجات متوافقة مع أحكام الشريعة، مشيرا إلي انه لايمكن الجزم بعدم شرعية الاستثمار في أدوات الدين الحكومي، كما ان هناك العديد من الفتاوي في ذلك الصدد تؤكد شرعية استثمارات الأذون والسندات لأن هدفها مساندة الدولة والحكومة في إقامة مشروعات أو سداد مديونيات قائمة عليها.
أضاف أن حالة الركود التي عاني منها الاقتصاد الاعوام الماضية قلصت من مستويات الطلب علي الائتمان سواء الإسلامي او التقليدي، وهو ما دفع البنوك الإسلامية للبحث عن بدائل لتوظيف السيولة لديها تحقق لها عوائد مجزية تساند معدلات ربحيتها، لذا توسعت في اكتتابات أدوات الدين الحكومي.
وتوقع المسئول ببنك فيصل تراجع نسب الدخول من تلك الاستثمارات الفترة المقبلة مع استقرار الأوضاع ونمو معدلات الائتمان مرة اخري الفترة المقبلة.
وأشار أشرف طلعت، رئيس قطاع الفروع الإسلامية بأحد البنوك العامه، إلي أن جميع البنوك توسعت العام الماضي في استثمارات الدين الحكومي، نظرا لسوء الأوضاع الاقتصادية وتراجع الطلب علي الائتمان مع ارتفاع معدلات المخاطر بالسوق ونمو طلبات الحكومة من عطاءات أدوات الدين الحكومي، مما شجع أغلب البنوك علي التوسع في تلك الاستثمارات.
أضاف ان البنوك الإسلامية ليست أفضل حالاً من نظيرتها التقليدية، بل أنها مضطرة أكثر من غيرها للتوسع في استثمارات الأذون والسندات، نظرا لانخفاض عدد المنتجات وقنوات التوظيف الشرعية وارتفاع تكلفة الأموال لديها.
وأكد طلعت أن تلك البنوك تفتقد لوجود منتجات وقنوات توظيف بديلة عن أدوات الدين الحكومي وبنفس المقومات، أي تكون قصيرة الأجل وسهلة التسييل، مما يزيد من الحاجة إلي سوق مواز لسوق الدين الحكومي ولكن بمقومات شرعية تحقق الهدف المطلوب للمصارف الإسلامية.