6000 ميجاوات سنوياً من سد الألفية مصدرة للخارج لجلب العملة الصعبة
برنامج لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الطعام خلال 5 سنوات.. هبوط التضخم إلي 5٪ حالياً
تتمتع إثيوبيا بحكومة لديها إرادة سياسية ماضية في دعم الاقتصاد والقضاء علي الفقر، رغم ما تعانيه من نخبة حاكمة ينظر إليها الغرب علي أنها سلطة ديكتاتورية.
ويحاكي المسار الاقتصادي في إثيوبيا الصين حيث يسمح باقتصادات السوق والاستثمار الأجنبي، لكن بحذر شديد، كما أنها ترفض النموذج الرأسمالي الغربي الذي ينادي بالحرية الكاملة للأعمال التجارية.
ورغم حديث الحكومة عن مستقبل الديمقراطية والليبرالية إلا أنها تضع الأولوية القصوي للمهام الاقتصادية، وهو ما حرص رئيس الوزراء الراحل علي تأكيده قبل وفاته العام الماضي لكن تركيزه كان ينصب علي النشاط الزراعي الذي يمثل الوظيفة الأساسية و7% من القوي العاملة و46% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأهم ما يميز خطة النهضة في إثيوبيا أن أجهزة الدولة مسخرة بالكامل لها وفق رؤية واضحة وأهداف محددة لكل طرف وهي عملية تتم علي أعلي درجة من كفاءة التنسيق بين مختلف الجهات.
ويقوم المسئولون بمراقبة دقيقة لجميع مراحل التنفيذ، كما يقومون بإجراء أي تعديلات تحتاجها الخطة الموضوعية، خاصة أنهم يقبلون النصيحة القادمة من الخارج ويسعون إلي الحد من الفساد في هذا النظام شديد المركزية، وهو ما يكشف عنه النجاح الكبير في تحقيق الأهداف المحددة علي طريق التنمية.
وخلال العقدين الماضيين ارتفع عدد الجامعات من اثنين فقط إلي اثنين وثلاثين جامعة، كما انتشرت المدارس والعيادات الصحية في معظم القري.
ونجحت الحكومة في خفض معدلات وفيات الأطفال بنسبة 40% منذ عام 2000 كما هبطت الوفيات بين الأطفال الأقل من 5 سنوات بنسبة 45%.
لكن إثيوبيا لا تزال دولة فقيرة فحسب تقرير لمجلة «الإيكونوميست» البريطانية فإن متوسط دخل الفرد السنوي حوالي 400 دولار وهو أقل بكثير من متوسط دول جنوب صحراء أفريقيا البالغ 1466 دولاراً، لكن هذه المعدلات بدأت في التحسن بشكل سريع بفضل جهود الحكومة وجهود الدول المانحة.
ويتوقع خالد بومبا، رئيس وكالة التطوير الزراعية الحكومية وهو مصرفي سابق في وول ستريت وموظف سابق في مؤسسة جيتس الخيرية العالمية أن تحقق إثيوبيا الاكتفاء الذاتي من الغذاء خلال 5 سنوات، كما أنها تضم أكبر قطعان المواشي في أفريقيا، حيث تمتلك 50 مليون رأس.
وهذه الوكالة مسئولة عن برامج زيادة الإنتاج الزراعي ومساعدة الفلاحين علي رفع هامش الأرباح عبر تدريبات فنية ودورات في طرق زراعية أكثر إنتاجية وكفاءة، فضلاً عن توزيع البذور الأكثر إنتاجية وإمدادهم بأساليب التسعير الحديثة لمنتجاتهم حتي لا يقعوا فريسة لاستغلال تجار الجملة، حيث كانوا يبيعون سلعهم أقل 70% من أسعار السوق الحقيقية.
ورغم وجود خط سكة حديد مواز للنيل الأزرق تم إنشاؤه بعد مجاعة 1948 التي وقعت رغم وفرة الغذاء في أماكن أخري من البلاد، فتقرر تأسيسه لنقل الطعام بين المدن إلا أن الإقبال عليه محدود، حيث تفرض الدولة قيوداً علي تأسيس شركات القطاع الخاص، رغم أن خط سير القطارات يمر بمناطق تضم نحو 18 مليون نسمة.
وتخشي الحكومة أن يؤدي فتح الباب علي مصراعيه للقطاع الخاص بالفلاحين إلي ترك أراضيهم الزراعية والهجرة إلي المدن بحثاً عن فرص عمل أفضل.
وتعاني إثيوبيا من نقص الشفافية في المعلومات وهو ما يجعل بياناتها غير ذات مصداقية، فبينما تؤكد الحكومة أن نمو الناتج المحلي الإجمالي 11% فإن المؤسسات الدولية تعتقد أنه لا يتخطي 7% وهو معدل جيد أيضاً.
كما ينتقد المراقبون أيضاً عدم وصول الآثار الإيجابية لهذا النمو إلي الفقراء، خاصة في القري التي تشبه الحياة منذ آلاف السنين قبل أن يعرف الإنسان الحضارة الحديثة.
ومع ذلك، فقد بدأ الفقراء يحصلون علي دعم حكومي منذ مطلع القرن الحالي لأول مرة، كما توفر المدارس الصغيرة 8 سنوات من التعليم كما تحصل الممرضات علي تدريب علي الرعاية الصحية.
وتعاني الطبقتان المتوسطة والفقيرة حالياً من ارتفاع معدلات التضخم التي بلغت 40% في 2011 وقد هدأت حالياً إلي 15% لكن نمو الأسعار مازال صادماً للكثيرين.
ويتسبب نظام التحكم في النقد الأجنبي في غياب كثير من الواردات الأساسية للناس، فضلاً عن تعقيدات تحويل العملات الصعبة إلي العملة الإثيوبية «بير».
وتأمل الحكومة في إنتاج ستة آلاف ميجاوات من الكهرباء سنوياً من سد الألفية العملاق لتصديرها للخارج، وهو ما سوف يوفر لها العملة الصعبة خصوصاً الدولار، لكن هذه الخطوة تنتظر وقتاً طويلاً لكي تتحقق.