كريم أبوالخير : انخفاض منسوب المياه سيجبر الشركات علي تقليل الحمولات
سامي عبدالله : السد ضربة في مقتل للسياحة النهرية وخسائر بالمليارات تنتظر الحكومة
خالد عباس : يجب تخزين المياه في سنوات الإنشاء لتعويض الفاقد أثناء ملء الخزان
اتفق خبراء النقل النهري علي أن اقامة سد النهضة في إثيوبيا سوف تكون له تبعات كارثية علي قطاع النقل النهري المصري، وطالبوا الحكومة أن تتخذ الإجراءات الكفيلة بتقليل هذه الآثار السلبية المتوقعة.
قال اللواء سامي عبدالله، الرئيس الأسبق للهيئة العامة للنقل النهري، إنه من المنتظر أن يؤثر سد النهضة الإثيوبي تأثيراً سلبياً كبيراً علي حركة الملاحة النهرية خلال المرحلة المقبلة، وإن ارتفاع السد الإثيوبي الجديد سيترتب عليه تخفيض حصة مصر من المياه بنحو 20%، وهو ما يعني تبوير مليون فدان تقريباً من الأراضي الزراعية.
وأضاف أن هيئة النقل النهري تجري عمليات التطهير بالمجري الملاحي لنهر النيل حتي عمق 2.3 متر، وأن الوحدات النهرية سواء كانت ركاباً أو بضائع لا يتم اعطاؤها التراخيص اللازمة لمزاولة النشاط إلا بغاطس لا يتعدي 1.8 متر، ما يعني أن المسافة بين الغاطس والوحدة النهرية حوالي 50 سنتيمتراً، وأن طبيعة تربة نهر النيل ترسيبية وإطمائية، وبالتالي تحتاج دائماً إلي تطهيرات بصفة مستمرة.
وأوضح عبدالله أن انخفاض منسوب المياه لن يقل عن 50 سنتيمتراً، وهي المسافة بين عمق غاطس نهر النيل والوحدة النهرية، مما يستتبع ذلك تعديل جميع الوحدات النهرية لتساير التغير الجديد لعمق الغاطس، علاوة علي تخفيض الأوزان، التي تحملها تلك المراكب.
وأشار إلي أن مصر في انتظار خسائر بمليارات الجنيهات في مجال النقل النهري، خاصة أن ترعة النوبارية، التي يتم نقل القمح من خلالها من المستحيل أن تستمر في نقل القمح بعد انخفاض منسوب النيل، وأن الشركات ستضطر إلي استخدام النقل البري، ليكون بديلاً عن النهري، ما يهدد آلاف العاملين بمجال النقل النهري والوحدات النهرية بالبطالة والتوقف عن العمل.
ونبه الرئيس الأسبق للنقل النهري إلي أن إقامة هذا السد يمكن أن تكون أيضاً ضربة في مقتل للسياحة، خاصة أن هناك العديد من شركات السياحة العاملة في محافظتي الأقصر وأسوان تنوي وقف نشاطها لمدة عام علي الأقل لتقيس إمكانية استمرارها بالسوق من عدمه، وأن الحل الأمثل لمواجهة القرار الإثيوبي هو البدء فوراً في دراسة تقليل عمق غاطس نهر النيل عن العمق الحالي والمقدر بـ 2.3 متر.
استبعد اللواء البحري سامي عبدالله لجوء مصر إلي استخدام الخيار العسكري لوقف بناء السد، وذلك لأن امكانيات الدولة المادية لا تسمح بخوض حروب نهائياً، وأن هناك العديد من الحلول الأخري، وأنه من الممكن أن تأخذ مصر جزءاً من الأراضي الإثيوبية لاستزراعها وحصادها يؤول لمصر، وذلك نظرا لما سيتم تبويره من أراض زراعية داخل القطر المصري.
ولفت إلي أن أزمة سد النهضة قديمة وترجع بدايتها إلي أكثر من 20 عاماً، وأن رؤية الإدارة المصرية لم تكن واضحة بالنسبة للتعامل مع ذلك الملف الشائك، وأنه من الضروري أن يكون لمصر دور فعال في دول حوض النيل خلال السنوات المقبلة.
من جهته، قال اللواء مهندس كريم أبو الخير، رئيس هيئة النقل النهري الأسبق المستشار الفني لشركة إيجيترانس للموانئ النهرية، إنه لا يجب اغفال التأثير الخطير لسد النهضة الإثيوبي علي النقل النهري في مصر، لأن انخفاض منسوب النهر يترتب عليه تقليل عمق الغاطس، ما يؤثر بالتبعية علي التشغيل الاقتصادي للوحدات النهرية، لأنه أمام هذه المعضلة تضطر الشركات إلي تقليل أوزان الحمولات.
وأضاف أن هناك العديد من الإجراءات الوقائية للتصدي لتلك الآثار السلبية للسد الإثيوبي، التي منها إقامة سدود معدنية مؤقتة في المناطق، التي توجد جزر بطول المجري الملاحي لنهري النيل بها، علي أن يكون بين الجزيرة وأقرب ضفة لها سواء الشرقية أو الغربية بهدف جعل المياه كلها تسير في اتجاه واحد فقط وهو اتجاه الملاحة النهرية، ما يؤدي إلي تقليل نسبة «تبخر المياه» بتقليل المساحة السطحية التي يسير فيها النيل.
ولفت أبو الخير إلي أن نظام السدود المعدنية المؤقتة معمول به في أوروبا، وأثبت نجاحاً كبيراً، وأنه لن يكلف خزانة الدولة كثيراً، لأن تكلفة السد الواحد تقدر بنحو مليون جنيه، وأن عدد الجزر الموجودة علي المجري الملاحي لنهر النيل لا يزيد علي 15 جزيرة، أي أن إجمالي تكلفة المشروع 15 مليون جنيه، علاوة علي هذه السدود يجب أن تتحرك الحكومة لترشيد استخدام المياه وذلك بتنظيم حملات توعية جادة للمواطنين.
في السياق ذاته، قال الدكتور خالد عباس، عميد معهد النقل القومي ، إن سد النهضة الإثيوبي مصيبة علي قطاع النقل النهري والري والزراعة والكهرباء بكل المقاييس، وأن المجري الملاحي لنهري النيل لن يستطيع استيعاب المراكب إلا بعد تقليل غاطسها، وأنه من المنتظر أن يندثر النقل النهري خلال سنوات من تشغيل سد النهضة.
واقترح أن يتم العمل علي تخزين المياه خلال الـ5 سنوات الأوَل أثناء بناء السد بشكل يكفي لتعويض ما سيتم فقده من مياه خلال السنوات الخمس التالية التي سيتم خلالها ملء خزان السد الإثيوبي، وبذلك تتفادي مصر مخاطر قلة المياه الواردة إليها.