« إيجاس » تضخ 460 مليون قدم يومياً بدلاً من 510 ملايين للأسمدة وتخفض الأسمنت 60 مليون قدم
شركات الأسمنت خفضت الإنتاجية 50% و« الأسمدة » تعترض علي تسليم الحصص ونصف مصانع الطوب أغلقت الأبواب
تفاقمت أزمة نقص الغاز لدي القطاع الصناعي مع بداية موسم الصيف، بسبب زيادة مسحوبات محطات الكهرباء وتعرقل مفاوضات الاستيراد من الخارج، مما يهدد هذا القطاع بالانهيار في حال استمرار عجز الحكومة عن توفير الغاز وسعيها الدؤوب لرفع سعره.
قال أحمد الميقاتي، عضو مجلس إدارة شركة جنوب الوادي للأسمنت، إن تخفيض معدلات توريد الغاز إلي المصانع سيخلق بدوره أزمة كبيرة في هذا القطاع، وأن تراجع كميات الغاز، التي يتم ضخها للمصنع قد يترتب عليها تراجع طاقته الإنتاجية التي تبلغ نحو 1.5 مليون طن سنوياً، وذلك بمعدلات كبيرة.
وأضاف أن حصة المصنع من الغاز تقدر بنحو 15 مليون قدم مكعب يوميا، وأن عدم طرح بدائل لتخفيض الكميات سيؤدي إلي تهديد صناعة الأسمنت في مصر، وأن المسئولية تقع علي كاهل الحكومة الحالية، التي فشلت في إدارة الوضع الاقتصادي بشكل جيد.
وأوضح فاروق مصطفي، العضو المنتدب لـ« مصر بني سويف للأسمنت »، أن حصة الشركة من الغاز تقدر بنحو 28 مليون قدم مكعب يوميا، وأن ما تحصل عليه فعليا يقل عن الحصة بنحو 20%، وأنه عادة ما يتم تحميل نقص الغاز وارتفاع سعره والعمالة والآلات المعطلة علي سعر المنتج للمستهلك.
وأشار إلي أن عدم توفير حصص الغاز لمصانع الأسمنت يدفعها إلي تخفيض إنتاجيتها بمعدلات تصل إلي 50% في بعض المصانع، ما يترتب عليه نقص المعروض في الأسواق، وهو الأمر الذي أدي إلي ارتفاع الأسعار بدرجات كبيرة في الفترات المقبلة.
ولفت العضو المنتدب لـ« مصر بني سويف » للأسمنت إلي أن المستهلك المحلي هو المتضرر الأول من القرار، نظراً لأن الغاز عنصر أساسي في الإنتاج، وتقليص كمياته يؤدي إلي نقص كميات الأسمنت ورفع سعره في السوق المحلي.
من جانب آخر قال تامر بشري، المدير المالي بشركة «الفا» للسيراميك، إن حصة الشركة متعاقدة مع « ناتجاز » علي توريد 20 مليون متر مكعب سنوياً عادة ما تزيد قليلاً، علي أن يتم توريد الكميات الاضافية بنفس أسعار الكميات العادية.
وأضاف أن الـ20 مليون متر مكعب تكفي لتشغيل شركتي ألفا 1 وألفا 2، وذلك لإنتاج نحو 43 ألف متر مربع من السيراميك، وأن هذا لا يعني أن قطاع السيراميك لا يشهد ارتباكاً حاداً نتيجة قرار الحكومة رفع أسعار الغاز من 3 إلي 6 دولارات للمليون وحدة، لأن رفع الأسعار يمثل مشكلة كبيرة لللقطاع.
وأوضح بشري أن رفع أسعار الغاز يترتب عليه زيادة أسعار المنتج، وذلك في الوقت الذي تعاني فيه شركات السيراميك من حالة ركود منذ بضعة شهور، وأنها ستضعف أيضاً من القدرة التنافسية للقطاع في الأسواق الخارجية، معتبراً أن الزيادة كبيرة وجاءت مفاجأة، وأن الحكومة أخطأت وكان عليها أن تقوم برفع الأسعار بشكل متدرج.
وأشار إلي أن زيادة أسعار الغاز ستجعل الموقف المالي للشركات حرجاً للغاية، بل قد تلحق هذه الزيادات خسائر كبيرة ببعض المصانع بسبب الفرق بين أسعار الغاز القديمة والجديدة، وأنه ليس ضد رفع أسعار الطاقة للمساعدة في خفض العجز بالموازنة العامة، لكنه كانت ينتظر أن يأتي الأمر بعد دراسة جادة لمدي تأثير القرار علي مختلف القطاعات، فيكون التنفيذ متدرجاً.
ولفت بشري أن التدرج في هذا الأمر كان سيمكن الشركات من الانتظام في تشغيل خطوط إنتاجها دون التعرض لهزات عنيفة تعوق خططها في الاحلال والتجديد وتلبية احتياجات السوق المحلي دون اللجوء لزيادة أسعار منتجاتها لمواجهة الزيادة في أسعار الوقود، محذراً من تداعيات ارتفاع أسعار الغاز علي مصانع السيراميك، وأن هذه الزيادة تؤثر سلباً علي السعر التنافسي للتصدير، حيث تصدر مصر حوالي 40% من حجم إنتاجها.
وقال وليد عبدالحميد، مدير التخطيط بشركة « دريم ستون » إحدي شركات مجموعة بهجت، إن الشركة لا تحتاج الغاز إلا في حالة تعاقدها مع شركات أسبانية تلتزم بنوعيات معينة من الرخام المحروق سطحياً، وهو ما يعني احتياجها لكميات وفيرة من الغاز.
وأوضح أن اتجاه بعض شركات البترول إلي تخفيض كميات الغاز المطروحة للقطاع سيؤدي إلي تأثر الصناعة سلباً.
وأرجع أحمد شبل، العضو المنتدب السابق لشركة لافارج، النقص في المعروض من الأسمنت بالأسواق إلي خفض المصانع لطاقاتها الإنتاجية، نظرا إلي عدم توفر الطاقة، وليس بسبب تصدير الشركات لإنتاجها من الأسمنت خاصة مع ارتفاع أسعار الأسمنت المحلية مقارنة بالأسعار العالمية.
وقال شبل إن ارتفاع تكلفة الإنتاج وتخفيض الطاقة الإنتاجية للمصانع أصاب منظومة العرض والطلب في سوق الحديد بالخلل، لأنه أصبح من السهل علي أصحاب الشركات تحميل المستهلك الارتفاع في تكلفة الإنتاج، مشيراً إلي تضاؤل فرص تصدير الأسمنت المصري بعد ارتفاع الاسعار نظرا إلي ارتفاع سعره مقارنة باسعار دول أخري لديها فائض في الأسمنت كتركيا واليونان.
وأضاف أن ارتفاع سعر طن الأسمنت وتخطيه سقف الـ620 جنيهاً للمستهلك قد يكون فيه مغالاة من جانب أصحاب الشركات المنتجة، وأنه علي الرغم من ارتفاع أسعار المازوت إلي 1600 جنيه مقارنة بـ1000 جنيه قبل الزيادة، وأن المصانع لا تحصل عليه بالسعر الرسمي بسبب عدم توفره، وبالتالي فإن الحكومة مطالبة الآن بالتحرك الجاد لتوفير المازوت لمصانع الأسمنت.
وقال صلاح أبوبكر، رئيس جمعية أصحاب مصانع الطوب بالجيزة، إن شركة إيجاس كانت قد أبلغت المصانع خلال الشهر الجاري بقيامها ببعض أعمال الصيانة في الخطوط الخاصه بها، لكن لم يتم قطع الغاز عن المصانع حتي الآن.
وأضاف أن مصانع الطوب تعاني في الوقت الحالي من عجز في المازوت، وأن 60% من المصانع توقفت تماماً عن الإنتاج، فيما خفضت المصانع الأخري إنتاجيتها بمعدل 50%.
كان هشام قنديل، رئيس مجلس الوزراء قراراً رفع اسعار الغاز الطبيعي لمصانع الطوب والأسمنت من 4 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية إلي 6 دولارات.
وحدد القرار سعر بيع طن المازوت بقيمة 1500 جنيه للقطاعات والانشطة الاقتصادية الأخري عدا شركات إنتاج الكهرباء فيستمر السعر الحالي.
وأوضح رئيس جمعية أصحاب مصانع الطوب بالجيزة أن أزمة محاسبة مصانع الطوب بأثر رجعي علي أسعار الغاز تم حلها، حيث سيتم احتساب الزيادة 100% بدءاً من أغسطس المقبل، وأنه رغم هذه الأزمات لم تشهد أسعار الطوب زيادة ملموسة خلال الشهور الأخيرة، حيث استقرت السعر عند 300 جنيه للألف طوبة.
وفي سياق متصل، طالبت شركات الأسمدة العامة وعلي رأسها « أبوقير » و« الدلتا » وشركات المناطق الحرة وأهمها « الإسكندرية » و« حلوان » و« المصرية » بضخ كميات الغاز، التي تكفي لتشغيل المصانع بطاقتها الإنتاجية المعتادة، لأن ما يضخ حالياً من الغاز يقدر بنحو 50%، ما يفترض ضخه في الظروف العادية، مما يترتب عليه تراجع 50% في الإنتاجية، ما ينذر بأزمة في سوق الأسمدة خلال الموسم الصيفي الحالي.
وشددت المصانع علي أن الحكومة مطالبة باعادة النظر في أسعار الغاز الجديدة، التي تبلغ 4 دولارات للميلون وحدة حرارية، لأن هذه الزيادة في الأسعار بجانب نقص الكيمات التي يتم ضخها للشركات يترتب عليه خسائر فادحة.
ورهنت هذه المصانع انتظام توريد حصص الأسمدة المقررة للدولة ببحث مطالبهم، حيث أدت الضغوط التي يمارسها المسئولون علي المنتجين والتجار لطرح أسعار متدنية بالسوق لخسارتهم، فيما تجد شركات الاسمدة الحكومية السيناريو البديل لتعويض خسائرها هو التفاوض مع وزارة الزراعة وبنك التنمية والائتمان الزراعي لرفع أسعار منتجاتها.
وكشف مصدر مسئول بشركة الاسكندرية للأسمدة عن أن معدل ضغط الغاز لم ينتظم حتي الآن، حيث انخفض من 34 باراً إلي 20 باراً، وأن هذا الخفض يعد كارثة، لأنه يتزامن مع زيادة معدلات الطلب المحلي علي الاسمدة في الموسم الصيفي، وأن هذا الخفض يؤثر بالضرورة علي توريدات هذه الشركات لوزراة الزراعة، مما يؤثر علي طاقة الإنتاج بنسبة تتجاوز 50%، وانغكس تراجع الإنتاج أيضاً علي معدلات التصدير.
وأشار إلي أن مشلكة الأسمدة الكبري هي أزمة توزيع وليس إنتاج، وأن الشركات مهما انتظمت في تسليم حصصها، فإن الوزارة لن تقدر علي إحكام منظومة التوزيع، مما يؤدي إلي تسربه للسوق السوداء، ليباع بضعف ثمنه، الذي وصل إلي 3200 جنيه.
وأكد المصدر أن الشركة قامت بتوريد نحو 5 آلاف طن خلال الشهر الجاري من إجمالي 10 آلاف طن مستحقات الوزارة لشهر مايو، وأن الشركات لم تعد قادرة علي تحمل اعباء رفع أسعار الغاز، خاصة مع وجود ارتباطات تصديرية معطلة بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج التي تؤدي بدروها إلي ارتفاع اسعار السماد.
ولفت إلي أن الشركة لم تف بكامل حصص السماد لشهري يناير وفبراير بسبب ازمات ضخ الغاز خلال الشهرين، وأنه من الضروري العمل علي إعادة النظر في ارتفاع اسعار الغاز، التي بلغت 4 دولارات مؤخرا، إضافة إلي عدم انتظام ضخ الغاز إلي المصانع.
من جانبه، قال عادل الدنف، رئيس شركة حلوان للأسمدة، إن الشركة لم تستطيع توفير حصة الوزارة من الأسمدة، وأن قيامها بتسليم حوالي 40% من إجمالي الكمية، التي تقدر بـ15 طناً شهرياً.
وأرجع سبب تقاعس الشركة عن توفير حصص الوزارة من الأسمدة إلي أزمات الغاز المتلاحقة خلال الشهر الجاري، حيث انقطع الغاز لمدة أسبوع، موضحاً أن معدلات التصدير انخفضت 30%، وأنه من الضروري خفض أسعار الغاز، وأنهم علي استعداد لمنح وزارة الزراعة الكميات المطلوبة علي أن يتوفر الغاز بكميات وأسعار مناسبة.
وأوضح الدنف أن الزيادة في أسعار الغاز انعكست علي تكلفة الإنتاج بنحو 30%، وأنه كان من الأفضل تطبيق هذا القرار بشكل تدريجي، بحيث تكون الزيادة 10% علي الأكثر سنوياً، مطالباً برفع سعر توريد الأسمدة للحكومة كتعويض مناسب لفارق أسعار الغاز، وأن تسرع الحكومة في إقرار هذا التعويض لتفادي الخسائر التي تتكبدها شركات الأسمدة شهرياً.
وأوضح حسن عبدالعليم، رئيس شركة « موبكو » للأسمدة أن رفع أسعار الغاز محليا سيؤثر سلبياً علي صادرات مصر من الأسمدة، التي تقدر بحوالي 5 ملايين طن 2017.
ومن جانب آخر، كشف مصدر مسئول بالقابضة للغازات « إيجاس » عن أن تعاقد شركة طرة للأسمنت علي الغاز انتهي 2010، وأنها توقفت عن السحب منذ يوليو الماضي، وأن تعاقدها يقدر بنحو 24 مليون قدم مكعب يومياً تستلم منها 15 مليوناً فقط.
وقال المصدر إن العقد المبرم أيضاً مع شركة أسمنت حلوان انتهي منذ 2010، وأن الحصة المتفق عليها في العقد القديم تبلغ 17 مليون قدم، إلا أن الشركة تأخذ 13 مليون زيادة عن حقها، وأن شروط العقود المبرمة 2009 تلزم الطرف المتعاقد مع الشركة سداد ضعف السعر في حالة أي كمية اضافية يتم توريدها، وأنه في حالة عدم وجود عقد بين الطرفين، فإن « إيجاس » لا يمكنها محاسبة شركة أسمنت حلوان.
وتوقع رفع ملف شركة أسمنت حلوان إلي النيابة المختصة، مشيرا إلي أن « إيجاس » تضخ 460 مليون قدم مكعب غاز يومياً لمصانع الأسمدة من إجمالي 510 ملايين قدم مكعب حصص متعاقد عليها، فيما تضخ 340 مليون قدم مكعب لشركات الأسمنت من 400 مليون قدم مكعب متعاقد عليها، وأن الأولوية في ضخ كميات الغاز تكون للمصانع، التي تغذي السوق المحلي.