استقالة الشيخ حمد بن جاسم تمثل اكبر خطر في العملية الانتقالية نظرا لدوره البارز في السياسة الخارجية
يحب أمير قطر المتنازل عن ولايته أن ينظر اليه كحاكم مختلف في منطقة الخليج المحافظة التي تخشي التغيير، ووفقا للصورة التي اشتهر بها، فقد صدم العالم العربي هذا الاسبوع بالتنازل عن السلطة لابنه الأمير تميم.
من المتوقع أن نشهد المزيد من التغييرات في الدوحة بما في ذلك رحيل حمد بن جاسم، رئيس الوزراء القوي والعقل المدبر لسياسة قطر الخارجية المثيرة للجدل.
سواء كان مريضا أو يسعي فقط لأن يكون في الطليعة، فإن الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي يبلغ من العمر 61 عاما أزعج جيرانه بتنازله عن السلطة، والأكثر شيوعا في الخليج هو استمرار الحكام المتقدمين في السن بالحكم حتي لو كانوا غير قادرين علي مواصلة الحكم ليصيبوا عملية صنع القرار في بلادهم بالشلل ويثيروا الاقتتال والمؤمرات داخل عائلاتهم الملكية.
إن الشيخ حمد أراد أن يتجنب هذه الحالة من الخلاف والاقتتال، فبعد الاطاحة بوالده عام 1995، اراد الشيخ حمد أن يضمن عملية انتقال سلس للسلطة، عملية يستطيع أن يشرف عليها ويحميها.
يري بعض المراقبين تنازل الامير عن السلطة ردا علي تغير الأنظمة السياسية في الشرق الاوسط، وبخلاف دول الخليج فقد ساند بكل حماس الثورات التي اندلعت في العالم العربي واحتضن الحكومات الاسلامية الناشئة ولكنه ترك نفسه عرضه للاتهام بأن قطر تدعم الديمقراطية في الخارج في حين تتشبث بالحكم الاستبدادي في الداخل.
وبدلا من الانتخابات الشرعية التي كان قد تعهد الأمير حمد بإجرائها هذا الصيف، كان رد الأمير تسليم السلطة للجيل الجديد ما يحافظ علي صورة قطر كدولة متفردة مختلفة مع تجنب مخاطر الانفتاح السياسي.
كما يقول جوناثان ايال، مدير دراسات الأمن الدولي في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إن تنازل الأمير عن السلطة يمنحنا شعورا بأن الأنظمة الملكية بإمكانها تجديد نفسها ولكن مع تجنب تغييرات جذرية في نفس الوقت.
علي افتراض تنحي الشيخ حمد بن جاسم، فسوف يعد ذلك انتصارا كبيرا بالنسبة للشيخة موزة- الزوجة الثانية للأمير- التي ضمنت ان ابنها سيصبح الأمير وسيحكم دون منازع- كما أن العلاقات بين الشيخة موزة والشيخ حمد بن جاسم لم تكن علي خير ما يرام، ووصول ابنها للسلطة يتطلب التحرك المزدوج المكون من تخلي الامير عن الحكم واستقالة رئيس الوزراء.
ولكن استقالة الشيخ حمد بن جاسم تمثل اكبر خطر في العملية الانتقالية نظرا لدوره البارز في السياسة الخارجية القطرية وفي استثماراتها الضخمة، حيث بلغت قيمة الاصول التي يشرف عليها حمد بن جاسم في صندوق الثروة السيادية 100 مليار دولار.
رغم الدينامية والعدوانية التي عادة ما تتعامل بها قطر وتميزها عن نظرائها الاقليميين، فإنها تعاني من نقص قدرة المؤسسات التي تقوض سلاسة تنفيذ السياسات، وعادة ما يصف الديمقراطيون قطر بأنها دولة يديرها عدد من الناس يمكن عدهم علي صوابع الأيدي ما يجعل عملية صنع القرار مرنة وسريعة الا ان ذلك يعوق ايضا ابتكار سياسات جديدة.
وجاءت الخلافة ايضا في الوقت الذي تعد فيه الدوحة في موقف صعب بالمنطقة حيث إن تدخلها خاصة في سوريا بتمويل وتسليح الثوار يغذي التوترات داخل المعارضة والانتقاد عبر العالم العربي، وقد يهتف الاسلاميون بكرم قطر ودعمها لهم ولكن اسم هذه الدولة الخليجية الصغيرة بين العديد من الشعوب العربية اصبح مرادفا للتدخل المريب.
قد حول تنازل الامير عن السلطة انتباه المنطقة إلي ما تفضل قطر ان تعرف به كدولة تفعل اشياء مختلفة ولاتخشي المخاطر، كما تثير تلك الخلافة المبكرة التساؤلات بين مواطني الخليج حيال ما اذا كان قاداتهم المسنون يتعين عليهم أن يحذوا حذو قطر.
لكن حكام الخليج يرون قطر كأخ مزعج وليس نموذجاً يحتذي به وكما قال عبد الخالق عبد الله، أكاديمي اماراتي، إن ما يحدث في قطر سيبقي داخلها.
بقلم: رولا خلف
المصدر: فاينانشيال تايمز