قالت «إيكونومست» في تقرير لها إن الاقتصاد المصري يترنح وقريب من الانهيار من أي وقت مضي بسبب عدم الاستقرار السياسي في البلاد بأكملها، بالاضافة إلي تجاهل الحكومات المتعاقبة المخاطر التي تلوح في الافق.
وأشار التقرير الذي أعدته المجلة قبل أسابيع إلي أن ابرز المؤشرات علي فشل الاقتصاد المصري هو عدم قدرة الرئيس محمد مرسي حتي الآن علي وضع خطة اقتصادية معقولة لاقناع صندوق النقد الدولي اقراض مصر 4.8 مليار دولار خاصة أن الحصول علي الموافقة يعني الحصول علي 15 مليار دولار من المساعدات متعددة الاطراف، وبشروط مخففة وبتكلفة اقتراض منخفضة بشكل عام.
وفي نفس السياق، رفضت الحكومة المصرية في اوائل شهر مارس الماضي، الاقتراحات بامكانية خفض الودائع الخاصة بها في صندوق الطوارئ.
واضطرت الحكومة خوفا من اتباع سياسة التقشف قبل الانتخابات العامة المقررة اواخر هذا العام إلي الاقتراض من البنوك المحلية بمعدلات فائدة مرتفعة، والطلب من الحكومات الشقيقة «معظمها حكومات دول الخليج» النقد والوقود، بالاضافة إلي الانشغال باصدار مشروع قانون الصكوك الاسلامية.
وفي سياق متصل، انخفضت الاحتياطيات الأجنبية الرسمية لمصر، من 36 مليار دولار قبل ثورة يناير 2011، إلي 13 مليار دولار فقط والذي كان يكفي بالكاد تغطية ثلاثة اشهر واردات.
و علي الرغم من ذلك فان اجمالي الاحتياطي لا يمكن المساس به، حيث انه يتكون من الودائع المصرية من النقد الاجنبي في البنك المركزي من الدول الشقيقة مثل قطر «4 مليارات دولار»، والمملكة العربية السعودية «مليار دولار»، وتركيا «مليار دولار».
وبعد اعلان دول الخليج أنها ليست علي استعداد لضخ المزيد من المال إلي مصر، اضطرت الحكومة المصرية إلي التوجه للعراق وليبيا لملء خزائن البنك المركزي.
وأكد التقرير أن كل هذه الزيادات في الاحتياطي الاجنبي من الدول الشقيقة هي فقط تهدف لتحسين وضع الارقام المعلنة من قبل البنك المركزي المصري وليست حقيقة واقعة.
وأضاف التقرير أنه مع انخفاض قيمة العملة المصرية بنسبة 10% منذ ديسمبر الماضي، لجأ البنك المركزي إلي فرض المزيد من الرقابة علي سعر الصرف، مؤكدا أن هذه هي البداية لتقليل معدلات الاستثمار والتجارة، فعلي سبيل المثال، اختفت بعض الادوية المستوردة من الصيدليات، وحذر السماسرة عملاءهم الأجانب من مشاكل اعادة الاموال من الخارج.
وأضاف التقرير أنه في جميع الاحوال فان القليل من المال يدخل البلاد، بالاضافة إلي اتجاه السلطات المصرية إلي عرقلة الاستثمار الاجنبي.
حيث الغت الاحكام القضائية صفقات الخصخصة من اكثر من عقد من الزمن وتم الاعتماد علي دافعي الضرائب وفرض فواتير كبيرة بأثر رجعي.
و ذكر التقرير أن التضخم ارتفع نتيجة الانخفاض في قيمة العملة المصرية، من معدل سنوي اقل من 5% في ديسمبر الماضي إلي 8% في فبراير.
كما أن البيانات الصادرة عن عدد المتعطلين عن العمل تشير إلي واقع قاتم، واعلنت تقارير انه تم اغلاق علي الاقل 4500 مصنع منذ الثورة، وهذا يفسر ارتفاع معدلات البطالة الرسمية من 9% إلي 13%.
ويشير التقرير إلي أنه علي الرغم من ذلك، فإن التقديرات غير الرسمية اعلنت أرقاماً اعلي بكثير وبدلائل مثل زيادة عدد الجرائم وانتشار الاسواق غير الرسمية، بالاضافة إلي تعطل عمال السياحة عن العمل، علي الرغم من مساهمتهم في الاوقات الجيدة بنسبة 12% من الناتج المحلي في مصر، وترك المنتجعات الشاطئية والتي كانت تجذب معظم الزوار والتوجه إلي الساحة القديمة مثل الاهرامات ووادي الملوك، كما أن القوارب علي نهر النيل فارغة من السياح.
وأوضح التقرير، انه لكي تكون هناك حالة من الانصاف، فان حكومة الرئيس مرسي لم تكن غافلة عن وجود ازمة اقتصادية تهدد البلاد، ما ادي إلي زيادة فرض بعض الرسوم الجمركية والضرائب، وطرح خطط لبحث قضية الدعم والسلع التموينية المدعومة.
وأشار التقرير إلي أنه علي الرغم من ذلك، أدت هذه التعديلات إلي اثارة الشعب، وطلب صندوق النقد الدولي من الرئيس مرسي في بيان له بعد الزيارة الاولي للقاهرة، بناء «تأييد واسع» للاصلاح الاقتصادي علي نطاق واسع المدي.
وذكر التقرير أن حكومة الرئيس مرسي، لم تفشل فقط في اقتراح خطة متماسكة للاصلاح أو لتجهيز الرأي العام لذلك، فقد حاول الرئيس مرسي والاخوان المسلمون التصدي للانتقادات الموجهة باستخدام الكثير من الأساليب نفسها كما فعل مبارك المخلوع عام 2011 بعد 30 عاماً في السلطة، لكن المصريين لم يعد يتم تخويفهم بسهولة، وكانت النتيجة الشلل السياسي وتصاعد العنف.