النقل البري يعمل بـ30% من طاقته.. وتوقعات بتفاقم العجز في المقررات التموينية بمحافظات الصعيد
البقالة تتهم شركات الأغذية بتعطيش السوق وتعثر توريد الأسمدة للجمعيات الزراعية
الأسمنت يتجاوز الـ800 جنيه ومصدرو الحاصلات الزراعية يحجزون مبردات لتجنب تلف العنب
إغلاق مصانع الطوب وتوقف استيراد الأخشاب.. وصادرات الرخام في خطر
شهدت حركة التجارة الداخلية والخارجية خلال الأيام الماضية حالة من الشلل التام بسبب توقف حركة النقل نتيجة تزايد مخاوف أصحاب السيارات من تعرض سيارتهم للخطر في ظل التظاهرات علي نطاق واسع علي مستوي الجمهورية مما دفع أصحاب الشركات إلي وقف تسيير اسطول النقل الخاص بهم تجنبا للسرقة.
أكد ممدوح السيد، رئيس الجمعية العامة للنقل البري ان هناك أزمة حادة في حالياً في حركة نقل البضائع، مشيراًً إلي ان الجمعية من جانبها بدأت اعتباراً من أمس الأربعاء في تشغيل 30% من أسطول سيارات أعضائها الذي يبلغ نحو 30 ألف سيارة وذلك في الأماكن داخل القاهرة فقط وبالقرب من المصانع لتدارك الأمر.
أشار إلي أن باقي السيارات لن تعمل مع عودة حالة الاستقرار للأوضاع التي تسود الشارع حالياً تلافياً للمشاكل واعمال البلطجة المتوقعة خاصة في ظل وجود عدد كبير من البلطجية من الممكن ان يقوموا بالاستغلال السيئ لتلك الاحداث والعمل علي قطع الطرق وسرقة البضائع، اوضح ان القطاع تعرض لحالات سرقة وسطو عديدة خلال عام الثورة مما أدي إلي تحمله خسائر تقدر بحوالي 15 مليون جنيه منها سرقة مواد استراتيجية مثل السكر والزيوت.
من جهته، قال مصطفي الضو، رئيس شعبة المواد الغذائية بالاتحاد العام للغرف التجارية ان شركات المواد الغذائية توقفت عن طرح اي كميات من المواد الغذائية لمحلات البقالة، مؤكداً أن الأمر قد يدفع التجار إلي رفع أسعار ما لديهم من منتجات خلال الفترة المقبلة وذلك باستغلال تكالب المواطنين علي شراء السلع الغذائية من السوبر ماركت بكميات كبيرة بسبب الأحداث.
أوضح أشرف الطاهر، مدير مبيعات بشركة هاينز مصر ان توقف شركات المواد الغذائية عن النقل يعد إجراء احترازياً يأتي بعد تصاعد حدة اعمال العنف التي تشهدها مصر منذ بداية ثورة يناير، مشيراً إلي أن غالبية العاملين علي السيارات يرفضون السير بها علي الطرق السريعة في ظل الأوضاع المتردية في الوقت الراهن.
وقال إن التجار الذين يرغبون في ضخ مواد غذائية اليهم عليهم بتوفير السيارات اللازمة لذلك.
من جانبه، قال وليد الشيخ، رئيس نقابة بدالي التموين ان هناك مخاوف وعزوفاً من جانب اصحاب السيارات النقل في الوقت الحالي عن الخروج والسفر بالسيارات إلي المحافظات المختلفة تجنباً لتعرضهم لأعمال السرقة وحذر من استمرار اضراب السيارات النقل عن العمل حتي لا يؤدي ذلك إلي تفاقم العجز في المقررات التموينية لشهر يوليو الحالي خاصة بمحافظات الصعيد في ظل وجود نسبة عجز لاتزال متبقية من الشهر الماضي.
اضاف الشيخ ان وزارة التموين كانت قدر قررت أمس استمرار صرف المقررات التموينية الخاصة بشهر يونيو الماضي لمدة أسبوع آخر من الشهر الحالي لافتاً إلي ان نسبة العجز في الزيت التمويني بلغت ببعض محافظات الصعيد نحو 80% من الاحتياجات.
من جهته، قال أحمد سيد نادي، مدير تنفيذي بشركة الخلود للصرافة إن الشركات أوقفت أيضاً عمليات نقل الأموال إلي معظم فروعها بسبب تزايد حدة المخاوف من أصحاب تلك الشركات وتسودهم حالة من القلق من حمل أي عملة سواء مصرية أو أجنبية خوفا من التعرض للبلطجة والسطو كما أن الحالة التي تسود البلاد جعلت هناك إحجاماً من جانب المواطنين عن شراء أو بيع أي عملة وقصر نشاطها حالياً علي سحب الأموال من البنوك والتكالب علي شراء السلع الأساسية الغذائية والدوائية لهم وزيادة المخزون منها.
قال محمد خليل، رئيس لجنة الشحن بالمجلس التصديري للحاصلات الزراعية إن مصدري الحاصلات الزراعية يواجهون ايضاً في الوقت الراهن مشكلة كبيرة مع النقل خاصة في ظل بداية موسم العنب وعدم قدرة الشركات علي تصديره بعد أن أعلنت معظم شركات الملاحة إلي توقف مراكبها بسبب الغياب الأمني من قبل الجهات الأمنية وعقد مقارنة بين الأحداث التي صاحبت ثورة يناير عام 2011 والظروف التي تواجه البلاد حالياً بعد انسحاب الجيش وعودته لثكناته وتولي الرئيس مرسي للرئاسة، مشيراً إلي تولي الجيش تأمين النقل في هذه الفترة وضمان وصول البضائع للأسواق.
وكشف صلاح حجازي، رئيس شركة اجروفود للحاصلات الزراعية ان توقف النقل أدي بمصدري العنب إلي تأجير المزيد من المبردات تجنباً لتلفه ومن المتعارف عليه أن شهر يوليو هو ذروة موسم تصدير العنب ويبلغ إجمالي صادرات مصر من العنب حوالي 100 ألف طن.
أضاف حجازي أن شركات الملاحة اعلنت كذلك توقفها عن العمل رغم اعترافها أن هذا القرار قد يؤدي إلي أزمة في العقود التصديرية مع الشركات الأجنبية، خاصة أن شركات الشحن لم تحدد حتي موعد رجوعها إلي العمل وانما تركت الأمر إلي أجل غير مسمي، لافتاً إلي ان شركات النقل الداخلية ايضا رفضت نقل البضائع من مخازن الشركات إلي الموانئ خوفاً من ان يدفع السائقين حياتهم ثمنا للمجازفة بالسفر علي الطرق في ظل الغياب الأمني علي الطرق.
طالب بتشكيل لجنة لإدارة الأزمة تضم كلاً من رئيس الغرفة التجارية وممثلاً لوزارة الداخلية وجمعيات النقل لوضع تصور لتأمين سيارات النقل علي الطريق.
وطالب إيهاب إسماعيل، صاحب إحدي الشركات المصدرة للحاصلات الزراعية بتوفير التأمين اللازم علي الطرق خاصة أن توقف نقل السلع الغذائية خلال الفترة المقبلة ينذر بكارثة في حالة عدم وصول المواد التموينية لبعض المحافظات الفقيرة، ما قد يؤدي لمجاعة خاصة ان اهالي هذه المحافظات يتكالبون علي هذه المواد بشكل أساسي حالياً.
وقال مصطفي إسماعيل، مدير اللوجيستيك بشركة مودرن للمواد العازلة ان الشركات الأجنبية لم تشعر حتي الآن بالأزمة التي يعاني منها المصدرون المصريون بسبب لجوء العديد من المصدرين لشحن العديد من الكميات في وقت مبكر من اليوم، لكن استمرار توقف النقل الملاحي ينذر بعواقب وخيمة علي الصادرات المصرية التي تعتبر المصدر الرئيسي للعملة الصعبة في الوقت الراهن في ظل توقف حركة السياحة.
أضاف إسماعيل ان خط «msn» الملاحي متوقف حتي الآن وهو ما يعد أحد اكبر الخطوط الملاحية التي تساهم في نفاذ الصادرات المصرية إلي الخارج، موضحاً أن تعطل هذا الخط يعني تعطيل شحنات تصديرية مهمة وإخلال بالعقود مع الشركات الخارجية.
من جهته، قال رأفت محمود رئيس مجلس إدارة شركة «ثاوث فوم» للطوب إن أسعار الطوب ارتفعت محلياً بنسبة 15% نتيجة تراجع الإنتاج، مشيراًً إلي أن سعر الألف طوبة وصل إلي 330 جنيهاً بدلاً من 300 جنيه في السابق نتيجة أن معظم مصانع الطوب اغلقت بسبب عدم توافر المواد الخام التي من المفترض أن يتم نقلها إلي المصانع فيما قامت باقي المصانع برفع الأسعار.
وفي سياق متصل، حذر الدكتور عمر الدجوي، رئيس جمعية منتجي الأسمدة من تلف المحاصيل خلال المرحلة المقبلة نتيجة عدم نقل الأسمدة من المصانع إلي شون بنك الائتمان الزراعي وإلي الجمعيات الزراعية.
أضاف الدجوي ان استمرار توقف النقل يهدد أيضاً برفع أسعار الأسمدة عن الأسعار السائدة في الوقت الحالي، لافتاً إلي ان سعر طن اليوريا وصل إلي 3000 جنيه للطن فيما ارتفع سعر النترات إلي 3200 جنيه للطن.
من جهته، قال محمد عبدالعزيز سلامة، صاحب أحد المقطورات التي تعمل في مجال نقل الأسمنت إن اختفاء السولار من أهم أسباب التوقف أيضا خاصة في ظل الزيادة الكبيرة في أسعار السوق السوداء للسولار، حيث وصل سعر الصفيحة إلي 120 جنيهاً بدلاً من 18 جنيهاً في السابق.
أضاف أن مصانع الأسمنت تنتج الكميات المطلوبة ولكن يتم تخزينها لديها بسبب انخفاض حركة النقل حيث يتم نقل كميات قليل جداً إلي الأسواق حالياً، ما أدي إلي ارتفاع سعر الطن إلي ما يتجاوز 800 جنيه لافتاً إلي ان المقاولين اعلنوا توقفهم عن العمل لحين استقرار الأوضاع السياسية والأمنية في الشارع.
وفي السياق نفسه، قال محمد محسن التاجوري، نائب شعبة الأخشاب بغرفة القاهرة التجارية وأحد مستوردي الأخشاب إن مستوردي الأخشاب أيضاً توقفوا تماماً عن التعاقد علي الاستيراد قبل 30 يونيو بفترة كبيرة خوفاً من الأحداث الحالية.
أشار إلي ان تكلفة شحن المركب الواحد المحملة بـ10 آلاف طن اخشاب تتراوح حالياً ما بين 50 و70 ألف جنيه بخلاف قيمة البضائع التي تتعدي المليون جنيه، ما يجعل تعرض الشحنات لأي عمليات سطو مسلح سواء بالميناء أو علي الطرق السريعة تؤدي إلي خسارة تاجر الأخشاب لجزء كبير من رأسماله.
أضاف ان هناك خمسة مراكب اخشاب تعرضت للسرقة منذ بداية ثورة 25 يناير وهو ما يعني سرقة 50 ألف طن اخشاب كانت في طريقها إلي السوق المحلي مشيراً إلي ان الشعبة تطالب الأجهزة الرسمية بتوفير طرق برية آمنة لتعويض نقص المعروض من الأخشاب في السوق المحلي.
قال حمدي زاهر، رئيس المجلس التصديري للخامات التعدينية إن مصانع الرخام تعد الأكثر تضرراً من الأحداث الحالية، حيث إنها من أكثر القطاعات التصديرية التي يتم تصديرها إلي الخارج وتبلغ صادراتها حوالي 2 مليار جنيه.
أضاف زاهر ان أزمة النقل الحالية لا تعد الأزمة الأولي التي يواجهها مصدرو الخامات التعدينية، مشيراًً إلي ان الأزمة الأولي حدثت عندما تعرضت شاحنات النقل إلي التوقف علي حدود منفذ السلوم منذ شهرين تقريباً.