الاقتصادات الصاعدة تقلل من حجم مراكمة الاحتياطيات
انحسر المد عن الأسواق الناشئة بعد الشهر المضطرب، الذي شهدت فيه الأسهم تراجعاً بنسبة 12.7%، ثم صعدت مرة أخري الأسبوع الماضي بنسبة 6.4%، كما هبطت سندات الأسواق الناشئة بأكثر من 8% قبل التمتع بانتعاشة قدرها نحو 3%.
ولكن إلي أي مدي سوف ينحسر المد عن هذه الأسواق الناشئة؟
للإجابة علي هذا السؤال يجب أن ننظر إلي عصر الأسواق الناشئة الآخذ في التواري، وبدأ هذا العصر حوالي عام 2002 عندما انتقلت مجموعة من أزمات العملات والتعثر لدول عديدة بدءا من المكسيك في 1994 ثم إلي دول جنوب شرق آسيا ثم إلي البرازيل والأرجنتين، وهذا تزامن مع فتح الولايات المتحدة صنبورا من الأموال لمقاومة مخاطر الركود الذي تلا فقاعة «دوت كوم» عندئذ بدأت فترة النمو الاقتصادي المذهل في الصين.
قبل 2002 لم تكن الأسهم في الأسواق الناشئة مرتبطة بما يحدث بالعالم المتقدم، فالكوارث التي مروا بها في 1990 لم تمنع الولايات المتحدة وأوروبا من التمتع بأكبر صعود في الأسواق في التاريخ، ولكن منذ 2002 أصبحوا نسخة مكبرة من الأسواق المتقدمة، فكلما تحسن مؤشر «مورجان ستانلي كابيتال انترناشيونال»، الذي يضم 1606 أسهم عالمية، كان أداء الأسواق الناشئة أفضل منه، والعكس صحيح.
وبعد 2002، شغلت الأسواق الناشئة حصة كبيرة من النمو الاقتصادي العالمي، حيث جمعت احتياطيات أجنبية ضخمة لتأمين نفسها ضد أي كارثة أخري، كما ساعدها علي ذلك ارتفاع أسعار السلع، وتراجع التضحم وهبوط سعر الفائدة في أوروبا وأمريكا.
ومنذ 2003 وحتي 2011 حققت عملات الأسواق الناشئة نحو 7% نموا سنويا، بينما صعدت السندات بنحو 11%، طبقا لبيانات جولدمان ساكس.
وشهدت أيضا تلك الفترة إعادة تسعير للأسهم، ففي عام 2000 بيعت الأسهم في الدول المتقدمة بما يزيد علي قيمتها الاسمية بحوالي 3.9 ضعف مقارنة بـ 1.8 ضعف للأسهم الناشئة، أما الآن فهم يعانون من أسوأ تراجع منذ 2005.
ويدل هذا التراجع بالإضافة إلي هبوط أسعار السلع إلي انحسار المد، وربما يعود هذا الانحسار أيضا إلي تخفيض مراكمة الأسواق الناشئة للاحتياطي الأجنبي، حيث ارتفعت الاحتياطيات الأجنبية للصين 4.1% فقط في 2012، وهي السنة الأولي التي تسجل فيها رقما يقل عن 10%.
ويذكر تقرير للفاينانشيال تايمز أن العاملين المتسببين في العقد العظيم للأسواق الناشئة لن يتكررا واستنفدا أنفسهما، وهما انتعاش السلع وتراكم الاحتياطيات الأجنبية، وبالفعل أدركت العملات والسندات الناشئة هذه الحقيقة منذ أسابيع قليلة.
ومن بين الأمور التي ساعدت علي إدارك هذه الحقيقة هو حديث الاحتياطي الفيدرالي عن تضييق السياسة النقدية، مما دفع المستثمرين الخائفين إلي سحب أموالهم من الأسواق الناشئة.
ومن بين تلك الأمور أيضا ارتفاع سعر الفائدة علي الإقراض لليلة واحدة بحدة بين البنوك الصينية بعضها البعض، وهذا بمثابة إشارة من البنك المركزي الصيني بأنه يرغب في تقويض الإقراض.
وتقع الكثير من المؤسسات المالية الصينية تحت سيطرة الحكومة، وهذا لا يعرضها لكارثة تشبه تلك التي وقعت علي ليمان براذرز، ولكن بالتأكيد سوف يتسبب تقويض الإقراض في تباطؤ النمو أو ما هو أسوأ.