قيود السياسة النقدية الأمريكية أثرت بدرجات متفاوتة علي دول العالم النامي
ساهمت سياسة التيسير الكمي في نمو الأسواق الناشئة بعد أزمة 2008 – 2009، وتسبب بن برنانكي، رئيس الاحتياطي الفيدرالي الشهر الماضي في موجة بيع ضخمة للأصول الناشئة بعد أن ألمح إلي قرب نهاية سياسة التيسير الكمي.
وصرح برنانكي الأسبوع الماضي، بأن السياسة النقدية لأمريكا سوف تتكيف في المستقبل القريب مع الأسواق المالية، ومن الطبيعي أن تنتعش الأسواق في الاقتصادات الناشئة.
ومن غير المرجح أن تبعث هذه التصريحات الطمأنينة في نفوس رؤساء البنوك المركزية بالأسواق الناشئة، بعد أن أصبحت سياستها النقدية أقل اعتماداً علي نهج الاحتياطي الفيدرالي.
وقال نيل شيرينج، خبير بالأسواق الناشئة في شركة «كابيتال ايكونوميكس» بلندن، إن تقليص برنامج شراء السندات لن يؤثر بصورة كبيرة علي البنوك المركزية في دول الاقتصادات الناشئة كما تتوقع الأسواق، مضيفا أنه بالطبع سوف يكون هناك تأثير ولكنه لن يؤدي إلي دورة تضييق عنيفة للسياسة النقدية.
ويذكر تقرير للفاينانشيال تايمز، أنه من السهل اعتناق وجهة النظر الأخري، فالبرازيل التي عادة ما تتخذ الخطوة الأولي في تغيير السياسة النقدية بالأسواق الناشئة ضيقت سياستها المالية منذ أبريل ورفعت سعر فائدتها الرسمي بـ 50 نقطة أساس عشية تصريحات برنانكي إلي 8.5%، ثم لحقتها أندونيسيا بعد ورفعت سعر فائدتها بـ50 نقطة أساس بعد التصريحات الأخيرة بيوم.
كما شهدت البرازيل تدفقات خارجة لرؤوس الأموال نتيجة تحسن آفاق النمو في العالم المتقدم، وأزالت الدولة الحواجز عن الاستثمار الاجنبي في الدخل الثابت والمشتقات، كما تدخلت لتحمي عملتها، ولكن هل سيكون للبنك المركزي البرازيلي وغيره رد فعل بعد تصريح برنانكي بتكييف السياسة؟،
وقال شيرينج إنه لا يجب أن نتذكر أن الفيدرالي كان يتحدث عن احتمالية تخفيض معدل التحفيز، وقد لا تكون هناك أي زيادة بأسعار الفائدة في الولايات المتحدة قبل 2015 ولن ترفع مرة واحدة بل تدريجيا، وفي كل الأحوال أصبحت الأسواق الناشئة أقل حساسية تجاه أسعار الفائدة في الاحتياطي الفيدرالي.
لم تعد معظم ارتباطات عملات الأسواق الناشئة بالدولار، كما تراجع الدين بالعملات الأجنبية واستُبدل بالعملات المحلية، واختفت اشتراطات التمويلات الخارجية للأسواق الناشئة، وأسست الكثير من أسواقها احتياطات ضخمة من العملة الأجنبية.
وقال شيرينج إن تركيا وجنوب أفريقيا من أكثر الدول عرضة لمخاطر تقليص أو وقف برنامج الشراء، مشيراً إلي أن اقتصادات مجموعة البريك تتباطئ بغض النظر عن الاحتياطي الفيدرالي.
وتعاني البرازيل من مشكلات ليست لها علاقة كبيرة بالتيسير الكمي، فإن نموها القائم علي السلع الأساسية يفقد زخمه، كما هو الحال لانتعاشة الاستهلاك المحلي، وأدي تراجع النمو إلي اندلاع مظاهرات ضخمة، كما أن معدل البطالة يهدد بالارتفاع، وعلاوة علي تفاقم معدل التضخم بشدة، ومما يثير السخرية أن ارتفاع الأسعار مدفوع بارتفاع تكلفة الطعام الذي يعد أقل حساسية لأسعار الفائدة المرتفعة.
وبالفعل يعد اقتصاد البرازيل مغلقاً نسبيا، ويتوقع شيرينج أنها قد تنهي دورة التضييق النقدي في وقت أقرب مما يتوقعه المحللون.
ويتباطأ النمو في الصين بينما من المرجح أن تخفض روسيا والهند، اللتان تعانيان ـ أيضا ـ من هبوط في نمو أسعار الفائدة.
وبالتأكيد سوف تتنفس بعض دول العالم الناشئة الصعداء نتيجة استمرار برنامج التيسير الكمي لفترة، وربما تتجه إلي تضييق سياستها النقدية رغم تفعيل البرنامج.