أشارت تحليلات مجموعة QNB إلى أن سياسة السلطات الصينية لامتصاص الزيادة المبالغ فيها في الائتمان يمكن أن تهدد النمو الاقتصادي خلال النصف الثاني من عام 2013.
وشهدت الصين زيادة سريعة في الائتمان خلال العقد الماضي من خلال البنوك التجارية والمؤسسات المالية الأخرى خارج النظام المصرفي. وأقر المصرف المركزي الصيني (بنك الشعب الصيني) في وقت سابق من العام بأن التوسع في الائتمان بلغ مستويات مبالغ فيها ويمثل تهديداً للاستقرار المالي. واتخذ المصرف المركزي عدة إجراءات لتقليص السيولة وتشديد تشريعات الائتمان. وعلى الرغم من وجود بعض الجوانب الايجابية في سياسة المصرف المركزي، إلا أن هذه الإجراءات نتج عنها ارتفاع كبير في سعر الفائدة لليلة واحدة وانخفاض الائتمان للشركات.
وترى مجموعة QNB أن هذا الاتجاه يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ معتدل في النمو الاقتصادي الصيني خلال النصف الثاني من عام 2013 ليتراوح ما بين %7-%6 مما سيقلص من قدرة الصين على تحقيق معدل النمو الاقتصادي المُستَهدف عند %7.5.
شهدت الصين معدلات نمو قوية جداً في الائتمان خلال السنوات القليلة الماضية والتي ساهمت في تمويل الاستثمارات الضخمة في مشاريع البنية التحتية والعقارات.
وبلغ الائتمان المصرفي مستوى %132 من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2012، مقارنة مع %103 من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2008 (أنظر الشكل). علاوة على ذلك، قامت المؤسسات غير المصرفية مثل جمعيات الائتمان التعاونية والقروض غير الرسمية ومنتجات إدارة الثروات (والتي تعرف بشكل عام على أنها “القطاع المصرفي غير المنظم”) بإضافة ائتمان بلغ %33 من الناتج المحلي الإجمالي لهذا الكم الضخم من الائتمان
ساهم هذا الوضع في تحقيق الصين أعلى معدلات النمو الاقتصادي على مستوى العالم خلال السنوات القليلة الماضية. غير أنه ساهم أيضاً في زيادة معدلات الاحتيال وعمليات الإقراض عالية المخاطر وارتفاع الفائدة لمعدلات مبالغ فيها، وبخاصة في القطاع المصرفي غير المنظم والذي لا يخضع لإشراف السلطات.
لذلك، قام بنك الشعب الصيني منذ شهر مايو باتخاذ عدة إجراءات لتقليص السيولة وتشديد إجراءات الإقراض على أمل أن تؤدي هذه الإجراءات إلى السيطرة على عمليات الإقراض السيئة وبخاصة في القطاع المصرفي غير المنظم. لكن لسوء الحظ، كانت نتائج هذه الإجراءات مغايرة للهدف منها حيث ارتفع سعر الفائدة بين البنوك لليلة واحدة في شنغهاي (الشيبور) من %2.2 في 15 مايو إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند %13.4 في 20 يونيو. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت البيانات في نهاية شهر يونيو 2013 أن إجراءات تقليص الائتمان أدت إلى تراجع التمويل من البنوك التقليدية للعملاء من الشركات، في حين أن القطاع المصرفي غير المنظم استمر في النمو. وأدى هذا التطور إلى استمرار النمو الاقتصادي عند معدل معتدل بلغ %7.5 خلال الربع الثاني من عام 2013، مع ارتفاع قوي في الاستهلاك الخاص.
بعد هذه التجربة، تعهد كل من بنك الشعب الصيني والحكومة بالاستمرار في تعزيز السيولة لدعم النظام المالي. ومع هذه التعهدات بلغ سعر الشيبور معدلات معتدلة عند (%3.0) في 18 يوليو. وبشكل خاص، تجنب بنك الشعب الصيني بيع أذون خزانة لامتصاص السيولة من السوق المصرفي منذ يوم 20 يونيو، الأمر الذي وفر للبنوك بعض السيولة بعد أن كانت تواجه صعوبات في توفير التمويل اللازم لعملياتها قصيرة الأجل.
يتوقع معظم الخبراء الاقتصاديين تباطؤ النمو في الائتمان خلال الشهور القليلة القادمة، حيث يرجع ذلك بشكل أساسي إلى نقص السيولة، بالإضافة إلى قوانين الائتمان المتشددة. وأحد نتائج نقص السيولة سيكون تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي. فقد أشارت سلسلة من المؤشرات الاقتصادية مؤخراً من قطاع الإنشاء إلى معدلات الإقراض المصرفي ونمو الصادرات إلى انخفاض النشاط الاقتصادي، مما يشير إلى أن الصين تواجه خطر الانزلاق إلى ما دون معدل النمو المستهدف (عند %7.5) لأول مرة منذ الأزمة المالية الأسيوية التي حدثت قبل 15 عاماً.
ترى مجموعة QNB بشكل عام وبالرغم من انحسار معظم تداعيات الأزمة المالية العالمية، أن النظام المالي الصيني لا يزال يواجه بعض التحديات. فقد تعهدت الحكومة الصينية بالعمل على ضمان تدفق النمو في الائتمان إلى الاقتصاد الحقيقي والتحكم في تدفق السيولة الجديدة إلى القطاعات التي تعاني من معدلات ائتمان مبالغ فيها. غير أن هناك تحديات تواجه تحقيق الاستقرار المالي نظراً للحاجة إلى تحديد وامتصاص القروض المتعثرة في النظام المالي. وحتماً سيؤدي تقليص الائتمان في الاقتصاد إلى تباطؤ النمو خلال النصف الثاني من عام 2013. غير أن مجموعة QNB لا تزال متفائلة بأن النمو الاقتصادي في الصين سيستمر عند معدلات مرتفعة على المدى المتوسط.