قضي العديد من المصرفيين عقودا لبناء الفروع والشبكات الواسعة، فقد استثمروا بكثافة في المعدات والعمليات للتعامل مع المعاملات الورقية التي تخدم عملاءها، وانفقت مبالغ كبيرة لتوظيف وتدريب الموظفين علي نحو فعال لاتاحة الخدمات المالية.
والآن فهم يقولون “حسنا انها بداية جديدة”، ولكن الفروع اصبحت كبيرة جدا ولديها بالتأكيد أكثر مما تحتاج وايضا عدد كبير من الموظفين، والكثير منهم لهم ادوار في العمل لن تكون المؤسسة المصرفية بحاجة إليها في المستقبل.
وأنا افهم الرغبة الملحة للاشارة الي النتائج المالية التي لا تزال محترمة والتي تنتج من تلك الفروع الضخمة التي تجبر الاستشاريين الي القفز الي تلك المجموعات واتخاذ القرارات السليمة.
فإنه من السهل علي الأشخاص التي لا يكلف لها تنفيذ قرارات سحب الاستثمارات من تلك المجموعات وتقليل القوي العاملة ان تتخذ قرارات بسيطة لتبسيط العملية وجعلها تبدو مثل الاوراق الفارغة، ولكن هذه الاختيارات ليست سهلة واتخاذ القرار الصحيح يمكن ان يكون غير فعال مثل اتخاذ القرارات الخاطئة تماما.
وتكاثرت في عالم الأعمال الكثير من امثلة الشركات التي شهدت صناعتها تغييرات، واصبحت تقوم بالتركيز علي تبرير الطريقة التي كانت تقوم بسير الاعمال سابقا عن الانشغال بالتكيف مع تلك التغييرات، هذه الشركات تميل الي ان تصبح الاكثر فعالية فقط قبل سقوط اي فرع لها.
وجاء في ذهني مقولة اقتبستها من مستشار الادارة الشهير “بيتر دراكر” تقول ” آخر مصنع سقط كان بلا شك نموذجا للكفاءة”، ولدينا حاليا بعض الفروع التقليدية التي تديرها الافضل والاصغر حجما من الموظفين وتنتج اكثر من اي وقت مضي، وعدد من العملاء الذي يختار استخدام هذه الفروع مستمرة في الانخفاض كل سنة.
انني دائما اذكر المصرفيين ان نفس التقنيات التي غيرت الطريقة التي تستخدم للتفاعل مع عدد من مقدمي الخدمات المفضلة تتمثل في كيفية تقديم انفسنا والترويج لاعمالنا كذلك، وما نقوم به لا يقل اهمية عن اي وقت مضي، فالطريقة الي استخدمناها قديما ليست صائبة.
ومن يحصل علي جائزة غدا، هو من وجد طرقا لاعطاء العملاء خدمات تلمسه وتسعي لراحته وتكون الاكثر كفاءة، فان الصناعة التي تعتمد علي التكنولوجيا والتفاعل البشري تصبح الاكثر اهمية من اي وقت مضي وتستمر فروعنا المصرفية للتواصل مع العملاء علي الانترنت.
ونفس التقنيات التي تستخدم لتقليل الحاجة لزيارة فرع ستسمح للبنوك بتوفير فروع في مواقع ممكنة حديثا، ووضع فروع صغيرة مصرفية في اماكن عمل الكثير من الناس وسوف يكون فرعا جديدا يعمل بصورة طبيعية، وسوف تجد البنوك الطرق غير المستكشفة بعيدة عن حركة المرور العالية.
وستمثل الفروع الجديدة جزءا من حجم البنك مرة اخري، وستصبح البنوك مبدعة لتطويع الفروع الكبيرة لاغراض اخري في مواقع رئيسية لا ترغب تلك البنوك الخروج منها ولكنها لم تعد قادرة علي الاستفادة الكاملة منها، وستظهر مراكز مصغرة تجارية مع مكاتب مهنية مختلفة وتتفاعل مع البنوك لكونها المستأجر من المباني الخاصة بهم.
وبعد فترة من التخفيضات الصافية للفروع، ابحث عن عددها لتبدأ بترقبها مرة اخري واعتبارها مثل اكبر الاماكن التي تفتح المجال للفروع الاصغر منها، وسوف تنمو اعداد الفروع مرة اخري في حين بلغ اجمالي المساحة اللازمة للصناعة الواحدة في التناقص.
كما ان أدوار الصراف الآلي انتقلت من موظفي البنك الي العملاء، فان حلولاً لمشاكل فريقنا في المهارات ستنافس مهارات البيع، وعلي الرغم من ان هناك حلولا لمشكلة تقليل تواجد الفرع في اماكن مزدحمة قد انخفضت، فان نسبة العملاء التي تقوم بزيارة الفروع لحل المشكلات التي لديها أو المعاملات المعقدة سترتفع.
في الواقع، ان المزيد من العملاء في أي وقت مضي تقوم باختيار البنوك علي أساس توافر الفروع لها، ولا تخطط لاستخدام كل ذلك، ولكن ستكون تلك الخدمات موجودة للمصرفيين اذا احتاجوا اليها.
هؤلاء المصرفيون في الواقع، حقا يمثل بعض منهم افضل الفرص للبنوك لتقوية وتوسيع العلاقات مع العملاء.
التطور لا يعني القضاء والتخلص (من الفروع) ولكن الفشل هو في تطور قضاء الضمانات.
بقلم: ديف مارتين