لقد كانت سياسة ناجحة للغاية لكن السلطات الصينية ترغب في الحد من الاعتماد علي الاستثمار الذي يغذيه الاقتراض
ان هيكل النمو الاقتصادي بنسبة 6% سوف يكون مختلفاً تماماً عن ذلك الذي ينمو بمعدل 10%
يحاول القادة الجدد في الصين إدارة واحدة من أصعب الظواهر الاقتصادية وهو تباطؤ الاقتصاد، حيث أصبحت مؤخراً الصعوبات أكثر وضوحاً مع سعي السلطات لجعل بنوك الظل تحت السيطرة، ولكن هذا جزء من الصورة الأكبر، فالخطر يكمن في أن الاقتصاد المتباطيء قد ينهار خاصة أن رغبة حكومة الصين الجديدة التي عبرت عنها في الاعتماد علي آليات السوق زادت من تلك المخاطر.
يري جيروم ليفي، خبير اقتصادي في مركز جيروم ليفي للتوقعات أنه من الواضح ان الصين تتحرك من معدل نمو 10 إلي 6% خلال العقد المقبل، لذلك نجد أنه في أعقاب عام 2008 توقفت الصادرات عن مهمتها كقوة داعمة للاقتصاد وحل محلها الاستثمار خاصة عام 2009، ما أدي إلي مزيد من الارتفاع في حصة الانفاق علي الاستثمار في الناتج المحلي الاجمالي من 42% عام 2007 إلي 48% عام 2010، وكان محرك هذا الاستثمار هو نمو هائل في الاقتراض حيث ارتفعت القروض بمعدل سنوي يقرب من 30% خلال 2009، لقد كانت سياسة ناجحة للغاية لكن السلطات الصينية ترغب في الحد من الاعتماد علي الاستثمار الذي يغذيه الاقتراض، المحرك الوحيد الآن امام الاقتصاد الصيني هو الاستهلاك الخاص والعام.
ولكن تحديات الوصول إلي نمو سنوي بمعدل 6% مازالت ضخمة.
أولاً: يجب ان يتراجع الاستثمار في المخزون بشكل حاد حيث ان مستوياته تعتمد علي نمو الاقتصاد وليس مستوي النشاط الاقتصادي، كما ان الاقتصاد الذي ينمو بمعدل 6% سنوياً يحتاج 60% من الاستثمار في المخزون، مما قد يؤدي إلي تراجع حاد فوري في الاستثمار في المخزون قبل استئناف النمو بنسبة 6% سنوياً، قد لا تتوقع الشركات ايضا تباطؤ الاقتصاد خاصة بعد سنوات من النمو الاقتصادي المرتفع، وقد يجدون أنفسهم مثقلين بأعباء الارتفاع السريع في مستويات المخزون مما يضطرهم إلي خفض هذه المستويات وكذا مستويات الانتاج.
ثانياً: يجب أن يتراجع الاستثمار في رأس المال الثابت ايضا بشدة، فقد يتراجع بنسبة 40%، وهذا يعني في الصين انخفاضا في الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 20% مما قد يتبعه ركود عميق وغير متوقع.
ثالثاً: إن الاستثمار الذي يتسبب في انخفاض الطلب والنشاط الاقتصادي من المرجح ان يكون له أيضا تأثيراً كبيراً علي تراجع الأرباح.
واخيرا: تراجع معدل النمو الاقتصادي خاصة ذلك الذي يسبقة طفرة كبيرة في الائتمان قد يكون له آثار قاسية بشكل غير متوقع علي الدولة وميزانياتها العمومية.
ولكن ذلك لا يعني ان الصين لا تستطيع الاستمرار في اللحاق بالنمو علي المدي المتوسط والبعيد، فالفكرة تكمن في ان هيكل النمو الاقتصادي بنسبة 6% سوف يكون مختلفاً تماماً عن ذلك الذي ينمو بمعدل 10%، ينبغي ألا يفكر المرء في مثل هذا التكيف بشكل نسبي، فالاقتصاد الذي ينمو يجب ان تكون نسبة الاستهلاك عند 65% من الناتج المحلي الإجمالي والاستثمار عند 35%، لذلك ينمو الاستهلاك بشكل أسرع من الناتج المحلي الإجمالي في حين ينمو الاستثمار بوتيرة أبطأ، هذا قد يعني توزيعاً مختلفاً في الدخل بحيث ترتفع حصة دخل الأسرة وتتراجع حصة الأرباح في الناتج المحلي الاجمالي، كما أنه قد يقتضي بنية مختلفة في الإنتاج مع نمو سريع نسبياً في الخدمات ونمو بطئ نسبياً في التصنيع.
من غير المرجح أن يوفر السوق مثل هذا التغيير بشكل سلس، فمن أجل ان تحافظ الحكومة الصينية الجديدة علي الطلب قد تجد نفسها مجبرة علي القيام بأشياء لا يريدها أو يتوقعها القادة الجدد مثل إدارة عجز مالي كبير، وقد أعذر من أنذر.
بقلم: مارتن وولف
المصدر: فاينانشيال تايمز