الارتباط الضعيف بين النمو وعائدات الاستثمار يرد علي من يهربون منها
الكثير من العوامل التي جذبت المستثمرين في الأساس إلي الأسواق الناشئة مازالت في قائمة
تتعافي الأسواق الناشئة من النصف الأول المأساوي في 2013، ولكن لايزال المستثمرون يتجنبون صناديق الاستثمار في الأسواق الناشئة.
وشهدت الأسواق الناشئة في الأسبوع الذي انتهي في 10 يوليو الجاري هروب رؤوس اموال بقيمة 2 مليار دولار من صناديقها، بينما تدفق 15.7 مليار دولار إلي صناديق الاستثمار في أسهم الدول المتقدمة.
ويعد الإحباط تجاه الأسواق الناشئة مفهوما، فالنمو تباطأ، والنظام المصرفي الصيني مازال غير شفاف، وادت الاضطرابات الاخيرة في البرازيل إلي المزيد من التوتر المتعلق بتلك الأسواق، وفي نفس الوقت، تقدم الأسواق الأمريكية ارتفاعات يومية مع تقلبات منخفضة نسبيا، فلماذا تقتنص فرصة في الهند أو اندونيسيا بينما بإمكانك تحقيق أرباح مضاعفة في الشركات الأمريكية الآمنة والشفافة؟
والإجابة هي أنه بالرغم من تراجع أسواق الاقتصادات الناشئة، فمن الراجح أنهم سوف يتوسعون بسرعة أكبر بكثير من الدول المتقدمة، وبينما من الممكن ألا تري الصين معدلات نمو فوق 10% مرة أخري، فإن النمو بنسبة 7% أو 6% أفضل بكثير من أي رقم آخر في الدول المتقدمة.
كما أن الارتباط الضعيف بين النمو وعائدات الاستثمار يرد علي من يهربون منها لتباطؤ النمو فيها، وفي الماضي كان المستثمرون يحصلون علي أرباح مبالغ فيها من الاستثمار في الأسواق الناشئة، أما الآن فالاختلاف يكمن في أن الأسواق الناشئة تبدو مسعرة بشكل معقول أكثر من أي وقت مضي.
ففي أواخر 2010، علي سبيل المثال، كانت مجموعة كبيرة من مؤشرات الأسواق الناشئة تتداول أسهماً بأسعار مرتفعة – بناءً علي سعر السهم الدفتري إلي سعره السوقي – مقارنة بأسعار الأسهم في الأسواق المتقدمة، أما اليوم فتنخفض أسعار الأسهم الناشئة بنسبة 30% تقريبا عن الأسهم المتقدمة، وباستثناء الهند، فإن بقية دول مجموعة البريك، أي البرازيل وروسيا والصين، تقل أرباح بورصاتهم 10 مرات عما كانت سابقا.
وأخيرا، نجد أن الكثير من العوامل التي جذبت المستثمرين في الأساس إلي الأسواق الناشئة مازالت في قائمة، كما ان هذه الدول تواصل تحرير اقتصاداتها، وفي العديد من الجوانب تبدو أفضل من دول العالم المتقدم، وتعطي معظمها مثالاً علي الاستقامة المالية حيث تقل نسب الديون إلي النواتج المحلية الإجمالية لديهم عن 50% مقارنة بـ 100% في الولايات المتحدة وأكثر من 200% في اليابان.
وبعيدا عن التخلي عن الأسواق الناشئة، يحتاج الكثير من المستثمرين في الواقع إلي توسيع آفاقهم لتشمل الأسواق شبه الناشئة أو الحدودية أيضا، ومما يثير الدهشة أنه بينما عانت الاسواق الناشئة في 2013، حقق مؤشر “مورجان ستانلي كابيتال إنترناشيونال” للأسواق الحدودية مكاسب بقيمة 15% تقريبا عند تقييمها بالدولار.
لدي الأسواق الحدودية عوامل عدة تعطيها الأفضلية، أولا، هم من بين أسرع الدول نموا في اقتصاد عالمي متعطش دوما للنمو، وتتركز تلك الدول في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، ورغم المشكلات الجيوسياسية المتواصلة، فمن المتوقع أن تقود هذه الأمم العالم فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي، وعلاوة علي ذلك، فإن الشرق الأوسط مستفيد كبير من أسعار البترول المرتفعة.
وهناك سبب آخر بخلاف النمو المحتمل للتفكير في الأسواق شبه الناشئة وهو توفير ميزة تنويع مجالات الاستثمار، كما لا يوجد الكثير من كبار المستثمرين الدوليين لديها، وتركيز الشركات علي السوق المحلي أو الإقليمي يجعلها أقل عرضة للتقلبات في الاقتصاد العالمي.
وهذا يعني أن الأسواق الحدودية توفر الفرص التي قدمتها الأسواق الناشئة منذ 15 عاماً، أما الآن فقد هيمن علي مؤشرات بورصات الدول الناشئة شركات عالمية أكبر تميل إلي تداول الأسهم العالمية جنبا إلي جنب الأسهم الأخري.
بقلم: روس كويستريش
المصدر: فاينانشيال تايمز