يبدو أن الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة لم يستوعبا بدقة ماهية هذه الجماعة الناسبة نفسها إلى الله
لم يبتعد وزير شيعى سابق عن الصواب عندما قال إن قلة الاستقرار فى لبنان سببها حزب الله
أدرج الاتحاد الأوروبى الجناح العسكرى لحزب الله، الحركة شبه العسكرية التى أصبحت قوة عظمى من غير الدول فى الشرق الأوسط فى القائمة السوداء، باعتبارها منظمة إرهابية.
ورغم طول الصراع مع هذه الجماعة اللبنانية، يبدو أن الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة لم يستوعبا بدقة ماهية هذه الجماعة الناسبة نفسها إلى الله.
لذا ينبغى بالتأكيد مراجعة التعريفات القائمة لحزب الله، فلطالما تم اعتبارها أكثر من «فاعل من غير الدول»، وهو الآن لم يعد مجرد دولة داخل الدولة، والنظر إلى الحقائق المستجدة يكشف ان قوة الحزب الآن تتجاوز بكثير قوة الدولة اللبنانية مما ساعد على تحويل الدولة إلى أرض خربة من المؤسسات.
ولا يتمتع حزب الله فقط بالقوة المالية والعسكرية ووفرة الخدمات الاجتماعية من الرعاية الصحية إلى التعليم والمعاشات وحتى الإسكان وإنما أيضا باستقلال كل ذلك عن الدولة اللبنانية، وبالتالى أصبحت دولة فوق الدولة.
وهذه الدولة المستقلة بدت واضحة عندما أرسل حزب الله مقاتليه للمشاركة فى الحرب الأهلية فى سوريا للمقاتلة لصالح بشار الأسد بناءً على أوامر من إيران والمرشد الأعلى، على الخامئنى.
وهذا لا يتعارض فقط مع السياسة المتفق عليها فى الدولة اللبنانية وطوائفها المختلفة وقد وقع حزب الله على هذه السياسة وهى «البعد عن أى صراع طائفى متزايد يعرض لبنان لعودة انفجار هذا الخطر فى بلد مازال يطبب جراحه من الحرب الأهلية فى 1975 ـ 1990.
بل أيضا سلط الضوء على كون حزب الله ذراع إيران فى البحر المتوسط، ورأس حربة طهران فى الشرق، وجبهة الصراع بين القوى العربية السنية المدعومة من قبل الغرب والجمهورية الإسلامية الشيعية والفارسية.
ورغم الخطاب المطول لقائدها، حسن نصر الله، مبررا التدخل فى سوريا، فقد حزب الله هالته، كما أن صورة الحركة المقاومة التى تكونت نتيجة قدرتها على الوقوف بوجه إسرائيل تشوهت بسبب التحالف مع الأسد بناء على طلب رجال الدين فى طهران.
ولمع نجم إيران فى العالم العربى فى 2006 عندما ساندت حزب الله فى حربها مع إسرائيل فى صيف ذلك العام، بينما أوضح استفتاء شركة «زوجبي» الأمريكية للأبحاث أن هيبة إيران انهارت ويتم النظر إليها الآن على أنها طائفية وسلطوية.
وبالرغم من أن عاصمتها السياسية تنزف الآن، فإن قوة حزب الله فى تصاعد، فلا يوجد حكومة فى لبنان – أسقطها حزب الله فى مارس الماضى – كما أن مدة البرلمان انتهت ويعمل الآن على أساس مؤقت مشكوك فيه من الناحية القانونية لعدم اكتمال النصاب القانونى للجلسة بعد انسحاب حزب الله.
ولدى الجماعة استراتيجية تجاه المؤسسات اللبنانية وهى إما شغلها أو تركها فارغة أو جعلها غير فاعلة.
وبالرغم من أن أهداف الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا هى الاستقرار فى لبنان، فتلك ليست الأهداف الوحيدة حيث أنها تسعى أيضا لإضعاف إيران وحلفائها، ووصف دبلوماسى أوروبى فضل الحظر المفروض على «الجناح العسكرى» لحزب الله عن «الجناح السياسي» بأنه «تفريق مفيد».
وتقدم القوى الثلاث المساعدات العسكرية للجيش اللبنانى مما يثير التساؤلات بشأن محاولة بناء جيش فى قلب الصراع السنى – الشيعى وبمحازاة حزب الله فى الوقت الذى تلعب فيه لعبة كبيرة ضد إيران.
والآن يتعلق الاستقرار فى لبنان بخيط رفيع، ولم يبتعد وزير شيعى سابق عن الصواب عندما قال إن قلة الاستقرار فى لبنان سببها حزب الله.
بقلم: ديفيد جاردنر
المصدر: فاينانشيال تايمز