غياب الإرادة السياسية لدي الحكام العرب وراء فشل مشاريع التكامل
%8 نسبة الصادرات بين الدول العربية
عندما ننظر إلي العامين والنصف الماضية نجد أن الدول العربية كانت بطيئة في دفع إصلاحات اقتصادية فعالة.
وبينما تواجه تلك الدول تحديات اقتصادية مختلفة، يظهر هناك موضوع مشترك بينها ألا وهو أن صانعي القرار المحليين مقيدون بالخيارات القاسية للاصلاح مقابل السخط الاجتماعي.
هناك طريقة واحدة يمكن أن تتخلص بها بلدان الشرق الأوسط من الركود الذي تعانيه وهي أن يتجاوزوا تركيزهم المحلي ويتعاونوا اقتصادياً مع بعضهم البعض، فمن الممكن أن يكون التكامل الاقتصادي هو الحل العملي الذي يجب أن يضعه القادة العرب في اعتبارهم بجدية.
تؤيد المنظمات متعددة الجنسيات بما في ذلك البنك الدولي وبنك التنمية الافريقي التكامل الاقتصادي بين دول الشرق الأوسط من أجل خلق النمو وتوليد فرص العمل والحد من الفقر، وسلطت تلك المنظمات الضوء علي حقيقة أن دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من اقل المناطق اندماجاً في العالم، فمنذ عام 2008 حتي 2010، كانت نسبة الصادرات بين الدول العربية اقل من 8% مقارنة بنسبة 25% في رابطة امم جنوب شرق آسيا و66% في الاتحاد الأوروبي.
ومع ذلك فإن مثل هذه المبادرات ليست جديدة علي المنطقة، حيث تأسست الجامعة العربية عام 1945 بهدف مساعدة التجارة الإقليمية، وقد تم تنفيذ العديد من الاتفاقيات التجارية عبر الشرق الأوسط.
وبينما كانت تحرز تلك الاتفاقيات تقدماً، كانت مبادرات التكامل الاقتصادي مجزأة وبطيئة، ولم يتم تنفيذها أبداً بشكل كامل كما أنها غير فعالة حتي الآن.
وكانت التحديات الرئيسية للمنطقة هي الاقتصاد والسياسة، فمن وجهة نظر اقتصادية بحتة، لم يكن لدي البلدان الغنية بالموارد حافزاً قوي لتنفيذ تكامل إقليمي تفضيلي أعمق، حيث كان سيتعين عليها استبدال الواردات الارخص من قبل باقي دول العالم واعطاء الافضلية لبضائع تنتجها الشركات الاقليمية الأقل كفاءة، وكانت دول مثل المغرب ولبنان وتونس تستفيد من الاتفاقيات التجارية الاقليمية، في حين كانت تعاني الدول الغنية بالموارد امثال السعودية وقطر والكويت والامارات العربية المتحدة.
وقد يكمن السبب الآخر في عدم وجود رغبة قوية لدي دول الشرق الاوسط الغنية بالموارد في تنفيذ الاندماج الإقليمي في انخفاض درجة التكامل بين البلدان، فالتكتلات التجارية في المنطقة لديها موارد طبيعية وقدرات إنتاجية مماثلة تجعل من الصعب زيادة تدفقات تجارة المنطقة البينية.
ولكن السياسة كانت هي العائق الرئيسي أمام تحقيق الاندماج الاقليمي الاعمق، فقد كان دائما الافتقار إلي الإرادة السياسة يقوده الشعور بالقلق حيال اي دولة سوف تكون الاكثر استفادة وتأثيرها علي القيادة الاقليمية، ويعد التوفيق بين اهداف السياسة الخارجية والضروريات الاقتصادية شرطاً حاسماً لتنفيذ هذه الاتفاقيات.
يتطلب نجاح التكامل الاقتصادي التركيز علي ثلاثة أهداف رئيسية هي استعادة مصداقية الجهود المتجددة والتركيز علي نقاط الضعف والقوة التكميلية في جميع البلدان وأخيراً تعزيز الالتزام السياسي.
تتمثل الخطوة الاولي في بناء مصداقية الجهود الجديدة، حيث يجب ان تلغي جميع الاتفاقيات الثنائية الحالية وتصبح في اطار عمل واحد، ويفضل الاتفاقيات الفعالة والموجودة بالفعل مثل منطقة التجارة الحرة العربية الكبري، وينبغي تعزيز المؤسسات وتأسيس آلية فعالة لتسوية المنازعات لضمان تنفيذ الاتفاقات، والهدف من ذلك هو الاشارة إلي ان الالتزامات جادة وذات مغذي.
يتطلب الهدف الثاني اعادة التفكير في نموذج التكامل، فجرت العادة ان يركز التعاون الاقتصادي في الشرق الاوسط علي تحرير تجارة السلع، بل يجب ان تتحول الجهود المتجددة إلي انفتاح الاستثمار عبر الحدود والتجارة في قطاعات الخدمات بما في ذلك البنوك والاتصالات والخدمات اللوجيستية وخطوط النقل الارضية والبحرية والجوية، فوفقا للبنك الدولي، هناك مجال لتحسين هذه القطاعات كما انها ستكون حاسمة لخلق فرص عمل.
سوف يكون الالتزام السياسي عاملاً رئيسياً في اتمام أو افشال هذا التكامل، فإذا ادرك القادة العرب ان بقاءهم يعتمد علي قدرتهم علي دفع عجلة النمو الاقتصادي، حينئذٍ سنري تفكيراً جديداً وجريئاً.