الدول الكبرى تدعم شركاتها على حساب مصالح القارة السمراء
أثارت الزيادة الهائلة للاستثمارات الأجنبية فى أفريقيا سباقا بين مراكز الدول الكبرى التى تمثل مراكز مالية عالمية لتوقيع اتفاقيات من شأنها أن تقلل من الفواتير الضريبية للشركات الخارجية وحماية استثماراتها هناك.
حصلت أفريقيا العام الماضى على 50 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة أى أكثر من الضعف منذ عشر سنوات وذلك وفقا لتقديرات الامم المتحدة.
جاءت تلك التدفقات الكبيرة فى الاستثمارات الأجنبية المباشرة مع تسارع النمو الاقتصادى فى جنوب الصحراء الافريقية ما جذب الشركات العالمية بدءا من «كوكاكولا» وحتى «أى بى ام»، ويتوقع البنك العالمى أن يزيد النمو الاقتصادى هذا العام على %5.
قال محامون ومسئولون فى أفريقيا إن المراكز المالية العالمية تسعى للتفاوض مع الدول الافريقية لتوقيع اتفاقيات حماية وتدعيم المستثمر.
وتستطيع اتفاقيات حماية وتعزيز المستثمر التقليل من مخاطر التأميم من خلال فرض تعويض وتحكيم عادل، فى حين تقلل اتفاقيات تجنب الازدواج الضريبى من الفاتورة الضريبية التى تواجهها الشركات.
قال جيرالد لينكولن، مدير شريك فى ارنست اند يونج، «تتسابق الدول من أجل توقيع الاتفاقيات مع الدول الأفريقية، نظراً لازدياد تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى المنطقة».
شهدت الهند والصين زيادة ضخمة فى اتفاقيات الازدواج الضريبى وحماية المستثمر مع الدول التى لديها شركات متعددة الجنسيات وتعتبر مركزاً مالياً دولياً فى اواخر القرن العشرين واوائل القرن الواحد والعشرين وذلك قبيل الارتفاع الكبير فى تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
ولكن هذا الاندفاع نحو إبرام تلك الاتفاقيات قد يأتى بعكس النتائج المرجوه منه حيث ألقى العديد اللوم على مثل هذه الاتفاقيات على خسارة العائدات بالنسبة للحكومات فى آسيا وأمريكا اللاتينية.
قال المحامون أن سنغافورة لديها ست اتفاقيات ضريبية بالفعل وتسعى لإبرام المزيد، وتحاول سيشيل ولوكسمبورج وهولندا اللحاق بالركب ولكن من قاعدة أقل بكثير.
دول المراكز المالية العالمية ليست هى الوحيدة التى تسعى لابرام الصفقات التفضيلية لتوجيه الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى أفريقيا، حيث تسعى جنوب أفريقيا وبوتسوانا إلى لعب دور مماثل محلى.
تسمح اتفاقيات الازدواج الضريبى للشركات بدفع الضريبة فى بلد المنشأ وعادة ما تكون ضرائب اقل من البلدان التى تتمركز بها العمليات الفعلية.
لكن هولندا اطلقت هذا العام استعراضا للعديد من اتفاقيات الازدواج الضريبى مع البلدان الفقيرة بما فى ذلك التى عقدت مع غانا واوغندا وزامبيا بعد الضغط التى تعرضت له من قبل جماعات مكافحة الفقر والتهرب الضريبى، كما صرحت الحكومة الهولندية إنها تعتزم عقد محادثات هذا العام لتوقيع اتفاقيات جديدة أو مراجعة الاتفاقيات القديمة مع مالاوى وجنوب أفريقيا.
يبدو أن التدفقات الأجنبية المباشرة فى أفريقيا قد انتعشت فى مواجهة التباطؤ الاقتصادى الحالى فى الاسواق الناشئة وتراجع أسعار السلع.
ووفقا لتقديرات مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية نجد انه فى الوقت الذى تراجعت فيه تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة العالمية بنسبة %18، ارتفعت تلك التدفقات إلى أفريقيا بنسبة %5.
واضاف المؤتمر أن قطاعى البترول والغاز استمرا فى الهيمنة ولكن مشروعات التصنيع والخدمات التى تهدف إلى خدمة الاسواق الاستهلاكية المتنامية فى أفريقيا قد شهدت ايضا زيادة فى الاستثمارات.
كتبت :سارة أبو بكر