بقلم: لى كه تشيانج
رئيس الوزراء الصينى
بعد خمس سنوات من بداية الأزمة المالية العالمية، يواجه الكثير من الدول الآن تحديات جديدة بينما يتعافى الاقتصاد العالمى ببطء.
وسوف يراقب مؤتمر دافوس الصيفى فى مدينة داليان الصينية وضع الاقتصاد الصينى وعلامات قوته وهو يمر بمرحلة تحول حاسمة.
ويتساءل المراقبون إذا ما كان التباطؤ الصينى سوف يؤدى إلى انحدار شديد أو حتى «هبوط صعب» أو إذا ما كان برنامجنا الإصلاحى سوف يخرج عن مساره بسبب مشكلات اجتماعية معقدة.
وأجيب عن ذلك بأن اقتصادنا سيستمر فى نموه المستدام والصحى وان الصين سوف تواصل مسيرتها نحو الإصلاح والانفتاح.
وأوضحت الحكومة الصينية بعد توليها المنصب بقليل مارس الماضى أن سياستها هى الحفاظ على النمو الاقتصادى وتحسين رفاهية الشعب وتعزيز المساواة الاجتماعية، فلا نستطيع تحمل تكلفة الاستمرار بالنموذج القديم القائم على ارتفاع الاستهلاك والاستثمار.
وبدلا من ذلك علينا اتباع نهج شامل للسعى وراء النمو المطرد والتعديلات الهيكلية وغيرها من الإصلاحات.
وسوف ندفع بإصلاحات فى التنظيم الإدارى وللأنظمة المالية والضريبية والقطاعات المالية والتسعير، وسيكون شعار مؤتمر دافوس الصيفى لهذا العام «تلبية حتمية الابتكار» وهذا يعنى بالنسبة إلىّ ليس فقط الابتكار التكنولوجى ولكن الاكثر أهمية الابتكار المؤسسي، كما ان الاصلاح طريق من طرق الابتكار.
ويحفز الانفتاح السريع التنمية، وسنواصل دعم جولة دوحة لمحادثات منظمة التجارة العالمية والعمل على توقيع اتفاقات تجارة حرة ثنائية الجانب وتحديث منطقة التجارة الحرة الصينية- الآسيوية، وتقديم فرص متكافئة وبيئة قانونية أفضل للمستثمرين الأجانب.
وسوف نستكشف طرقا أخرى لفتح الصين على العالم الخارجي، وتعد منطقة التجارة الحرة التجريبية فى شنغهاى خير مثال على ذلك.
ومن بين النقاط الرئيسية، التركيز على الطلب المحلي، وهنا تتمتع الصين بميزة عظيمة وهى سكانها البالغون 1.3 مليار نسمة والحريصون على العمل بكد فى سبيل حياة أفضل وتشكيل سوق محلى ضخم.
وسوف نوسع الطلب الاستهلاكى من خلال مبادرات مثل دعم قطاع تكنولوجيا المعلومات عبر زيادة رخص البرودباند والجيل الرابع.
وبجانب التركيز على الاستهلاك سوف نحافظ على نطاق معقول من الاستثمارات مع إعطاء الأولوية للحفاظ على الطاقة والحماية البيئية ومشروعات السكك الحديدية فى وسط وغرب الدولة ومشروعات المرافق فى البلديات.
وتوفر حركة التحضر إمكانية كبيرة لزيادة الطلب المحلى على المدى البعيد حيث يتوقع ان ينتقل 100 مليون شخص من سكان الريف إلى المدن على مدار العقد المقبل، فيما تعد عملية تغير اقتصادى واجتماعى معقدة للغاية تتطلب نهجاً سياسياً جديداً بهدف تنمية متوازنة.
وسوف تزداد أهمية قطاع الخدمات باعتباره عماداً حيوياً لاقتصادنا، لأنه يعد أكبر موفرى فرص العمل وسوف يساعد فى تخفيف عبء توفير وظائف خلال التحول الاقتصادي.
كما ستسعى الدولة لتحسين الخدمات العامة، وقامت الدولة هذا العام بوقف ضريبة القيمة المضافة وضريبة المبيعات على الشركات الصغيرة التى تكثر فى القطاع الخدمي.
وأدت التوقعات بسحب برامج التيسير الكمى من قبل بعض الدول المتقدمة الكبرى إلى هجرة ضخمة لرؤوس الاموال عائدة إلى أسواقها الأم المتقدمة، هذا بالإضافة إلى تقلبات كبيرة فى أسواق الأسهم والعملات فى العديد من الدول الآسيوية.
بل ويقلق بعض المراقبين من تكرار الاضطرابات المالية الآسيوية التى وقعت فى أواخر 1990.
وفى رأيى، تعلمت الدول الآسيوية الدرس من الماضى وحسنت بشكل كبير من قدراتها الدفاعية ضد المخاطر، ويرجع الفضل فى ذلك إلى مرونة أسعار الصرف والاحتياطيات الأجنبية القوية ومبادرة ماى شيانج التى تسمح بتبادل العملات وغيرها من الاتفاقيات المالية، والصين تعتقد ان وضع الدول الآسيوية يسمح لها بالتكيف بشكل أفضل.
ومازالت الصين دولة نامية يواجهها العديد من المهام والتحديات، ورغم ذلك، فإن قوة الصين المتنامية باطراد سوف تسمح لها بتحمل مسئوليات والتزامات أكبر فى الشئون الدولية بما يتناسب مع ظروفها الخاصة.
وسوف نعمل مع الدول الأخرى لتعزيز السلام والتنمية العالميين، كما أتطلع إلى اليوم الذى يتعافى فيه الاقتصاد بشكل كامل، أما فى الوقت الحالي، فسوف يعطى تقوية الاقتصاد الصينى دافعا جديدا للاقتصاد العالمى.