خبراء: حرق الفحم يسبب أضراراً على البيئة ويمكن نقل المصانع لسيناء للحد من تأثيره
مضت عدة أشهر منذ أعلنت الحكومة عزمها السماح لشركات الأسمنت باستغلال الفحم فى توليد الطاقة عقب الأزمات المتتالية التى شهدتها المصانع بسبب نقص الإمدادت التى أثرت على طاقتها الإنتاجية وأسعار منتجها فى السوق المحلى.
وتفاقمت أزمة الطاقة على مصانع الأسمنت والصناعات الاستراتيجية عقب زيادة أسعار المازوت %130 وارتفاع أسعار الغاز الطبيعى نحو %30 الأمر الذى أدى إلى لجوء المصانع إلى الفحم كطاقة بديلة ووضعها فى موقف حرج بين قلة التكلفة وأضراره على البيئة.
وبدأت معظم الشركات فى الوقت الحالى بالاستعداد لاستخدام الفحم فى توليد الطاقة عن طريق تعديل خطوط الإنتاج وشراء طواحين للفحم وتركيبها، غير أنها لم تبدأ التشغيل الفعلى انتظارا لقرار الحكومة.
وتعزو الحكومة تأخر صدور قرار واضح يسمح لشركات الأسمنت باستغلال الفحم المحلى أو استيراده إلى تأخر صدور موافقة وزارة البيئة على استغلال الفحم واستيراده.
«البورصة» استطلعت آراء أساتذة الجيولوجيا فى كلية العلوم للتعرف على مخاطر استخدام الفحم بيئيا والآليات اللازمة لتأمين استخدامه فى توليد الطاقة لمصانع الأسمنت.
أجمع الخبراء أن للفحم العديد من المخاطر على الصعيدين البيئى والاقتصادى، نظراً للانبعاثات الهوائية الناتجة عن حرق الفحم، وما تحمله من ملوثات خطرة واشعاعات هى المسبب الرئيسى لأمراض ومخاطر صحية مباشرة، سواء على العاملين فى المحارق أو ساكنى المناطق المحيطة بها، كما له أضرار بالغة على الزراعة والتربة ونوعية المياه فى المناطق التى تتعرض لهذه الملوثات فضلا عن التكلفة التى ستتحملها مصر للتعامل مع آلاف الأطنان من المخلفات الصلبة والغازية والسائلة الناتجة عن حرق الفحم، وهى المخلفات التى تحوى العديد من المواد بالغة الخطورة على التربة والإنسان.
قال د. على عبد المطلب، أستاذ الجولوجيا التطبيقية بكلية العلوم بجامعة القاهرة إن الفحم له تأثير سلبى على البيئة نظرا لإنبعاثات غازى أول وثانى أكسيد الكربون الناجمة عن عملية حرقه، مشيرا إلى أن غاز أول أكسيد الكربون يعد غازاً ساماً وضاراً للبيئة، فضلاً عن أن جميع مصانع الأسمنت تحيط بالمناطق السكنية ومن ثم فهى صناعة ملوثة ومع استبدال المازوت بالفحم ستزيد من حجم التلوث والتى تتسبب فى العديد من الأمراض منها سرطان الرئة وأمراض جلدية وصدرية.
وأكد عبد المطلب أن الطاقة التقليدية الحالية سينتهى بعد 50 عاماً وستلجأ مصر لاستخدام الفحم نظراً لما يوفره من التكاليف، مطالباً بضرورة قيام حكومة د. حازم الببلاوى باصدار قرار يلزم بنقل جميع المصانع الثقيلة التى تحيط القاهرة الى مناطق جنوب الصحراء الغربية ووسط سيناء نظرا لما تحتويه هذه المنطقة من مناجم بترولية.
وأضاف أن نقل مصانع الاسمنت إلى منطقة جبل المغارة بسيناء يساهم فى خطة إعادة اعمار شبة جزيرة سيناء ويساهم فى الاستفادة من مخزون الفحم بالمنطقة، بالإضافة إلى أنه يساهم فى خلق فرص عمل للمصريين والبدو بسيناء ويمنح فرصة كبيرة لاستخدام الفحم بشكل آمن، مشيرا إلى أن تكلفة نقل المصنع الواحد تتكلف مليار جنيه.
وطالب بضرورة الزام مصانع الاسمنت باستخدام تكنولوجيا جديدة فى حرق الفحم للحد من تسريبات مخرجات الفحم الضارة بالبيئة، بجانب وضع فلاتر أعلى المداخن لتنقية الغازات الناتجة من حرق الفحم وكذلك للمخلفات الغازية..
وأكد ضرورة التوسع فى إنشاء أماكن لتدوير قمامة للاستفادة من مخلفات المصانع التى سيتم نقلها.
وطالب عبد المطلب بسرعة الاتجاه إلى طاقة الرياح والطاقة الشمسية واستغلال توافر الطاقة الشمسية داخل مصر بتوليد الكهرباء وتصديرها، وأكد دور الدولة فى إنشاء مصانع صغيرة لانتاج معدات توليد الكهرباء من طاقة الرياح، مشيرا إلى أن مصر مغنية بالمناطق المهيئة لمزارع توليد الكهرباء من الرياح مثل زعفرانة ومرسى علم ومرسى حميرة ورأس غالب ولكن من عيوبها ارتفاع تكلفة تصنيعها فى مصانع كبيرة.
من جانبها ترى د. فريال زاهر أستاذ هندسة كيماوية بالمركز القومى للبحوث أن الفحم ينتج عنه غاز ثانى أكسيد الكربون عند احتراقه، والذى يؤدى إلى ظاهرة الاحتباس الحرارى التى تؤدى الى ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوى.
وقال الدكتور أحمد الكمار أستاذ بكلية العلوم قسم الجولوجيا بجامعة القاهرة إن اتجاه شركات الأسمنت للفحم كطاقة بديلة اتجاه صائب ولكنه لا يقل ضررا على البيئة من المازوت.
وأضاف أن صناعة الأسمنت فى حد ذاتها صناعة ملوثة للبيئة حيث تتكون ثلثا الخلطة المستخدمة لصناعة الأسمنت من حجر جيرى والثلث طفلة طينية ويتم حرقها عند 1500 درجة مئوية وينتج خام الأسمنت «الكلينكر».
وأضاف أن التأثير السلبى على البيئة يأتى من خلال عملية حرق الحجر الجيرى ويتحول عقب الحرق الى غاز «Cao»، لافتاً إلى أن حرق الفحم سينتج غاز أول أكسيد الكربون وهو غاز قاتل وغاز ثانى أكسيد الكربون وهو غاز ضار أيضا بالبيئة.
وقال إنه من عيوب الفحم كطاقة بدلية أنه غير سريع الاحتراق ويحتاج أضعاف الكمية المستخدمة من المازوت لإنتاج الأسمنت حتى ينتج نفس الطاقة التى ينتجها المازوت.
ويرى الكمار أن العامل الاقتصادى له الأولويه عن العامل البيئى حيث تعانى مصر من مشكلة حقيقية فى نقص الغاز والمازوت والسولار لافتاً إلى أن أفضل بديل للطاقة هو الجاز لأنه يعطى وحدات حرارية أعلى من الفحم والمازوت
وأضاف أن الفحم من الناحية الاقتصادية هو أقل فى التكلفة ولكن الناحية البيئية ليست أقل ضرراً من المستخدمات الأخرى للطاقة.