بقلم: أندش ليندبلاد
رئيس شركة إريكسون فى منطقة الشرق الأوسط
يشهد المجتمع تطوّراً متسارعاً بفضل التكنولوجيا. وتتوسّع قائمة المهام التى نقوم بها بتسارعٍ محموم وبشكلٍ متواصل بفضل تنامى قدرة الاتصال المتنقلة.
اعتاد الفرد منا على مستوياتٍ قياسية من الإنتاجية، ولم نعد نتحلى على الأرجح بالقدرة على استيعاب مدى تطرّف التحوّل الذى بتنا نشهده مؤخّراً باتجاه الكفاءة المجتمعية. أصبح الإطلاع على النشرات الإخبارية عن طريق شبكة الإنترنت فى مراكز التسوّق وعلى رسائل البريد الإلكترونى الخاصة بالعمل فى المترو من السلوكيات العادية الجديدة التى تتم ممارستها يومياً انطلاقاً من أوروبا، مروراً بدول مجلس التعاون الخليجي، وصولاً إلى آسيا.
المواطنون الرقميون
تدخل قوّة عملٍ جديدة، متأثرة بشكلٍ كبير بالإنتاجية الناجمة عن تقنية الاتصالات والمعلومات، إلى سوق العمل. يتسم أسلوب حياة أفراد هذه القوة بقدرٍ أعلى من الحرّية الشخصية، الانفتاح على إمكانية الجمع بين الحياة العملية والحياة الخاصة، فضلاً عن الميل إلى تحدّى الأفكار والسلطة القائمة. هؤلاء هم المواطنون الرقميون الذين يحدثون ثورةً فى أفكارنا التقليدية المتعلقة بالعمل.
لا يعتبر الجيل الجديد من روّاد الأعمال مختلفاً عن الأشخاص الذين يعملون فى وظائف بدوام كامل فيما يتعلق بمدى اعتمادنا على الاتصالات المتنقلة فى حياتنا اليومية. إلا أنهم يتمتعون بقدرة على تركيز طاقاتهم بما يكفل استفادتهم من الاتصالات المتنقلة إلى ما يتجاوز نطاق أرباب عملهم، وهو ما حوّلهم إلى أصحاب أعمال.
روّاد الأعمال الجدد
ينظر المواطنون الرقميون إلى العمل باعتباره أكثر من مجرّد مصدر للأجر. هم يرفضون العلاقات غير الصحّية فى حياة المكاتب، وعوضاً عن ذلك فإنهم يؤمنون بأنه يتوجب على العمل دعم طموحاتهم ومساعدتهم على تحقيق أهدافهم الشخصية. وينبغى على المؤسسات الراغبة بجذبهم تعزيز ثقافة الانفتاح والإبداع والابتكار. فى الوقت نفسه، ينبغى على هذه المؤسسات الاستفادة من التجربة والمعرفة التى تتمتع بها قوة العمل لديها.
يعتبر تيموثى فيريس، من مشاهير حلقات ريادة الأعمال، رائد أعمالٍ أمريكى قام بتصميم عمله ليتناسب مع أسلوب حياته المثالي. كما أنه يعد جزءاً من مجموعة أفرادٍ جديدة عثرت بسرعة على طرقٍ تحوّل قدرات الاتصالات المتنقلة إلى عملٍ منتج ومربح، حتّى أنه تباهى بقدرته خلال شهر على إنجاز ما يحققه البعض فى عامٍ كامل، وذلك بالعمل لمدّة لا تتجاوز أربع ساعات أسبوعياً.
لقد تغيّر كلّ شيءٍ بالنسبة لروّاد الأعمال مع تطوّر قدرات الاتصالات المتنقلة – إذ بات من الممكن تحديد ساعات العمل بأريحية، فضلاً عن تنفيذ العمل من أى مكان. تستطيع تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات مساعدة أصحاب العمل على التكيف مع هذه المطالب الجديدة الرامية إلى توفير بيئات عملٍ مرنة، لكن عندما يكون تكيّف أصحاب العمل بطيئاً، فإن الموظفين الطموحين يصبحون روّاد الأعمال.
تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات تحفّز ثقافة ريادة الأعمال
تناول تقرير خدمات اتصالات الحزمة العريضة وريادة الأعمال الذى أجرته جامعة ستوكهولم للاقتصاد، موضوع الترابط بين خدمات اتصالات الحزمة العريضة وريادة الأعمال، وتوصّل التقرير إلى أن توسيع انتشار خدمات اتصالات الحزمة العريضة بنسبة تصل إلى %1 يعزّز من تسجيل الشركات الجديدة بنسبة %3.8.
مع أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، يبدو أن أثر تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات على ريادة الأعمال مدهشاً، وهى تسمح بظهور أرقامٍ متنامية على صعيد فرص ريادة الأعمال، فضلاً عن تحسين قدرة روّاد الأعمال على الوصول إلى السوق، وخفض التكاليف التشغيلية كما التكاليف المطلوبة لتأسيس عملٍ جديدة.
نحن فى إريكسون وجدنا أن الأفراد يتقبلون الابتكارات قبل المجموعات. ويفسّر ذلك قدرة روّاد الأعمال الأفراد على إعادة اكتشاف ما يعنيه الحصول على العمل وكيفية إدارة الأعمال وتحقيق الأرباح الناجمة عن التطورات السريعة فى عالم تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، وبسرعةٍ أكبر بكثير من الشركات.
مستقبل ريادة الأعمال
يعتبر تغيير السلوكيات وتعزيز الابتكار من السمات البارزة فى عالم ريادة الأعمال وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات على حدٍّ سواء. تسمح قدرات الاتصالات لأصحاب الأعمال الطموحين بأن يكونوا أكثر إنتاجية وكفاءة وانضباطاً من أى وقتٍ مضى. كما تعمل على تعزيز قدرات الأفراد، وتقود إلى التعليم الذاتى من خلال المناهج التعليمية التى يتم تقديمها عبر شبكة الإنترنت، والقراءة التحليلية والمناقشات المباشرة.
ترافق هذا الأمر مع تحوّلٍ ملحوظ فى طريقة التفكير، إذ بات روّاد الأعمال يركزون أكثر فأكثر على أن يكونوا أكثر إنتاجية من أن يكونوا مشغولين. بالنسبة لهم، فقد ولّت الأيام التى كانوا يخصّصون فيها فتراتٍ زمنية محدّدة للإطلاع على رسائل البريد الإلكتروني، فى حين يقوم معظمنا بهذا الأمر لمدّة خمسة أيامٍ فى الأسبوع. ومع إمكانية الاتصال بشبكة الإنترنت فى أى زمانٍ ومكان، يقوم روّاد الأعمال بتنظيم أيامهم وفقاً لما يريدون، مع اقتصار اهتمامهم ببريدهم الإلكترونى عندما يكون ذلك مناسباً وضرورياً لتلبية أهداف عملهم.
إن المطالب المتنامية على سوقٍ عالمية ورقمية تدفع الشركات للابتعاد عن الأشكال الهرمية التقليدية من عملية صنع القرار والتوجه نحو هيكلية شبكية توفّر قدراً أكبر من التناسق. من خلال تزويد الناس بالأدوات والبنية التحتية لتسهيل قدرتهم على تأسيس الشركات، تقوم تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات برعاية الابتكار وتساعد الناس على تحقيق أفكارهم المتعلقة بالشركات والمنتجات والخدمات الجديدة. كما توفر إمكانية الوصول إلى سوقٍ أكبر بكثير ممّا كان متوفراً فى السابق للشركات الناشئة، الأمر الذى يجعل التنبؤ بمستقبل الأعمال شبه مستحيل انما تملؤه الاثارةً.
ستقوم إريكسون بمناقشة قدرة التكنولوجيا بوصفها من عوامل خلق القيمة فى منتدى المجتمع الشبكى المقبل الذى ستجرى فعالياته فى 22 سبتمبر 2013 بمدينة دبي.