بقلم: د. حاتم الطاهر
مدير مركز «ديلويت» لاستشارات التمويل الإسلامى فى الشرق الأوسط
من الضرورى تحقيق نمو حقيقى فى قطاع التمويل الإسلامى فى الشرق الأوسط والوصول إلى عامة الناس، ولكن القول أسهل من الفعل، إذ يواجه هذا القطاع عددا من التحديات تمنعه من الوصول إلى السوق العام ولعب دور أكثر فاعلية فى تحقيق الشمولية المالية والتقدم.
وتعزى أسباب الاضطرابات الاجتماعية والسياسية الأخيرة والدعوات إلى التغيير إلى بطء النمو المحلي، وقد خلقت هذه الاضطرابات أوجه قصور جديدة فى قطاع التمويل الإسلامى عرقلت القدرات التنافسية والقدرة على إنتاج سلع وخدمات مبتكرة. إلا أن لدى هذا القطاع المتنامى عددا من الفرص المتاحة لإحراز النمو، سواء على المدى القصير أو الطويل، وتحقيق الشمولية المالية الإسلامية على نطاق أوسع.
الانقسام الاقتصادى
يشكل الشرق الأوسط بيئة خصبة لإنماء التمويل الإسلامى لأن معظم سكانه من المسلمين، إلا أن العوامل الاجتماعية والاقتصادية بالإضافة إلى ركود اقتصادات عدة دول فى المنطقة أسفرت عن تحديات جديدة قسمت اقتصادات الشرق الأوسط إلى فئتين متناقضتين: الأولى اقتصادات الدول التى حققت نموا كبيرا بالاعتماد على تصدير النفط، والثانية اقتصادات الدول المستوردة للنفط التى حققت تقدما متواضعا. وقد نجم عن هذا الانقسام اختلال فى التوازن الاقتصادى بين قطبين متناقضين تماما، وكان له دور كبير فى عرقلة توسع الاستثمارات، ومنها استثمارات قطاع التمويل الإسلامي.
وقد فاقمت البيئة السياسية والاجتماعية غير المستقرة من حالة القلق لدى السياسيين والمصرفيين فى قطاع التمويل الإسلامى على حد سواء، كما أوجدت عددا من التحديات أمام مشرعى القوانين ومن يطبقونها. ولذا فعلى أصحاب المصالح فى قطاع التمويل توحيد جهودهم لبناء أطر تنظيمية متينة وثابتة، كما على المصرفيين الإسلاميين وصناع القرار التعاون بشكل أكثر فاعلية لتسهيل القوانين وتطوير برامج نشر الوعى لتثقيف العملاء وأصحاب المصالح الآخرين حول أهمية تنشيط قطاع التمويل الإسلامي. وليس من الممكن تحقيق مثل هذه التغييرات إلا إذا استتب الاستقرار السياسى والاقتصادي.
توجيه قطاع التمويل الإسلامى لتدعيم التنمية والتقدم
لابد أن موجة الإصلاحات السياسية والاجتماعية التى تعصف بشمال أفريقيا ومعظم الوطن العربى ستوجد حاجة ماسة إلى استثمار رؤوس الأموال على المستويين الاجتماعى والاقتصادي. كما لا بد من أن كلا من الحكومات والسياسيين سيتجهون إلى تنويع مصادر التمويل لإنعاش النمو فى هذه البلدان واقتناص فرص الاستثمار الجديدة. ولكن، ما زالت هناك عدة إشارات توحى بأن اقتصاد المنطقة يشهد بعض التحسن، فالقطاع الخاص يلعب دورا مهما فى دفع النمو، كما أن مشاريع الإسكان أصبحت من الأولويات على أجندات السياسيين، وبات التوسع فى إنتاج الطاقة ومؤسسات التصنيع متوسطة الحجم من التوجهات الكبرى التى ستعمل غالبا على غرس ثقة أكبر باقتصاد المنطقة وتحفيز نمو أقوى فى المستقبل القريب.
بالتالي، سيصبح قطاع التمويل الإسلامى موجها باتجاه تدعيم وتعزيز النمو فى المنطقة، كما من شأنه أن يلعب دورا مهما فى تحقيق التوازن وسد الهوة بين الاقتصادات المتباينة. وسوف يعمل التمويل الإسلامى على تحفيز توجيه الاستثمارات ورؤوس الأموال من دول مجلس التعاون الخليجى إلى دول الشمال والوسط فى المنطقة.
وبحكم طبيعته، يمكن للتمويل الإسلامى أن يلعب دورا رئيسا فى دفع النمو الاقتصادى الحقيقى عبر تمويل القطاعات المنتجة والاستثمار فى السلع، ما يمهد الطريق لإيجاد فرص عمل جديدة وإعادة بناء البنى التحتية الاجتماعية والاقتصادية لدى اقتصادات المنطقة.
على أصحاب المصالح فى قطاع التمويل توحيد جهودهم لبناء أطر تنظيمية متبنية وثابتة