خفض سعر الفائدة 5 مرات للسيطرة على معدلات التضخم
لم تتفاجأ ساندرا رابوسو عندما استيقظت على حريق حافلة أمام منزلها، فقد كان رابع تفجير فى الحى الذى تقطنه فى أسبوع واحد، ورغم أنه كان رداً على إطلاق النار على صبى على أيدى الشرطة فى أحد الأحياء الفقيرة فى ساو باولو، اعتقدت رابوسو أنه كان رد فعل أيضا على الاستياء واسع النطاق حيال العديد من القضايا بما فى ذلك سوء الخدمات العامة التى أدت إلى اندلاع المظاهرات الحاشدة فى يونيو والعديد من الاحتجاجات المتفرقة منذ ذلك الحين.
قال خبراء الاقتصاد إن السبب الرئيسى وراء الاضطرابات الشعبية هو استياء البرازيليين من ارتفاع تكاليف المعيشة، الأمر الذى دفع الحكومة إلى الاستمرار فى اكبر دورة للتشديد النقدى بالعالم هذا العام من أجل محاربة التضخم.
عندما خفض البنك المركزى البرازيلى معدل الفائدة الأساسى إلى أدنى مستوى له على الإطلاق ليبلغ %7.25 فى أكتوبر العام الماضي، رأى البعض تلك الخطوة أنها انتصار سياسى للرئيس ديلما روسيف وانها بداية عصر جديد للبلاد التى عانت طويلا من تكاليف الاقتراض المرتفعة.
ولكن بعد الحفاظ على هذا المعدل حتى أبريل الماضى، رفعت البرازيل أسعار الفائدة خمس مرات، وكان من المتوقع أن تزداد مرة أخرى الاسبوع الماضى لتصل إلى %10 لأول مرة فى عامين.
قال مارسيلو مورا، أستاذ الاقتصاد الكلى والمالية بمعهد انسبير للأبحاث، يعتبر رفع أسعار الفائدة بمثابة هزيمة لديلما خاصة بعد اندلاع الاحتجاجات منذ منتصف العام الجاري، واعتقد أنها أخذت الرأى القائل بأن المزيد من ارتفاع معدلات التضخم قد يمثل هزيمة أكبر بالنسبة لها لذلك فهى اختارت أهون الشرين.
أضاف مورا أنه اذا رأت البرازيل معدلات منخفضة للتضخم ونموا يتراوح ما بين 4 و%5 أشك أن يخرج الشعب للتظاهر مرة أخري.
اخترق التضخم سقف النسبة التى تستطيع البلاد تحملها وهى %6.5 فى شهرى مارس ويونيو من العام الجاري، ويعود ذلك جزئياً إلى الارتفاع الحاد فى أسعار الغذاء والتى تضررت العائلات الفقيرة منها بشدة، ولم يتزحزح معدل التضخم منذ ذلك الحين عن %5.8.
لم ينه التضخم هذا العام وهو على مقربة من نسبة %4.5 المستهدفة منذ عام 2009، ويعد هذا الامر ايضاً مصدراً للقلق بالنسبة للمستثمرين الذين اتهموا حزب العمال الحاكم من سوء استغلال نظام استهداف التضخم الذى كان حجر الزاوية لتنمية البرازيل.
لذلك رحب العديد بعودة البرازيل إلى تشديد السياسة النقدية هذا العام اذ اعتبروها علامة على تمتع البنك المركزى باستقلالية اكبر.
قالت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية إن دورة تشديد السياسة النقدية كانت خطوة على الطريق الصحيح، وقد دعت، فى تقرير لها اصدرته فى شهر اكتوبر الماضي، إلى حصول البنك المركزى البرازيلى على استقلال رسمى، ولكن لوسيانو روستاجنو، كبير الاستراتيجيين فى بانكو ميزوهو، قال إن تشديد السياسة النقدية هو ببساطة نتيجة العوامل الدولية وتغيير الحكومة لاستراتيجيتها التى لا تزال تملك القرار فى البنك المركزي.
وكانت تأمل الحكومة، من خلال خفض أسعار الفائدة، فى جذب استثمارات القطاع الخاص لزيادة نسبة الاستثمارات الضئيلة إلى الناتج المحلى الإجمالى التى لا تتجاوز %20.
لكن هذه المليارات من الدولارات من الاستثمارات لم تظهر ابدا، يعود ذلك جزئيا إلى تردد الحكومة فى الحد من تدخل الدولة فى الاقتصاد وفصل البلاد عن بنك التنمية البرازيلى الذى يهيمن على السوق المحلي، إذ إنه يقرض بأسعار فائدة أرخص من المؤسسات الخاصة، وكذا التوقعات ببدء بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى فى تقليص برنامجه النقدى التحفيزى زاد من هروب المستثمرين من الأسواق الناشئة خاصة من البلاد التى تعانى عجز الحساب الجارى مثل البرازيل.
قال روستاجنو، مع تعثر النمو الاقتصادي، تحولت الحكومة مرة اخرى إلى زيادة الانفاق ما جعل من الصعب تحمل أسعار الفائدة المنخفضة.
قال مورا إنه اذا استمرت الحكومة البرازيلية فى توزيع كميات هائلة من القروض المدعومة حكومياً وغيرها من المحفزات المالية، فسوف يكون أثر تشديد السياسة النقدية محدوداً جداً على الأسعار وستفشل دليما فى تجنب ثورة شعبية.