السوق الأمريكية توفر أعلى العائدات بين الدول المتقدمة
يرى الكثيرون أن الولايات المتحدة ضحية الركود الاقتصادى طويل المدى، ولكن فى الأغلب سوف تطيح الأحداث الاقتصادية فى العام المقبل بأكثر التوقعات تشاؤمية.
الولايات المتحدة لا تواجه مشكلات انتقالية كبيرة مثلما يحدث فى الصين واليابان، ورغم أنها تواجه مشكلات هيكلية، فإن ما تواجهه لا يقارن بمشكلات أوروبا الهيكلية فى قطاعات الطاقة وسوق العمالة والبنوك، بينما يشاركها الكثير من البلدان فى عدم المساواة فى توزيع الدخل.
ومن ناحية أخرى تعد الأسس الاقتصادية فى الولايات المتحدة أفضل بكثير من الدول الصناعية المتقدمة الأخرى، ومنذ الأزمة المالية العالمية، سبقت الولايات المتحدة بكثير أوروبا واليابان فى العودة إلى الأوضاع الطبيعية، خاصة مع اتجاه البنك المركزى حاليا لتقليص التدابير السياسية غير التقليدية.
وبعد عامين من التقشف المالي، أصبح عجز الموازنة أقل من نصف ما كان عليه فى 2010، بالإضافة إلى تعافى سوق الإسكان، وتزايد العلامات التى تدل على عودة الثقة للشركات.
وقد لا يكون العام الجديد عاما قويا للاقتصاد، ولكنه سوف يكون أفضل بكثير فى أمريكا مقارنة بالدول الصناعية الرائدة الآخرى.
ومما يثير الاهتمام، أن الأسواق لديها تقدير واقعى لهذه القوة النسبية، فقد أنهى الدولار العام مرتفعا أمام بقية عملات العالم، مما يعد إنجازاً بعد عدم المسئولية المالية التى مر بها البيت الأبيض.
ويذكر تقرير لجريدة «فاينانشيال تايمز» إن أحد العواقب المهمة للأزمة المالية أنها عززت دور الدولار باعتباره أكبر مخزن للقيمة فى العالم، كما لا تزال الولايات المتحدة صاحبة الأصول الآمنة، رغم العيوب فى الإدارة السياسية والاقتصادية الأمريكية.
ويرجع احتفاظ الدولار بمكانته لسبب وجيه وهو ضعف احتمالية توفير أوروبا أو الصين أو اليابان لبديل حقيقى له فى السنوات المقبلة.
كما أصبحت الولايات المتحدة المقدم الرائد للأصول الخطرة عالية الجودة، فمنذ 2009، ارتفعت الأسهم بنسبة %80 أو بحوالى %30 مقارنة بالأسهم العالمية، بسببب السيولة التى ضخها الاحتياطى الفيدرالى.
وصعد سوق ناسداك عن أعلى مستوى وصل إليه فى عام 2007 بنسبة %30، وطبقاً لمؤشرات «ستاندرد آند بورز» و«داو جونز«، فإن الولايات المتحدة تشكل حاليا %47.8 من القيمة السوقية للأسهم العالمية، وعند هذه المستويات، سوف تنخفض العائدات المستقبلية، ولكن قوة الأداء النسبى للسوق سترسل رسالة للمستثمرين أقوى من تلك التى أرسلتها سيولة البنك المركزي.
ومن ناحية أخرى، لا يمكن لأحد تجاهل احتمالية تفاقم الدين بسبب التركيبة السكانية، ومع ذلك، يجب أن ينظر لهذا الجانب بمنظور نسبى أيضا، فالتركيبة السكانية فى اليابان وأوروبا ليست بأفضل، وبالطبع فى الصين أيضا حيث يشيخ السكان بشكل أسرع من الطبيعى فى دول الأسواق الناشئة، وربما يعود هذا إلى سياسة الطفل الواحد.
ويستعد الرنيمبى لزيادة دوره فى الصفقات والمعاملات الدولية، ولكنه لن يصبح عملة احتياطية إلا بعد فترة طويلة للغاية، كما أثبت عام 2013 إن ميل القوى الاقتصادية العالمية للأسواق الناشئة كان مبالغاً فيه.
ومن المرجح أن تستمر الأزمة السياسية فى البيت الأبيض، العام الجارى، أما الأفكار المتعلقة بمواجهة الولايات المتحدة انحدار موهن سيتم اعتبارها أفكارا مبالغ فيها.