الدراسة تناولت الإقبال الشعبي الكثيف الذي شهده الاستفتاء على الدستور الجديد
شهد الاستفتاء الأخير على الدستور المصري والذي جرى يومي الثلاثاء والأربعاء 14 و15 يناير الماضيين، إقبالا شعبيا كبيرا، لم يستطع أنصار الرئيس السابق منعه أو تعطيله، عبر دعواتهم المستمرة للمقاطعة، أو محاولاتهم اللعب على الوتر الطائفي، أو الإرهاب النفسي للمؤيدين للمسار عبر اتهامات التكفير والتخوين السياسي والديني، فضلا عن الصدامات والاشتباكات، والتي كان من أبرزها التعدي على بعض مقار حزب النور السلفي وبعض رموزه. قبل الاستفتاء بيوم واحد”، وذلك وفق ما خلصت إليه دراسة أعدها الكاتب هاني نسيرة لمعهد العربية للدراسات.
وفي دلالات هذا الاستفتاء يرى نسيرة أنه ينزع عن الإخوان تعلقهم بمقولة الشرعية الصندوقية، التي تلببوا بها حيث استرد الشعب صناديقه، وأكد تأييده لخارطة الطريق، مؤسساً للشرعية الدستورية الجديدة، داحضا دعوى الانقلاب بكونها كانت إرادته الشعبية وإدارة الانقلاب، حيث تشهد الصناديق وتؤكد اختياره، في معدلات تصويت عالية قد تكون الأعلى بين تاريخ الاستفتاءات المصرية السابقة.
وتؤكد الدراسة أن نتائج هذا الاستفتاء يعد مكسبا سياسيا كبيرا لدولة ما بعد يونيو على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، ويطرح الثقة مجددا في مسارها، كما قد يدفعها لتصحيح بعض الأخطاء السابقة، تمكينا لدولة القانون والحريات بعيدا عن هاجس الشرعية الذي استردها الشعب متأخرا لها، ويبقى على الإخوان المراجعة والتصحيح والاعتذار، وهو ما زالت رموز وقوى سياسية تدعو له وترحب به شريطة الاعتراف بالإرادة الشعبية في يونيو والاعتذار عن الأخطاء السابقة.
وتؤكد الدراسة أن أكبر أخطاء الإخوان هو تجاهلهم للطبيعة المصرية التي تنحو نحو الاستقرار والتوافق، وترفض التمييز واللعب على الوتر الطائفي، ولا تستشعر فروقا بين الشعب والجيش دائما، كما يستنفرها التجرؤ على رموزهم الدينية عموما وهو ما فعله الإخوان! ويشير نسيرة إلى أنها الفرصة الأخيرة للجماعة لتصحيح مواقفها وخطابها، استفادة على الأقل من تجربة حركة النهضة التونسية المرنة، ولكن على ما يبدو أنهم “أضعف من القدرة على المراجعة، فقد أصدر حسن البنا بيانين تبرأ فيهما ممن قتلوا النقراشي من جماعته! وطلب زيارة الملك فاروق ثلاث مرات ولم يستجب له، ولكن إخوان الآن لا يرون غيرهم شرعية رغم السقوط”!
ويؤكد نسيرة أنه مع سيطرة صقور القطبيين والمحافظين على القرار داخل جماعة الإخوان ومغادرة الحمائم لها قبل ثورة يناير وبعدها، تبدو المراجعة مستبعدة عن جماعة الإخوان، التي ما زالت رغم الاستفتاء تصر على احتكار الشرعية والشريعة معا، وتنشر مواقعها وآلتها الإعلامية اعتداءات على الشرطة وتصف من قام بها بالثوار!
ولكن لا يخفي الكاتب تخوفه من ظهور موجة جهادية جديدة تصر على ما تعتقده، وتظل تناطح الدولة وتكفرها وترفض شرعيتها، كتلك التي ظهرت عقب الصدام مع النظام الناصري في الستينيات والخمسينيات من القرن الماضي، أو الصدام مع النظام الساداتي في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي أو في الجزائر عقب أزمة جبهة الإنقاذ سنة 1989، خاصة مع تقارب ملحوظ سواء مع السلفية الجهادية التي يضم التحالف الداعم للإخوان بعض عناصرها، أو على مستوى الخطاب وتصلبه، رفضا لكل شيء ولكل آخر، ولكن يخفف من هذا الخوف خسارة الرهان والقبول الشعبي لهذه التيارات بعد تجربتها وبعد ممارساتها أثناء الحكم وبعد السقوط! وكذلك قوة الدولة والتأييد الشعبي المستمر لها منذ 30 يونيو وفي26 يوليو وفي 14 و15 يناير.
العربية