أصبحت آفاق النمو فى الأسواق الناشئة فجأة أكثر قتامة وغموضاً، فالمتداولون القلقون فى وول ستريت يتوقعون أى الدول والأسهم التى ستتعرض لموجة البيع الأعلى لكى يستعدوا لها.
وشهدت أسواق السندات حتى الآن 17 أسبوعاً متواصلاً من التدفقات الخارجة، و13 أسبوعاً بالنسبة للأسهم، وتعانى الأخيرة من أطول هبوط منذ 11 عاماً، طبقاً لبيانات «بنك أوف أمريكا ميريل لينش».
وجاء معظم البيع فى الربيع والصيف الماضى من المؤسسات الاستثمارية – حسبما ورد فى تقرير للفاينانشيال تايمز – والآن، كلما ستطول فترة التدفقات الخارجة، ستزداد احتمالية سحب مستثمرى التجزئة لأموالهم، وهذا بدوره سيدفع صناديق الاستثمار المتخصصة فى الأسواق الناشئة للبيع أيضاً.
ونظراً لأن تلك الصناديق لا تستطيع بيع أقل ممتلكاتها أداءً وسيولة، فهى تبيع أفضل أصولها وبالتالى تتسبب فى خسائر أفضل، وفى نفس الوقت، ويعتقد المديرون الذين يحددون كيف توزع شركاتهم الأموال بين الدول المتقدمة والنامية أن التقييمات المنخفضة يمكن ان تستغل كأداة مساومة فى المستقبل.
ويرتبط جزء كبير، بما سيحدث للأسواق الناشئة بمستقبل سندات خزانة الولايات المتحدة، وأشار كريس وود محلل فى شركة «سى إل إس أيه» للاستثمار فى الأسواق الناشئة فى آسيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا، إلى أن الأسواق الناشئة ستبقى تحت ضغط طالما أن عائدات سندات الخزانة لأجل 10 سنوات فى ارتفاع.
أما العامل الآخر الكبير الذى يحدد نجاحاً أو خفقان الأسواق الناشئة هو الصين.
فعندما كانت تنمو الصين بمتوسط نمو سنوى %9 على مدار الخمس سنوات الماضية ساهم طلبها على كل شيء من الفحم إلى الحديد فى نمو كل شركائها التجاريين من استراليا وأندونيسيا إلى ألمانيا واليابان، كما ازدهرت قطاعات مثل الشحن من شهية الصين النهمة على الموارد الطبيعية المستوردة والبضائع الوسيطة.
وإذا كان تباطؤ الصين هو محفز دواعى القلق فى الأشهر الماضية، فإن هذا القلق تحول إلى تأثير ممتد بسبب الاضطرابات المحتملة فى نظام صيرفة الظل فى الصين.
وقال اقتصاديو بنك «جى بى مورجان» إن ارتفاع الفوائد فى المعاملات بين البنوك – فى ظل اليود على السيولة – يواصل دفع ارتفاع أسعار الاقتراض ما يهدد بدوره مع النمو الأبطأ بتضخيم المشكلات فى النظام المالي.
ويعتقد معظم المشرعون المتابعون للصين أن بكين سوف تضطر إلى الحد من نشاطات مؤسسات تقديم القروض من غير البنوك التى تقدم للمستثمرين عائداً أعلى، ما يستطيعون كسبه من الودائع عن طريق تسليف أموالهم إلى مقترضين غير قادرين على الحصول على قروض من مكان آخر ومستعدون لدفع فائدة أعلى من السعر الرسمي.
وتحاول الصين بالفعل السيطرة على النمو المفرط فى الائتمان، وتعانى السيولة فى البنوك فى القطاع الرسمى بسبب تدابير التضييق.
كما أن الضغوط فى نهاية العام وصلت إلى أوجها، فلكى يكون أحد مؤهل للحصول على قرض، ينبغى عليه أن يسدد الدفعات فى موعدها تماما، ويتجه بعض المقترضين إلى بنوك الظل ليقترضوا أموالا لخدمة ديونهم حتى يستطيعوا الحصول على المزيد من القروض الرسمية بأسعار أقل بكثير.
وبالتالي، إذا كانت حملة المشرعون على هذه البنوك شديدة، سوف ينتشر زعراً واسع النطاق.
وهذا التضييق فى السيولة له آثار خارجية أيضا حيث أصبحت البنوك الصينية تطالب المقترضين الاجانب بعدم سحب أموال بموجب خط الائتمان فى الوقت الحالي، وللأسف يأتى سحب الصين للأموال فى وقت تضيق فيه الدول الأم لهؤلاء المستثمرين من شروط الائتمان، بينما ترفع البنوك المركزية فى أمريكا الجنوبية وآسيا أسعار الفائدة.
وفى الماضى تقدمت الأسواق الناشئة ببراعة، ولكن على ما يبدو ليست هذه الحالة التى ستستمر عليها، ومع ذلك فإن السؤال الأهم هو فى ظل اتسام الاستثمار فى الأسواق الناشئة فجأة بالخطورة، هل ستبدو آفاق النمو فى الأسواق المتقدمة أفضل أو أسوأ بالنظر إلى احتمالية انتقال العدوى؟.