برامج دعم المحروقات تزيد الضغوط على الميزانيات بعد تراجع العملات
جنوب أفريقيا تعلن أسعاراً قياسية للبنزين وزيادة %40 فى تكلفة البترول بالليرة التركية منذ أبريل
بعد سلسلة الاضطرابات التى شهدتها الدول الناشئة منذ تلميح بن برنانكي، رئيس بنك الاحتياطى الفيدرالى السابق، فى مايو الماضى بتقليص برنامج شراء السندات، تواجه الشركات والحكومات فى الأسواق الناشئة حالياً معضلة جديدة تتمثل فى ارتفاع حاد فى تكاليف الوقود نتيجة لاضطرابات العملة الأخيرة، ما يهدد باتساع عجز الموازنة وتراجع النمو الاقتصادى.
ورغم أن سعر خام البرنت ما زال دون ذروته التى سجلها عام 2008 من حيث القيمة الدولارية، فإنه سجل مستويات قياسية بعملة الراند الجنوب الأفريقى والليرة التركية، كما سجل البرنت مستويات قياسية بالعملات الهندية والاندونيسية والبرازيلية، أى باقى الدول التى يطلق عليها «الخمس الهشة» المعرضة لفواتير استيراد ضخمة.
وأصبحت حكومات تلك البلدان أمام معضلة جديدة، فإما أن تسمح لتكاليف الوقود بالزيادة، ما يرفع معدلات التضخم ويضعف الاستهلاك، أو أنها تمتص ارتفاع الأسعار من خلال توجيه مزيد من المبالغ لدعم أسعار الوقود، ما يزيد من كومة الضغوط الواقعة على الميزانية التى تعانى من ضغط كبير بالفعل.
وقالت أمريتا سين، رئيسة شركة إنيرجى أسبيكتس للاستشارات، إن هبوط قيمة العملات وارتفاع تكاليف استيراد البترول يختبر أنماط النمو كثيف الاستهلاك للطاقة فى أرجاء الأسواق الناشئة.
وخلال العشر سنوات الماضية، أصبح العديد من البلدان النامية من المستوردين الرئيسيين للبترول الخام، نظراً لتحول اقتصاداتهم إلى صناعية، ما ساعد فى الحفاظ على أسعار البترول فوق مستويات 100 دولار للبرميل، رغم أن زيادة كفاءة الوقود ساعد على تآكل الطلب فى أماكن أخرى، ولكن مع ضعف عملاتهم، فقد تناضل حكومات الاسواق الناشئة من أجل الحفاظ على مستويات الاستيراد المرتفعة.
وأعلنت حكومة جنوب أفريقيا الجمعة الماضية عن أسعار قياسية للبنزين بعد أن سجل سعر البرنت الأسبوع الماضى أعلى مستوى له على الإطلاق ليبلغ أكثر من 1.210 راند للبرميل، بينما فى تركيا، حيث تشكل الطاقة أكثر من نصف العجز التجاري، فقد ارتفعت تكاليف البترول بالليرة بنسبة %40 منذ شهر ابريل الماضي.
وقال والتر دى ويت، رئيس قسم أبحاث السلع لدى ستاندرد بنك فى جوهانيسبيرج، إن ارتفاع تكاليف الوقود يعد عائقاً كبيراً أمام الأسواق الناشئة، بحيث يشكل النقل والغذاء نصيب الأسد فى إنفاق العديد من شعوب تلك البلدان، ويعنى ارتفاع أسعار الوقود أن نقوداً اقل أصبحت متاحة أمام جهات الإنفاق الأخرى.
ويقول متداولى البترول إن غالبية الأسواق الناشئة لم تحد حتى الآن من وارداتها، ويعود ذلك بشكل كبير إلى أن برامج الدعم، التى تحدد السعر الذى يباع به الوقود محليا، قد حمت المستهلكين من ارتفاع الأسعار.
ولكن برامج الدعم أصبحت مكلفة بالنسبة لحكومات الأسواق الناشئة، فقد توقعت اندونيسيا فى أكتوبر الماضى انفاق يصل إلى %11 من موازنة 2014 على دعم الوقود، لكن الروبيه الإندونيسية يتم تداولها الان باقل من افتراضات الحكومة بنحو %20، ما يرفع تكاليف الوقود بشدة.
وأوضحت صحيفة الفاينانشيال تايمز أنه عندما يتحمل المستهلكون ارتفاع أسعار البترول، فسوف يؤثر ذلك فورا على النشاط الاقتصادي، فعلى سبيل المثال، رفعت نيو ديلهى أسعار الديزل بعد هبوط قيمة الروبيه الصيف الماضى، ما أسفر عن تراجع استهلاك الوقود بالهند للشهر السادس على التوالى خلال السبعة أشهر الماضية.