كنت على وشك السقوط من مقعدي عندما قرأت مؤخراً قراراً من جهات الحكومات الاتحادية الستة، بخصوص النظرية الجريئة التي تُكافح «الألماس الدم / بلود دايموند» قد باءت بالفشل. الآن، بعد أن تمت الموافقة على القرار، فإنني أكثر دهشة.
وكوني مدير عام سابق لمركز أنتويرب للألماس العالمي، فقد شاركت عن كثب في وضع خطة إصدار شهادات عملية كيمبرلي، وهي هيئة إشرافية للماس معترف بها عالمياً. وقد تم بالفعل تدوين مبادئها في مكاتبنا في انتويرب.
لم يكن الأمر سهلا، كما شعرت الحكومة البلجيكية أننا لم نفعل الكثير وأن قطاع الماس في أنتويرب من وجهة نظري لم يكن كُله ضرورياً. ولكن واصلنا الأمر لانه كان سبباً وجيهاً وجيداً. وبعد ذلك عملنا بشكل وثيق جداً مع “جلوبال ويتنس”، وهي منظمة غير حكومية، لوضع نظام عادل ونزيه.
وفي عام 2014، كان الماس أكثر المواد الخام التي يتم فحصها بدقة في العالم باستثناء اليورانيوم، أي مواد خام أخرى لا يتم التحّكم فيها ومراقبتها ورصدها بشكل صارم مثل الماس الخام. كما يتم اعتماد إنتاج أكثر من 99.8 % من جميع أنواع الماس من قبل عملية كيمبرلي. أما البلدان التي تعاني من مشاكل مثل جمهورية أفريقيا الوسطى وساحل العاج وغينيا وفنزويلا، لا تمثل حتى 0.2 % من الإنتاج العالمي.
وبالفعل في أبريل 2013، عندما بدأت المشاكل في جمهورية أفريقيا الوسطى، كنت حينها أعمل لدي عملية كيمبرلي، وأُمثل دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث اتُخذت اجراءات لضمان أن الدولة لا يمكن لها أن تُصدير الماس غير المشروعي. وبهذه الطريقة، كانت عملية كيمبرلي، النظام الأول والوحيد الذي يضمن، “في وقت قصير جدا” أن المتمردين ليس بإمكانهم أن يغتنموا الفرصة لتمويل حربهم مع بيع الماس الخام.
حقوق الإنسان
يمكن أن يُقال هذا عن أي معدن أخر، ناهيك عن أي مبادرة دبلوماسية أخرى؟
على عكس ما يفترض ويقترح في هذا القرار، والماس هو معدن في القمة فينبغي أن يعتبر نموذجاً لغيره من المواد الخام.
بينما تتغذى وسائل الإعلام والسياسة بشكل منهجي ومنتظم بأسلوب خاطىء أو بدوافع سياسية، لكن بخصوص الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في استغلال الماس، تقبّل الجميع فيلم هوليوود “الألماس الدم / بلود دايموند” في عام 2006 دون مناقشة.
وما هي أسباب تدهور العلاقة بين قطاع الماس مع المنظمات غير الحكومية إلى هذا الحد الكبير؟ حيث أنها كانت متينة. لماذا المنظمات غير الحكومية مستاءة من إنجازات عملية كيمبرلي وقطاع الماس؟
بالتأكيد ليس السبب أن يكون هناك المزيد من النزاعات حول الماس “الألماس النزاعات” من قبل اثني عشر عاما. فلماذا هم مستاؤون إذاً؟ ربما لأن المنظمات غير الحكومية أصبحت مؤسسات صغيرة وانخفضت الأموال المتاحة لها، ولذلك ازداد التنافس المتبادل؟ هل احتياجهم للمبالغة ناشئ من ذلك؟ أليس من الممكن أن الماس أصبح جزءا من الأعمال الأساسية للمنظمات غير الحكومية ليستمر “الألماس الدم“؟
ربما يمكننا النظر في السياق الاقتصادي لبرهة؟ فإنه سر علني مكشوف أن المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال المعادن مدعومة من قبل القوى الغربية. هل قام أي شخص في أي وقت مضى بربط هذا الأمر بالأهمية الاقتصادية المتراجعة للقوى العظمى في أفريقيا؟ في الواقع أن الصين أصبحت القوة الاقتصادية الأولى في العالم، حيث بلغت المعاملات التجارية3.82 دولار. هذا النوع من الحرب الباردة يجري الآن في أفريقيا من أجل السيطرة على المواد الخام الأساسية.
لا خلاف
حتى لو لم يكن هذا الأمر هدفاً للمنظمات غير الحكومية، فسنُنظر إليه على هذا النحو من قبل جميع زملائي في جنوب أفريقيا، حيث أمضيت ثلث من حياتي هناك. بالإضافة إلى الاستمرار التدريجي بالاستياء من الوضع لكل من روسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا وناميبيا وأنغولا وزيمبابوي والكونغو والإمارات العربية المتحدة، وإن أقلية صغيرة من الدول الأعضاء تستمر في مواصلة فرض أجندتهم بحدة على أغلبية كبيرة في عملية صنع القرار لدى عملية كيمبرلي، وباسم حقوق الإنسان، ولكن لا أحد يؤمن بذلك هذه الايام.
وأظهر قرار حزب الأغلبية سلفاً إلى أي حزب تنحاز بلجيكا في هذا الجدال. وهذا يعود إلى فقدان القضية في هذا القطاع الذي يجد صعوبة في الصمود، ويتم تجاهله مرة أخرى.
يجب احترام حقوق الإنسان كحقيقة بديهية لا يرقى إليها الشك. هناك ما يكفي من المنظمات التي تُقيّم هذه القضايا بكل موضوعية. والسلطات التي لا تعتمد على التمويل من قبل الحكومات الأجنبية تحاول تحقيق ميزة اقتصادية وتنجح في التلاعب بوسائل الإعلام.
ألم يحن الوقت لتنظيف “سمعة الاعمال القذرة”ً؟ ومن يتصف بالكامل 100%؟ اليس كافياً 99.8%؟ على الرغم من ذلك، تكاد لا توجد أي نزاعات حول الماس هذه الأيام.
المقال بقلم: بيتر ميووس، رئيس مجلس إدارة بورصة دبي للألماس