بقلم: نيكولاس بيرنز
يستهدف الرئيس الروسى فلاديمير بوتين إضعاف وزعزعة استقرار الحكومة الجديدة فى كييف وإجبارها على البقاء داخل المدار الروسى من خلال إرسال قوات بطول الحدود مع أوكرانيا.
وبهذا بدأ الفصل الافتتاحى لأخطر أزمة تهدد بانقسام أوكرانيا على أسس عرقية وجغرافية، وأخطر أزمة تهدد الأمن الأوروبى منذ انتهاء الحرب الباردة.
وتمتلك أمريكا وأوروبا أدوات قليلة واقعية تستطيعان بهما الحد من تحرك قوات بوتين ومنعه من زعزعة استقرر أوكرانيا الفقيرة المنقسمة الضعيفة، وهذا لا يترك إلا خياراً واحداً وهو اتباع استراتيجية دبلوماسية متواصلة لهزم بوتين فى الصراع الطويل بشأن أوكرانيا.
ولا يلتزم الناتو بأى التزام تجاه أوكرانيا فى هذه الأزمة، كما أن الرد العسكرى الأمريكى الأوروبى على استيلاء بوتين على شبه جزيرة القرم قد يؤدى إلى حرب قارية بين القوى النووية.
ولكن هذا لن يحدث، فلن يقاتل الغرب بوتين من أجل أوكرانيا وهو يعلم ذلك، ولهذا السبب واتته الجرأة لتحريك قواته، وبالتالى ينبغى على الأمريكيين والأوروبيين الهجوم بطريقة أخرى وهى رفع تكلفة أفعال بوتين المستهترة.
أولاً، يمكنهم البدء بجمع ثلة من القادة العالميين حول إدانة خرق بوتين للسلام الأوروبى الطويل منذ نهاية الحرب الباردة، وبالتاكيد لن يغير النقد مسار بوتين، ولكنه قد يبدأ فى عزله ويكلف روسيا بعض القوة الناعمة التى اكتسبتها من دورة الألعاب الأولمبية الشتوية فى شوسي، وهذه القوة تهم بوتين.
ثانياً، يتعين على الولايات المتحدة والناتو أن يبدأوا فى معاقبة بوتين ونبذه، وقال البيت الأبيض أن أوباما لن يحضر فى الغالب قمة مجموعة الثمانية فى سوشى يونيو المقبل، وينبغى على القادة الآخرين أيضا أن يعلنوا مقاطعتهم، وعلاوة على ذلك ينبغى عليهم طرد روسيا من المجموعة بشكل دائم.
ثالثاً، يمكن للولايات المتحدة أن تتخذ إجراءات بمفردها، فيمكن أن تعلق واشنطن المفاوضات بشأن الاتفاقات ذات الأهمية لبوتين مثل اتفاقية الاستثمار ثنائية الجانب، وعلاوة على ذلك، ينبغى على أوباما أن يشجع الكونجرس أن يفرض عقوبات إضافية على القادة الروس بموجب قانون «ماجنيت سكاي»، كما يمكن أن يعلق الاتحاد الأوروبى بعض اتفاقياته الاقتصادية مع روسيا لضرب بوتين فى مقتل.
رابعا، ينبغى على الولايات المتحدة وأورويا التحرك سريعا لتقديم مساعدة ملموسة للحكومة الضعيفة الجديدة فى كييف، وينبغى عليهم معا أن يعلنوا عن حزمة مساعدات اقتصادية مدعومة باتفاق طويل الأجل مع صندوق النقد الدولى لدعم الاقتصاد الأوكرانى المفلس تقريبا.
كما يمكنهم التفكير فى طريقة ابتكارية لإظهار دعمهم مثل زيارة إلى كييف من قبل وزراء خارجية الولايات المتحدة وبولندا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا لمساندة القادة الأوكرانيين الجدد وينبغى عليهم أيضا إعطاء الأوكرانيين نصيحة صريحة وهى المحاولة بجهد للتأكيد على القبول والشمولية للملايين ذوى الأصل الروسى الذين همشوا بسبب الثورة فى كييف حتى لا يبقى لدى بوتين مبررا لمواصلة التوغل العسكرى فى شرق أوكرانيا.
خامسا وأخيرا، ينبغى على الناتو التأكيد علنا على وعده الرئيسى لكل الأعضاء حيث يتعهد البند الخامس بالدفاع المشترك فى الأزمات، وينبغى على أوباما ان يدعو لاجتماع طارئ لقادة الناتو لطمئنة الأعضاء الجدد العشرة من وسط آسيا.
واختار بوتين هذه المعركة على أرض مألوفة ومفيدة له، وفاز بالجولة الاولى، ولكن من غير الواضح إذا كان هو نفسه يعلم كيف ستنتهى، ولكن استخدامه الغاشم للقوة لن يعجب معظم الاوكرانيين أو العالم وراءه.
ويتشكل الصراع على أوكرانيا ليصبح مباراة على القوة مع روسيا، والميزة التى تمتاز بها تلك المباريات الطويلة الملتوية هى انها تتحول فى النهاية لصالح الأقوى والأكثر نضجاً وديموقراطية، وروسيا ليست من بين تلك الدول.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: الفاينانشيال تايمز