شراء المواد الغذائية من الدول النامية بدلاً من توزيعها مجاناً
مازالت المجاعات فى أنحاء العالم تفتك بأعداد كبيرة من البشر وقتلت الملايين فى أوكرانيا فى الثلاثينيات؛ وفى الهند وفيتنام وأندونيسيا فى الأربعينيات، والصين فى الخمسينيات رغم أنها غالبا من صنع الإنسان.
وأسست الأمم المتحدة برنامج الغذاء العالمى عام 1961 لتقليل الخسائر الناجمة عن المجاعات، ويعد هذا البرنامج مؤسسة متعددة الأطراف تهدف لتنسيق توزيع المساعدات الغذائية إلى أماكن المحتاجين فى جميع أنحاء العالم، وساعد برنامج فى العام الماضى على إطعام أكثر من 90 مليون شخص فى 80 دولة مختلفة.
لكن تتغير الطريقة التى توزع بها مواد الإغاثة الغذائية، ففى الستينيات ركّزت برامج المساعدات التابعة للمنظمة فى دول العالم النامى على توزيع المواد الغذائية الأساسية، والتى غالبا ما تستورد من البلدان المتقدمة مباشرة إلى الفقراء، ثم تبين فيما بعد أن استخدام مصادر الغذاء المحلية أقل ضررا على اقتصاد الدول الفقيرة، خاصة أن التوزيع المجانى للغذاء المستورد يمكن أن يخفّض أسعار الأغذية المحلية ويتسبب فى مشاكل اقتصادية كبيرة، وتوصل البرنامج إلى شراء المزيد منها محليا عبر تشجيع مزيد من الانتاج الزراعى.
وقد أثبتت هذه الاستراتيجية نجاحها فى حالات عديدة، حيث انخفضت نسب الوفيات من المجاعات فى العقد الأخير إلى عشرات الآلاف بدلا من الملايين.
وأشار «لين براون»، مستشار بالبنك الدولى، إلى أن الاقتصاديين يرون التحدى الكبير القادم للمجتمع الدولى هو الحد من الاثار السلبية لسوء التغذية بدلا من المجاعة.
وأفاد بعض الباحثين فى المعهد الدولى لبحوث السياسات الغذائية، أن التوزيع المجانى للغذاء من قبل برنامج الأغذية العالمي، وسياسات الدعم الواسعة من البلدان النامية التى تستهدف الحفاظ على انخفاض الأسعار قد لا تكون الاستراتيجية الأفضل لتحسين التغذية.
لذلك اتجه برنامج الأغذية العالمى مؤخرا إلى التركيز أكثر على الإعانات النقدية والقسائم الغذائية، وهو ما اعتبره البعض الوسيلة الأرخص للحد من الفقر عن طريق المساعدات الغذائية، كما أنها تساهم فى معالجة سوء التغذية فى نفس الوقت.
عدل برنامج الأغذية العالمى بالفعل عن سياساته لتعكس هذا التغير فى طريقة التفكير، ففى 2008 تغير اختصاص المنظمة من تقديم «المعونة الغذائية» إلى «المساعدة الغذائية» لتوسيع مهمتها، وفى العام الماضى كان أكثر من 4.4 مليون شخص يتلقون مساعدات من برنامج الأغذية العالمى فى صورة أموال نقدية أو قسائم بدلا من صدقات غذائية، وجار حاليا تطبيقها وبالفعل توالت برامج القسائم الغذائية على نطاق واسع فى كثير من دول العالم، على سبيل المثال فى كولومبيا وفلسطين.