لازال الجدل مستمراً في حسبة برما “الصناديق الخاصة ” وشأنها شأن ملفات الدعم والطاقة تخشى الحكومة الاقتراب منها ورغم أن الدستور المصري أكد على وجوب أن تشمل الموازنة العامة للدولة كافة إيراداتها ومصروفاتها دون استثناء، وعرض مشروعها علي مجلس النواب قبل 90 يوماً علي الأقل من بدء السنة المالية طبقاً للمادة 116 من الدستور. فلم نسمع اية تصريحات من قريب أو بعيد حول هذا الشأن .
وتعود نشأة مايسمى الصناديق الخاصة ، حيث ظهرت منذ صدور القانون رقم 53 لسنة 1973 الذي سمح بإنشاء صناديق تخصص فيها موارد معينة للإنفاق على الخدمات العامة الحيوية والعاجلة التي لم يحدد لها بنود في الموازنة العامة للدولة سلفاً، و تمويل بعض المشروعات والخدمات بالمحليات في إطار الخطة العامة للدولة ، على أن تؤول فوائض هذه الصناديق إلى الموازنة العامة في نهاية السنة المالية ، أي أن الصناديق الخاصة ظهرت منذ 40 عامًا ، حيث ليس هناك حصر دقيق حتى الآن إلى عددها، أو معرفة حجم الأموال المودعة بها .
حيث أن هناك العديد من الرسوم التي يدفعها المواطن المصري ولا تدخل إلى الخزانة العامة، وتدخل بدلا من ذلك كحصيلة لما يعرف بالصناديق الخاصة التابعة لوزارات أو محافظات ومجالس محلية أو هيئات حكومية ، على سبيل المثال إيداع المخالفات والغرامات التي يتم تحصلها من المرور يتم إيداعها في الصناديق الخاصة وليس في الموازنة العامة للدولة،وأيضاً رسوم عند بوابات المرور في طرق السفر ،رسوم استخراج تراخيص السيارات، رسوم الدخول لزيارة المرضى في المستشفيات الحكومية، المصروفات السنوية لتلاميذ المدارس وطلاب الجامعات، والعديد غيرها من الرسوم التي يدفعها المواطن المصري عند تعامله مع مؤسسات الدولة بأشكالها المختلفة.
ولقد تضاربت الأرقام حول أرصدة الحسابات والصناديق الخاصة حيث بلغت 40.8 مليار جنيه بنهاية يونيو 2013، وتم الإعلان على إن ما يخص أجهزة الموازنة العامة منها يبلغ 32.1 مليار جنيه، وما يخص جهات خارج الموازنة العامة يمثل 8.7 مليار جنيه.
هذا وقد أدى تزايد عجز الموازنة العامة للدولة والبحث الدءوب عن موارد إضافية لتغطية ذلك العجز بعيدا عن الاستدانة، إلى تصاعد الأصوات المطالبة بضم موارد الصناديق الخاصة إلى الموازنة العامة. وبعد مساومات عدة تم النص في قانون الموازنة العامة 2012/2013 على ضم 20% من موارد تلك الصناديق، وهو الأمر الذي يواجه منذ ذلك الحين مشاكل في التطبيق ومعارضة شديدة من الجهات المالكة للصناديق.
وبعد الشد والجذب عن موقف الصناديق الخاصة ، جاءت المادة 11 من القانون رقم 19 لسنة 2013 والتي نصت على توريد نسبة 25% من أرصدة الصناديق والحسابات إلى الخزانة العامة ولمرة واحدة، على أن يتم توريد 10% فقط من الحصيلة بعد ذلك للخزانة طبقا للمادة 10 من القانون نفسه، والمعروف أن بعض الحسابات مستثناة بالقانون من توريد نسبة للخزانة العامة .
وتدافع هذه الجهات عن إنشاء الصناديق الخاصة وهى طبعاً ضد ضمها للموازنة العامة للدولة ، حيث يقولون أن فكرة إنشاء الصناديق الخاصة تتركز في مواجهة قصور الموازنة العامة للدولة وعجزها عن تمويل بعض المشروعات سواء الخاصة بالمحليات أو تدعيم بعض الأنشطة وتطوير البنية الأساسية بالجامعات, ومن هنا يأتي دور الصناديق الخاصة لتوجيه موارد مالية ذاتية بعيدا عن موازنة الدولة للتطوير والتحديث للأنشطة وأيضا تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين وذلك بعيدا عن بيروقراطية الموازنة العامة التي تتسم بالجمود وعدم التطور.أما عن فكرة إلغائها فيقول هؤلاء ،إن إلغاء هذه الصناديق في ظل الموازنة الحالية أو دمجها في الموازنة العامة هي ردة للخلف ويمثل عبئا كبيرا علي الموازنة العامة وسيخلق سوء إدارة مالية وإدارية داخل مختلف القطاعات التي تستخدم هذه الصناديق ،وإذا كانت هناك ممارسات سلبية قد صاحبت هذه الصناديق في الماضي فهذا لا يعني إلغاءها ولكن يتعين وضع ضوابط مالية وإدارية لها لتحسين إدارتها وتحقيق الانضباط المالي والإداري لها.
وكان للجهاز المركزي للمحاسبات دور كبيراً في كشف الكثير من الانحرافات عما سبق ، حيث تشير تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات إلى أن جملة الصناديق والحسابات الخاصة التي أمكن حصرها يزيد على 6300 صندوق، بلغ إجمالي إيراداتها السنوية خلال عام 2010/2011 ما يزيد على 98 مليار جنيه، وبلغ رصيد فوائضها المرحلة والمودعة في البنك المركزي المصري والبنوك التجارية في نهاية تلك السنة المالية نحو 4ر47 مليار جنيه. وتؤكد تلك التقارير أن هناك العديد من الصناديق والحسابات الخاصة الأخرى المفتوحة في البنوك التجارية حرصت الجهات المالكة لها على إخفائها ولم يتمكن الجهاز المركزي للمحاسبات من حصرها.
حيث تشير التقديرات إلى وجود ما يقرب من 56 مليار جنية بالصناديق تم صرفهم ولا يتم الكشف حتى الآن عن أوجه صرف هذه المليارات، حيث أن أكبر الصناديق موجودة لدى القوات المسلحة ووزارة الداخلية ويتم استخدام أموالها كما قيل من قبل في زيادة المعاشات أو صرف بدلات. أما عن الصناديق الخاصة الموجودة داخل الجامعات حيث كانت تستخدم كما قيل من قبل في البحث العلمي وكانت الدولة تحصل على 10% من المبالغ الخاصة بالصناديق، ولكن قامت الحكومة بزيادة النسبة لتصل إلى 30% وهى نسبة كبيرة وأثرت بصورة كبيرة على الأبحاث داخل الجامعة، حيث أن رواتب الأساتذة العاملين بالجامعة متدنية للغاية وقيل أنهم يتم تعويضهم من هذه الصناديق إلى جانب أن هذه الصناديق تستخدم لإثراء البحث العلمي وتطوير الوحدات الخاصة بالجامعة مثل وحدة الطوارئ.